أوراق الأمس الجزيرة تقلب أوراق المرحوم صالح العطيشان رئيس شرطة القصر الملكي في عهد الملك عبدالعزيز وأمير رأس تنورة والمنطقة المحايدة كمايرويها ابنه سلمان: من مدرسة الملك عبدالعزيز نهل العلم والمعرفة والتضحية من أجل الوطن العطيشان بدأ عمله في شرطة جدة ثم في شرطة الرياض عند تأسيسها عام 1351هـ |
*لقاء: عبدالرحمن التويجري
يدور الإنسان في معمعة الحياة وعلى رحى مضامين الاحداث في لياليه وايامه فالذكريات الجميلة تعيش في محياه,, وتقوده الى مسايرة ذلك العقد الزاهر الذي يؤكد لنا أن هناك بالفعل اوراقاً لم نطلع عليها او ندرك ماخلد فيها من الامس وحتى اليوم فلايزال يبقى للامس صوره,, وللحياة القديمة ذاكره والذكرايات تظل نبراساً يدق في خلد أفكارنا,.
ولقاؤنا اليوم مع رجل له الصولة والجولة ضمن الرجال الأوفياء الذين خدموا وبكل حيوية واريحية هذا الوطن مع القائد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه حيث تقلد ضيفنا عدة مناصب وفي مناطق عديدة في بلادنا انه الشيخ/ صالح بن عبدالله العطيشان رحمه الله,.
والذي يحدثنا عنه ابنه الاستاذ/ سلمان بن صالح العطيشان ويذكرنا بذكريات والده ويقلب لنا اوراقه وتجاربه قبل ان يطويها النسيان, فإلى اولى أوراق ضيفنا لهذا الاسبوع:
حيث ولد الشيخ صالح العطيشان بمدينة بريدة عام 1334ه هو ثالث أخويه محمد وتركي ابناء الشيخ عبدالله العطيشان وله من الابناء تسعة عشر منهم ثمانية ذكور,
اكبرهم عبدالله/ مدير شركة الغاز سابقاً.
وعدد احفاد الضيف قرابة (120) من الذكور والإناث.
نشأته وطلبه للعلم
ويقول عنه ابنه سلمان لقد تعلم القراءة والكتابة عند المعلمين والمربين الاوائل في عصره ببريدة,, بدأ السعي في طلب المعيشة في سن مبكرة لكونه كبير البيت لوفاة والده وسفر اخويه محمد وتركي خارج البلاد, حيث حج رحمه الله بوالدته وهو في الثانية عشرة من عمره على ظهور الإبل وكان أهلاً للمسئولية أسوة بأبناء عصره من أهل نجد,.
التحاقه بمدارس الفلاح بجدة
ويقول عنه ابنه سلمان عندما علم الوالد رحمه الله بوصول اخيه محمد العطيشان عميد الاسرة قادماً من مصر بعد غياب خمس عشرة سنة عن البلاد وتوليه ادارة شرطة جدة سافر الوالد من مدينة بريدة الى مدينة جدة مصطحباً والدته حيث تم اللقاء بينه وبين اخيه محمد الذي كان يجلس كل يوم بمدخل جده ينتظرهم بكل شوق ولهفة على فرسه,.
ثم التحق صالح العطيشان بمدارس الفلاح بجدة عام 1349ه.
ومنها بدأ عمله الحكومي حيث عمل بالشرطة بجده كاتباً لتميزه بحسن الخط وصياغة الكلمة واسلوبه المبدع.
سفره إلى الرياض
وعندما امر الملك عبدالعزيز رحمه الله محمد العطيشان بتأسيس شرطة الرياض عام 1351ه جاء من الحجاز محمد ومعه كل من ابراهيم السالم وتركي العطيشان وعودة العودة وصالح العطيشان (الضيف) وآخرين,.
حيث عملوا جميعاً بشرطة الرياض عند تأسيسها,, وكان صالح العطيشان قد عيّن محاسباً برتبة عالية بالشرطة لما يتمتع به من اجادة لتلك الوظيفة وكان إلى جانب ذلك يرافق اللجان لتجنيد ابناء البادية للانخراط بالعسكرية.
عمله بشرطة القصر الملكي
ثم اختير بعد ذلك صالح العطيشان ليكون رئيساً لشرطة القصر الملكي لمافيه من الصفات التي تزكيه لشغل ذلك المنصب حيث كان لعمله بمقربة من الملك عبدالعزيز عظيم الأثر في مشوار حياته العلمية والعملية وحب التضحية من اجل الوطن واهله.
وقد وجد الشيخ صالح في شخص الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله التواضع والاستقامة والحث على الفضيلة والحرص الشديد على إقامة عمود الدين (الصلاة) ومجازاة من يتهاون بها ولو كان من أبنائه.
