عزيزتي الجزيرة,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
ومضينا نقلب صفحات مشرقة في تاريخ ادبنا العربي النفيس، نقرأ سيرة ادبائنا ونتأمل مواقف مضيئة رسمها شعراؤنا لنطل على ميدان الفكر ونقف على ضفاف المعرفة.
دعونا نتخيل لقاءات عشناها معهم وحوارات وددنا لو اقمناها ليصوروا لنا ثقاقة شباب هذا العصر الموسومة بالضحالة في غالبها.
بالتأكيد سنجد ابا الطيب المتنبي قد خلد للنوم وقد اطفأ مصباحه بعد ان اخبرنا بخبر جليس ثم قال: انام ملء جفوني عن شواردها ,, ولن نغضب من ابي تمام وقد انصرف عنا وهو يردد انكم لا تفهمون ما يقال,, وحينما نعرج على ابي العلاء المعري نجده قد اغلق على نفسه في معرته داخل بيته ليصبح رهينا للمحبسين ولا مانع من ان نقف بباب الشريف الرضي وهو يحتفي بالشعراء غير آبه بنا,, وسنوافق الشافعي وهو يتحدث عن هذا الزمن نعيب زماننا والعيب فينا لنظل نشكو تحت وقع الا ليت شعري ثم نقطع حبال الرحلة!
آه منكم شباب اليوم فكل الشعراء رفضوا تصوير جموحكم ولهوكم وانصرافكم عن ساحات المعرفة ودروب العلم.
لقد انشغلتم بالقشور والبهرجة والانغماس في امواج التقليد، جذبتكم منازع شتى يجمعها اللهو والعبث والرغبات العارمة.
فهناك فئة ادمت البلوت حتى صار هاجسا مؤرقا وسلوكا يقيد عطاءهم ويغتال طاقاتهم ويسرقهم من بيوتهم ومجموعة شغفت بالقفز الماتع بين مواقع الانترنت بحثا عن زيارات للفضول المشرف لتحل على ربوع مغرية وثلة التصقت بالشيشة لتشكل ملامح فكرها المبجل وترسم جلسات لم تكن طارئة في برنامج ليلي معتاد وهناك من عشق الرحلات وركوب السيارات ومضى يجوب الحارات ويذرع الطرقات باحثا عن مشاريع الترويح وقتل الوقت.
مضينا نفتش عن بريق معرفة او وميض فكر او ملمح ثقافة فرجعنا بخفي حنين لاسيما وتلك القنوات الخجولة تذرف برامج الاثارة ودوائر الاغراء عبر هطول صاخب مصحوبا بعزف منفرد على وتر الجنس تتقاطر الجموع الى رحاب استراحتهم المصونة وتبدأ مراسم السهرة البريئة ويتواصل مسلسل التحري والتنقيب عن موادهم المترعة بالحشمة ,.
وهاهم يبددون القيم ويعيشون بالفكر ويخدشون جبين الحياء ويقيمون موائد السهر ويملؤون الجو بالضجيج.
يمضي الليل سريعا يستحث الخطا وهؤلاء يسافرون بين قنوات الفضاء الرحب عبر نزوح مر مجرد من الحياء تتقاذفهم مناظر الاغراء وتسحرهم لوحات الغرام وتسلب عقولهم مواقف الهوى وتخدر مشاعرهم حوارات الهيام وهاهو الاحساس يغفو وأنى له ان يستيقظ وللفيديو كليب حضور مدهش طاغ.
ولم يزل هؤلاء تبهرهم الاعين النجل والمحيا المثقل بالماكياج، واناقة تصحبها لباقة لدى مذيعة بديعة.
لم تكن السماء صحوا ولا الشمس صافية ولم تكن درجات القنوات معتدلة بل كان جو الحياء باردا ومعبأ بالصقيع والفضاء ملبدا بسحب الهوى ساعات مثخنة بالاهدار ولم يكن الهدف سماع نشرات الاخبار.
انما كانت هناك قصص وحكايات ومناظر تتهشم منها المرايا وتضيق الزوايا,, آه لم يعد للبوح بقايا.
مضت اعينهم تلاحق فراشات السينما وساحرات الرقص وملكات الجمال وربما اقاموا المقارنات وتابعوا المسابقات وكأن المسافة قد ضاقت بين جنون البقر وجنون البشر.
آه من زمن ضاعت الموازين فيه وتاهت القيم,, وبنى الليل من ظلمائه القمم,, واستبد بالمروءات الألم.
يا شباب اليوم انتم حماة الدين وبناة حضارة الوطن,, أوما دريتم بأن للوقت ثمنا,, اضيئوا الزمن,, ارسموا على ساعد الوقت آثار الكفاح,, ودعوا المبادىء تشمخ في كل البطاح ,, فبكم تزهو الميادين تشرق آفاق النجاح.
محمد بن عبدالعزيز الموسى
الشقة بريدة