ضحى الغد قلبك لو استفتيته لأفتاك! عبدالكريم بن صالح الطويان |
* إذا استمعت أو قرأت للأطباء، اطلعت على آفات الناس الجسمية والنفسية! وإذا استمعت أو قرأت للقضاة والمحامين اطلعت على آفات الناس العقلية والاجتماعية!
وفي كلتا الحالتين، الإنسان يضر نفسه، بل هو مغرم بضر نفسه: كيف يُفلح الإنسان وهو ما يسره يضره !
ودعنا من جناية الإنسان على جسمه حين يُسرع ويُسرف، وحين يسهر ويُدمن، وحين يُدخن، وعُد بنا إلى جنايته على عقله ونفسه حين يخالف الأنظمة، وحين يشهد بغير الحق، وحين يحلف بالله على باطل، وحين يُزوَّر، ويُماطل ويُدلس!
وتذكر أحد المحامين قضايا كثيرة مرت عليه، سر الإنسان فيها ما يضره، فوقع في المحذور، فجاء مستنجداً يطلب الخلاص، وجيء به مطلوباً بالحق الذي غيبه!
وقال هذا المحامي عن الحقيقة: إن أفضل ما يسعد الإنسان وينجيه في دنياه وأخراه، ألا يفعل إلا الحق، وألا يقول إلا الحق، وألا يسمع إلا الحق!
وصدق هذا المحامي الغارق في قضايا الناس الكاشفة عن ضعف الإنسان ونقصه وطمعه!
فالحق كالذهب النقي الصادق، إن خزنته أو دفنته أو أهملته سنين طويلة، فستجده أو يجده غيرك كما هو على معياره ووزنه ورونقه وقيمته لا يتغير ولا يتبدل بكر السنين، كذلك الحق قولاً وفعلاً وتقريراً (ثابتاً) لا ينازعك أحد على ثباته وصحته وصوابه!
وتأمل هل تجد فرقاً بين إنسان ارتكب محظوراً أضر بصحته، فذهب إلى الطبيب يطلب العلاج، وبين آخر ارتكب مخالفا للشرع أو النظام أو العرف فذهب إلى المحامي يطلب الحل! كلاهما أخطأ بحق نفسه، وعلى مقدار خطئه ستكون معاناته للخروج منه.
ونعود للحق فإنه لا يعرف بالرجال، وإنما يُعرف الرجال بالحق ! وهو مقياس قديم لمعرفة الحق، فالحق هو المعيار والمكيال وهو الأصل الثابت، أما الرجال فلهم أهواؤهم وشهواتهم وشبهاتهم ومطامعهم، وليس من العدل أن نتعرف إلى الحق عن طريق تعرفنا على أصناف من الرجال، ولكن العدل يقتضي أن نتعرف على الرجال من ذلك المأخذ الذي يأخذون به الحق فعلاً وقولاً واستماعاً وتقريراً, فالذي مع الحق هو الذي مع الهدى ومع الرشاد، والذي يُعرض عن الحق ويميل عنه ويصد عن طريقه هو الذي مضى مع درب الباطل.
سعادة الإنسان ونجاته في دنياه وأخراه هي بدرجة التزامه بالحق، وتحريه له وتطبيقه لقواعده، فعليه أن يسأل ويستشير ويستخير ولن يتوه أحد عن طريق الحق، فكل الناس يُرشدون إليه، ويُفتون به، حتى قلبك الذي بين جنبيك لو استفتيته لأفتاك بالحق,,!
|
|
|