وكان يرافق الملك عبدالعزيز وسمو ولي العهد الملك سعود بالمناسبات والزيارات والاعياد في تنظيم المواكب الرسمية والتي كانت تقام بأصطحاب الخيول العربية الاصيلة لكونها الوسيلة السائدة في ذلك الوقت,,وكانت تسند اليه بعض المهام والاعمال من قبل الملك عبدالعزيز والملك سعود رحمهما الله تعالى.
حبه للفروسية
والى جانب عمله بالقصر الملكي يقول سلمان العطيشان عن والده لقد كان عاشقاً للفروسية ومشغوفاً بحبها حيث كان رحمه الله يوليها اهتماماً كبيراً وكان يشارك بها في سباقات الفروسية منها مايخصه او مايخص أخاه محمد الذي كان يشغل منصب مدير الشرطة آنذاك.
عمله بالتجارة
وقد استقال من الشرطة بالقصر الملكي لطلبه وعمل بالتجارة بمدينة الرياض لما للتجارة من تمكن في قلوب أهل نجد وخاصة أهل القصيم وقد عمل لمدة عشر سنوات تاجراً استطاع خلالها أن يكون له اسماً تجارياً لامعاً في مدينة الرياض في ذلك الوقت,.
توليه إمارة رأس تنورة
ولحاجة البلاد في ذاك الوقت الى شغل المراكز الهامة بكوادر وطنية اتصل الأمير سعود بن جلوي أمير المنطقة الشرقية آنذاك بصالح العطيشان لأجل توليته إمارة رأس تنورة,.
حيث أبدى أعتذاره لارتباطه التجاري وعلاقته بالتجار ولكن اصرار والحاح الأمير سعود بن جلوي لمايرى في شخصية العطيشان من مكانة لملء ذلك المنصب مما جعله يضحي بعلاقاته التجارية التي بناها طيلة عشر سنوات من أجل خدمة الوطن حيث تولى الإمارة برأس تنورة وذلك في عام 1371ه, والى جانب منصبه ذلك يقوم الوالد رحمه الله باعمال إدارة المشاريع ومتابعتها ويترأس اللجان التي يكلف بتشكيلها الى جانب انه كان رئيس الهيئة الملكية الخاصة لشؤون العمال,, ويرافقه في المهمات الرسمية كل من الشيخ/ اللواء عبدالعزيز بن رشيد مدير عام خفر السواحل والشيخ عبدالرحمن بن شعوان مدير البلدية بالخبر.
وكان يشارك ابن جلوي باستقبال ضيوف المنطقة من جميع الاقطار ومن كبار من زاروا المنطقة الشرقية في ذلك الوقت الملك سعود بن عبدالعزيز الذي زار رأس تنورة وقد ابدى الملك سعود شكره وتقديره لجهود العطيشان في عمله.
إمارة المنطقة المحايدة
ويضيف سلمان العطيشان: عيّن الوالد رحمه الله اخيراً اميراً للمنطقة المحايدة وذلك سنة 1381ه عندما كانت تضم الخفجي ميناء سعود الوفرة وكان مقر الإمارة ميناء سعود حيث كانت المنطقة المحايدة ذات اهمية كبيرة لكونها منطقة نفطية ولها حدود مع الدول المجاورة.
وكان له جهود ايضاً بالمنطقة وقت التقسيم على عهد جلالة الملك فيصل يرحمه الله الى جانب ذلك لم يتمكن الشيخ صالح العطيشان رحمه الله من اخذ كامل اجازاته الرسمية طيلة مدة عمله حيث العمل يتطلب تواجده باستمرار وكان ايضاً يتولى شؤون البادية مع استقباله للمراجعين ليل نهار في منزله ومكتبه.
رجوعه إلى مسقط رأسه
وبعد الاستقاله عاد الى مسقط رأسه (بريدة) سنة 1386ه إذ كان من أوائل المزارعين بالمدينة ولم يتوقف عن الاسهام بإنماء بلده حيث كان له جهود كبيرة بمدينة بريدة مثل رئاسة بعض اللجان الانمائية,.
كما كان عضواً دائماً في اللجان التي كانت تعقد بالمنطقة واصبح مرجعاً ومكاناً للمشورة وكان هو وأمثاله من أهل المنطقة دائماً على أتصال بولاة الأمر بما يعود على البلاد بالنفع والفائدة والمصلحة العامة.
العطيشان وعشقه لبريدة
ولانه ليس غريباً على اي مواطن أن يحب بلده او مسقط رأسه فهذا واجب ووفاء للدين فقد عاد لها العطيشان مذكراً بحب الملك عبدالعزيز لهذه المنطقة حيث كانت بريدة تلك المدينة العريقة تحظى بحب مؤسس هذه البلاد ذلك الإنسان الذي جمع الله على يديه شتات البلاد.
