تمنيت، أن اكتب (قراءات,, في إعلام وأعلام الدكتور عبد الرحمن الشبيلي) تقريظاً للكتاب الذي أصدره الاخ الدكتور عبد الرحمن، إضافة إلى مجموعة بحوث إعلامية نشرها في حينه، ليكون هذا التقريظ ممهداً لاستقبال كتابه الجديد، عن (الإعلام في المملكة العربية السعودية دراسة وثائقية وصفية تحليلية),, لقد كان بودي أن اكتب تلك (القراءات) لأقدم وجهة نظر، كنت أوردتها عند توثيقي لتأريخ (صحافة الخليج العربي,, الجرائد البصرية الصادرة بين عامي 1889 1971)، بعد ان لمست طروحات وردت في (إعلام وأعلام) بالنسبة الى صحافة ولاية الحجاز، وصدور جريدة (حجاز) الرسمية في 1326ه 1908م، طروحات توافقت مع ما طرحته بالنسبة الى صحافة ولاية البصرة، وصدور (جريدة بصرة) الرسمية، 1307ه 1889م، كلسان حال الولاية ومضافاتها الادارية سناجفاً وأقضية ومدى علاقة كل من الإصدارين، في كل من الولايتين بالاعلام السعودي الحديث.
تصورت، أن ما نشر في إعلام وأعلام كان أمراً مقضياً به، غير أن ما كتبه الدكتور الشبيلي في جريدة (الجزيرة) الغراء، بعددها 9924 في 23/شعبان/ 1420ه 30 نوفمبر تشرين الثاني/ 1999 وبعنوان صفحات مجهولة من تأريخ الإعلام,, اسرة آل الزهير السعودية تمتهن الصحافة خارج الوطن قبل تسعين عاماً ، معناه ان هناك طروحات وطروحات اخرى واخرى، يلزم استكمالها في الكتاب المزمع نشره، لهذا عدلت عن تقديم (القراءات,,)، انتظاراً لاستكمال ما بدأه الأخ الدكتور الشبيلي، من بحوث في دراسة هذا الاعلام الزاهر,, وهذا الأمر دعاني، أيضاً للكتابة عن البحث المنشور في الجزيرة الغراء، لا لغرض التصحيح والرد عليه، بل من أجل تأكيد التوثيق، من كون (جريدتي الدستور والدستور، وثقتا الإعلام والأعلام في الولايات العربية العثمانية وهما صفحات واضحة ومضيئة في تأريخ الإعلام) وأن الاتصال الاسري معناه تأريخ متصل بالإعلام السعودي الحديث وجزء منه ايضاً,, وبالتالي أجدني والأخ الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، قد توصلنا من خلال التوثيق هذا الى تصحيح أخطاء بعض من كتب في تأريخ الإعلام والأعلام، عندما ارادوا توثيقاً للإعلام العربي من خلال هاتين الجريدتين,.
لقد تأكدت وجهات النظر وتلاقت، عندما رفضت رأياً للأستاذ روفائيل بطي، وهو يؤرخ الصحافة العربية، معتبراً ان (جرنال العراق)، الملصق الجداري الذي صدر بعهد ولاية داود باشا عام 1816م، اي بما يزيد على نصف قرن، قبل صدور (جريدة الزوراء) لسان حال ولاية العراق عام 1869م التي اصبحت بالتالي لسان حال ولاية بغداد، وأكدت بأن لا يصح اعتبار الملصق الجداري لسان حال يؤرخ به تأريخ الإعلام,, وهكذا أيضاً رفض الدكتور الشبيلي ان تكون (المطبوعة) التي اشار اليها في تقريره المقدم لمؤتمر المملكة العربية السعودية في مائة عام بعنوان الإعلام في عهد الملك عبد العزيز 1319ه 1373ه/ 1902 1953م عند ذكر اصدارات ولاية الحجاز، اذ ظهرت أول مطبوعة رسمية في مكة المكرمة وهي التقرير الدوري للولاية الحجازية، الذي اصدرته مطبعة الولاية، عدده الاول عام 1302ه 1884 ، اي لم يعتبر الدكتور الباحث ذلك الملصق، او التقرير، اصداراً لتوثيق الإعلام، وأكد انه (ثم شهدت تلك الفترة البدايات الأولى للحركة الصحفية في الحجاز، عندما صدرت صحيفة حجاز الرسمية في عام 1326ه/ 1908م في اربع صفحات، بالعربية والتركية),, كما ان الدكتور الشبيلي في بحثه المنشور، الذي نحن بصدده، اكد ان ما ذهب اليه الأستاذ المؤرخ حمد الجاسر، في مجلة (العرب/ العدد الخامس/ 1387ه) عن الباحث والصحفي سليمان الصالح الدخيل عندما وصفه بأنه اول نجدي مارس الصحافة,, ، كان ذهاباً غير وارد، لأن منشأ الأسرة موطنها، وحيث اسرة الزهير السعودية موطنها (حريملاء) اي ان ابناءها وان تفرقوا في ارجاء العالم العربي العثماني، فإن أبناء تلك العائلة الذين امتهنوا الصحافة خارج الوطن قبل تسعين عاماً، كانوا اوائل الطلائع في الإعلام النجدي، أي أن ما قام به افراد من اسرة آل الزهير، في كل من تركيا والعراق في مطلع هذا القرن الميلادي العشرين,, منهم احمد باشا الزهير، كان قد أسس جريدة (الدستور) في مدينة أسطنبول,, بتأريخ 9/9/1326ه الموافق 4/10/1908)، ويضيف الدكتور (وبمقارنة الأسبقية في ممارسة الصحافة يتبين ان احمد باشا الزهير قد سبق سليمان الدخيل، بأكثر من عام، وذلك أن الدخيل أصدر جريدة الرياض في بغداد وفق رواية الشيخ حمد الجاسر بتأريخ 26/12/1327ه 7/10/1910م).
