لقد ساد الاعتقاد طويلاً ان الشيخوخة هي منحدر العمر,, لكن جورج صاند - الكاتبة الشهيرة - تقول العكس, فجسمنا لم يعد كما كان منذ عشرين سنة، غير ان ذلك يجب ألاّ يدفعنا الى عدم ايلاء الاهتمام بالجسم، فالمحافظة على الشباب في مرحلة الشيخوخة تقوم على تنشيط الذاكرة، والغذاء المتوازن، وممارسة الرياضة.
ولكن السؤال القديم المتجدد يظل قائماً: متى يدخل الإنسان مرحلة الشيخوخة الحقيقية؟ هذا السؤال مطروح على الدوام، فالشخص الذي له من العمر 150 عاماً يبدو كهلاً في نظر ابن الخمس سنوات,, ولكن كيف يبدو في نظر ابن السبعين؟, فبالنسبة الى الكثيرين بيننا، يعتبر سن الستين بداية مرحلة الشيخوخة,, وثمة مؤشرات واعراض اخرى للشيخوخة، كضعف البصر او السمع,, ولكن ما يعوّل عليه هو الحيوية والنشاط العام والكفاءة والاقدام على الحياة، فما همّ لو ذاب نصف الشمعة طالما ان نورها يظل ناشطاً يعطي النتيجة نفسها؟.
واذا كان احد العلماء يقول ان الانسان يبدأ في الشيخوخة منذ الولادة، فإن آخرين يقولون ان الكثيرين من الكهول يموتون شباباً, والحقيقة ان هناك بعض وظائف الجسم تتلف بسرعة اكبر من غيرها، كالسمع والبصر، وبخلاف ذلك هناك انسجة تتجدد على الدوام، ويبدو انه حتى الدم يمكنه ان يتجدد على مدار نحو 300 سنة.
وعندما يصرح الانسان قائلاً: (الذاكرة بدأت تخونني),, فماذا تعني هذه العبارة؟,, وهل لها علاقة بتقدم العمر وبداية الدخول الفعلي في مرحلة الشيخوخة؟.
البعض يعتبر ان الذاكرة التي تخون صاحبها هي مؤشر بارز وملموس للشيخوخة,, لكن الحقيقة غير ذلك, فهناك الكثيرون من المسنين الذين يتذكرون الاحداث والوقائع والتواريخ منذ الطفولة، فإذا ما وضعنا في اذهاننا ان الشيخوخة تعني فقدان الذاكرة، فإنما يهدد ذلك بالوصول الى هذه المرحلة, فالذاكرة ترتبط بالانتباه الذي نعيره للاحداث, ولنأخذ حالة شخصين او ثلاثة اشخاص يدلون بشهاداتهم حول حادث معين فكل شخص يتذكر بأنه رأى شيئاً لم يره الآخر حكماً، وينبغي الا ننسى على الاطلاق ان الجزء الاكبر من ذاكرتنا يرتكز على انفعالاتنا.
وحول اساليب مواجهة هذه الحالة والوقاية من الانزلاق السريع في دائرتها يقول الدكتور ريتشارد ماير استاذ مادة الكيمياء الحيوية في جامعة ميتشغان ورئيس قسم علاج امراض الشيخوخة: الغذاء السليم للبقاء في صحة سليمة,, تلك هي الصيغة التي يمكن ان نستعملها في كل سن، علماً بأن كل الاخطاء والنقص في التغذية ندفع ثمنها ذات يوم، ولا سيما مع تقدم العمر, وثمة اجراءات وقائية يجب نبينها سواء في سن العشرين او الثمانين، ومنها عدم الافراط في تناول الطعام، وتجنب الافراط في اي شيء، وتناول الاطعمة على مهل، كما يجب عدم الاهتمام بالانظمة الغذائية الصارمة التي يفرضها المتقدمون في السن على انفسهم.
ومن اجل غذاء سليم يؤثر الدكتور ماير بعض النصائح على الشكل التالي:
* اولاً ينبغي تناول كميات كافية من الماء كل يوم، ويمكن كذلك تناول الحساء، والشاي من وقت لآخر.
* يجب عدم نسيان الملح كلياً، ولكن ينبغي عدم اساءة استعماله، خصوصاً بالنسبة الى الاشخاص الذين يعانون من قصور شرياني.
* لاشك في ان البروتينات ضرورية لتجدد انسجتنا، ومن الضروري ان ننظم اغذيتنا ونضم الى وجباتنا اللحوم، الاسماك، مشتقات الحليب، الاجبان، البيض، الحبوب الكاملة، الحمص، العدس,,, الخ.
* يبقى ان نعرف متى نأكل: اول وجبة صباحاً، وثاني وجبة ظهراً، ووجبة خفيفة مساء، إنها افضل وسيلة لعدم زيادة الوزن، لأن هذه الزيادة مشكلة تكبر مع تقدم العمر، والسبب في ذلك اننا نفقد مع تقدم السن الكتلة العضلية تدريجياً، لتحل محلها الكتلة الدهنية الاحتياطية.
* من المهم جداً ان (نشغّل) كل عضلاتنا، في اي سن كنا، ولهذا السبب، فان التمارين الرياضية، والمشي، والسباحة، او ركوب الدراجة النارية، هي من النشاطات التي يجب عدم اهمالها,,
ولكن ما يتطلب منها جهداً كبيراً ينبغي استشارة الطبيب قبل ممارستها.
* مترجمة عن مجلة (بوبيلر سيانس)