ان قانون المطبوعات العثماني، يلزم صدور الجرائد الممنوح امتيازها بمقتضاه بالولايات العربية بالأقل، بلغتين (العربية والتركية)، ويتحتم ان يكون صاحبها ملماً بلغتي الاصدار اضافة الى المدير المسؤول ومعناه، ان احمد باشا الزهير صاحب جريدة الدستور التي صدرت في 4/10/1908م صدرت باللغات العربية التركية، ولا يمكن لهذا الاصدار وباللغات المتعددة، الا وان صاحب الامتياز ملم بلغات المطبوع الصادر اي ان ما صدر في جريدة الدستور هذه اضافة للعربية والتركية، انها صدرت بالفرنسية والفارسية والأوردو ايضاً كما نثبته بهوامش هذا الايضاح، معناه ان صاحب الجريدة كان متبحراً باللغات التي أجيز بها الإصدار,,وإذا اعتبرنا كل من جريدة الدستور التي هي لسان حال (جمعية الإخاء العربي العثماني)، وهي الجمعية العربية التي وقفت في مواجهة الانقلابيين (جمعية الاتحاد والترقي)، عند انقلابهم على الدولة العثمانية، وهذا معناه ان هذه الجمعية معلومة الأهداف وواضحة المعالم ومحدودة الغايات، والأساليب، وان قياديها رجالات أمة عرفوا ما يريدون,, وكذلك (جريدة الدستور) لسان حال حزب الحرية والائتلاف, هي الأخرى والحزب التي تنطق بلسانه تمثل حركة وطنية عربية في مجابهة الاتحاديين,, اي ان كلتا الجريدتين (صفحاتهما واضحة) و(مجهولتان) في تأريخ الإعلام,, ولو ان بعض المؤرخين أبخسوا ما يلزم بيانه,, غير انه لم يبخل مدونو التأريخ بالإشارة الى صدورهما اي لكل من الجريدتين، إذ اعتبر الشيخ أمين عالي باش أعيان صاحب جريدة (التهذيب) والتي صدرت عام 1910م، وبالرغم من تعطيله لجريدته اثر تعيينه عضواً في محكمة بداءة ولاية البصرة، لم ينقطع عن الصحافة والعمل الصحفي، اذ وجدناه يكتب موضوعاً ترحيبياً بصدور جريدة الدستور لصاحبها عبد الله بن الزهير كلسان حال حزب الحرية والائتلاف، والتي سميت باسم جريدة الدستور لسان حال جمعية الإخاء العربي العثماني، لصاحبها احمد باشا الزهير، واكد بكلمته المنشورة بالعدد الثاني في الجريدة المرحب بها والصادرة في 10 صفر/ 1330، من ان جريدة الدستور الاولى هي اول الجرائد العربية في زمن الدستور وأن صاحبها أول صحفي عراقي في زمن الدستور,, ولا ندري لماذا غاب هذا الأمر في التوثيق على بال من ارخ (امارة الزبير بين هجرتين 979ه 1400ه) عندما ذكر في (أولويات) ج2 ص 138، خلافاً لما هو ثابت تأريخاً، لأن حمد باشا الزهير أول من امتهن الصحافة من ابناء القصبة، وذلك في عام 1326ه 1908م، اي ان الاشارة بتلك الأولويات الى اساتذتنا عبد الرزاق الحمود وفيصل يوسف الرماح، ويوسف الشرهان، لا تقلل من حكم الوثيقة ولا تبخس حق من امتهن الصحافة من ابناء القصبة، وليسمح لي استاذانا عبد الرزاق عبد المحسن الصانع وعبد العزيز عمر العلي ان اضيف على ما كتباه في ان اخوة لنا امتهنوا مهنة المتاعب ايضاً وهم من الزبير ايضاً وذلك استكمالاً لما طرح من أولويات,, وان من اذكرهم معرفون في التوثيق ايضاً وهم كل من المحامي حمد موسى الفارس بعدد جريدة صوت الناس ومجلة الفارس وتحمل مسؤوليات، اصدارات متعددة، وكذلك المحامي محمد عبد العزيز المانع صاحب جريدة البريد وكذلك المحامي بدر محمد المطير وقضوا وهم يمتهنون مهنة المتاعب وهناك آخرون، وكثيرون من الاطباء ممن امتهن الصحافة، وفي سنوات تقارب اضطلاع الأستاذ عبد الرزاق الحمود ورفاقه,, وهذا معناه أني سأثبت من ممارسات صحفية لابناء القصبة من قبل مؤلفي (الزبير بين هجرتين) بما في ذلك بطئهما في الأولويات الأخرى، حينما ذكرا (ان سليمان فيضي أصدر جريدته عام 1910، وان السيد عبد الوهاب الطبطبائي كان رئيساً لتحريرها)، امر يخالفه حقيقة كون (الاستاذ سليمان فيضي قد اغلق جريدة الإيقاظ بعد خلافه مع جمعية الاتحاد والترقي وسفره عن (طريق نجد) عام 1910، ومنها توجه الى الاستانة لإكمال او الحصول على اجازة بممارسته مهنة المحاماة),, ان الذي استعرضته يجعلني ان اذكر الأخ الاستاذ عبد العزيز عمر العلي كونه مضطلعاً على كنوز المكتبة العباسية، ومحققا لبعض وثائقها، انه لا يمكن ان يأتي بكتاب (,,بين هجرتين) غير خدمة للتأريخ، لهذا ليعذرني ايضاً استاذي عبد الرزاق الصانع عما ذهبت اليه,, ومن المفيد ان نذكر ان (الفقرة 36) في الأولويات الواردة في ج2، في (امارة الزبير) لا يمكن ان تنطبق المعلومة التي وردت عن (اول جريدة في العهد التركي,,) الا على جريدة الدستور التي أصدرها عبد الله بن الزهير ولم يكن للمرحوم سليمان فيضي ضلع في الإصدار وان عبد الله بن الزهير تنازل عن الجريدة بعد انتهاء العمل الحربي، ولتفرغ صاحبها الى مجلس المبعوث تنازل عنها الى السيد عبد الوهاب,وهذا ما ورد في جريدة الدستور الصادرة في ولاية البصرة، اذ اشارت بعددها 63 في 14 شعبان 1331ه الموافق 18 تموز 1912 انه تنازل حضره المفضال عبد الله بن الزهير عن امتياز جريدته الدستور فأصبحت من تأريخ هذا الإعلان خالصة لنا حيث رأى جنابه ان يتفرغ لخدمة امته ووطنه عن طريق المجالس النيابية ان القارىء، سيلاحظ مما اشار اليه الدكتور الشبيلي عن (جريدة الدستور) الصادرة في استانبول باللغة التركية، والتي كانت نسخة منها بحوزة سعادة السفير السعودي في تركيا الأستاذ محمد عبد الرحمن البسام، المثبت تأريخ اصدارها في 14/10/1908,, ان هذا التأريخ مؤشر هو الآخر على القسم العربي واللغات التي صدرت الجريدة، وان المتتبع يتصور وكأنها جرائد مستقلة عن بعضها,, اي انه من المؤكد ان القسمين العربي والتركي صدرا يوم 4/10/1908 اي في نفس يوم صدور النسخة التركية، وصدرت كذلك الدستور باللغة الفارسية والأوردو، هذا ما ثبت ضمن رسالة ندرجها في هوامش هذا البحث تعرض توثيق لغات الإصدار,اما القسم (الفرنساوي) في جريدة الدستور العثمانية، فقد اعلنت عنه الجريدة نفسها، ببيان صادر عنها وبالعدد 3 في 18 تشرين الأول/ أفرنجي 1908 ما يفيد من أنه صدر في الاسبوع الماضي العدد الأول من جريدتنا الدستور الفرنساوية، وسيصدر في هذا اليوم العدد الثاني وقد عهد بتحريرها الى حضرة الكاتب المجيد شكري افندي باحوط، وهو من صفوة الأدباء الذين تفردوا بالبراعة، وأحرزوا قصب السبق في اللغة الفرنساوية، وقد عجب القراء بنفثات اقلامه التي هي السحر الحلال والعذب (الزلال)، فمن هذا الاصدار تستدل على ان هذه الجريدة لها من الإمكانات التي تصدر بعدة لغات وان صاحبها احمد باشا الزهير، هو الآخر من المتصلين باللغة الفرنسية، ومن الدارسين في جامعات باريس ومن المثقفين العرب في ولاية البصرة وعلى صعيد الوطن العربي ومن قيادات العمل العربي المنظم الذي تمثله الجمعية التي عبرت الجريدة عن أهدافها,, .
*محامٍ من المؤرخين العرب الرياض