ويضيف سلمان العطيشان لقد كان الوالد يقول: كان الملك عبدالعزيز يقضي بعض اوقاته بمدينة بريدة وبصحبته ابناؤه الملوك والامراء,.
وكان يرحمه الله يسعد بالالتقاء بالعلماء ورجالاتها الاوفياء الذين وجد فيهم الخصال الحميدة فرحمك الله يامن جعلت من هذه الصحاري كياناً عظيماً وحضارة قوية منهاجها الكتاب والسنة.
وفاته رحمه الله
وعن وفاة شخصيتنا لهذا الاسبوع يقول عنها ابنه: لقد انتقل الوالد صالح الى جوار ربه بعد حياة مديدة حميدة وسمعة طيبة وقد حضر الصلاة عليه جمع غفير من الناس والعلماء كان يتقدمهم صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم وصاحب السمو الأمير فهد الفيصل يرحمه الله,.
أخلاقه وصفاته
وكان العطيشان يرحمه الله يتمتع بصفات مميزة واخلاق فاضلة ومحبة للخير وأهله بعيداً عن الكبر والخيلاء يكرم الضيف ويساعد المساكين ويعطف عليهم وكان زاهداً في الدنيا طيلة مشوار حياته بعيداً عن جمع حطامها حيث توفي وليس له غير منزله الذي يسكن فيه,.
وقد تلقينا العديد من الرسائل بعد وفاته من محبيه واصدقائه ومعارفه معبرين عن الاسى والحزن على فراقه وكذلك ما قرأناه من الرثاء عن شخصه رحمه الله,.
فمن ضمن الذين رثوه يوسف الدخيل الله وذلك في 1/1/1996م بقصيدة منها:
مرحوم يامن شيعوه المساكين
وايتامها وابن السبيل وفقيره
هذاك صالح تاج راس العطاشين
كلٍ غدا عقبه برجل كسيره
فجعتنا بالليل والناس ممسين
وفرقاك عنا يشهد الله كبيره
الملك عبدالعزيز كان شديد التواضع والاستقامة
* هل روى لكم الوالد شيئاً عن مواقفه وذكرياته مع الملك عبدالعزيز ؟
كان يروي لنا اشياء كثيرة عن الملك عبدالعزيز من التواضع والاستقامة وكان غير معجب بنفسه حيث كان يقول أن هذه المملكة توحدت بتوفيق الله عز وجل وليس بجهودي الضعيفة، وكان يقول إنني ارمي الرميه وأشوفها عوجاء والله سبحانه الذي يعدلها ويصيبها.
أصدقاء
ويضيف سلمان العيشطان ان والده يعتز بان يكون صديقاً لصاحب السمو الملكي الامير متعب بن عبدالعزيز وزير الأشغال العامة والإسكان حيث كان يرافق سموه دائماً وخاصة ايام المقناص وصاحب السمو الامير فهد بن محمد بن عبدالرحمن وصاحب السمو الامير فهد الفيصل,.
الأعمال التي شغلها اخوانه
وعن الاعمال التي تقلدها اخوة صالح العطيشان فإن محمد العطيشان الاخ الاكبر وهو الذي اسس شرطة الرياض على عهد الملك عبدالعزيز ثم عين أميراً لمدينة قريه حينما كانت مهمة ومركز الجمارك الشرقي لجميع الواردات من الكويت والعراق وكان مركزها مهم خاصة بعد حرب السبلة والدبدبة.
اما اخوه تركي العطيشان فكان رئيس شرطة المربع التي أصبحت نواة للجيش العربي السعودي,.
ثم أمير رأس تنورة وقائد بالبريمي واخيراً نائباً لابن جلوي أمير المنطقة الشرقية آنذاك,, أما صالح العطيشان فتقلد منصب رئاسة شرطة القصر الملكي وتولي بعد ذلك امارة رأس تنورة على عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله, وكانت أول مهمة اسندها له الملك عبدالعزيز هي الاهتمام بالمدرسة الخاصة بالأمراء بالرياض.
مع أبنائه
وعن علاقته بابنائه فقد كان الضيف رحمه الله أخاً صديقاً ووقت الجد مربياً شديداً ويقول ابنه سلمان وكان يفرح بنا أكثر عندما يكون معنا ابناؤنا الاطفال اذ هو يحبهم كثيراً ويشفق ويعطف عليهم
حكم وأمثال
ويضيف كان الوالد يقول الحكم والامثال ويردد بعض الاشعار الجميلة من العربية والعامية وكان فطناً جداً وحافظاً قوياً,.
في نهاية هذا الحديث عن ضيفنا الشيخ صالح العطيشان يقول ابنه سلمان: انني اشعر بالفخر بصفتي أحد ابناء اولئك الرجال الذين خدموا هذا الوطن الغالي على عهد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله تعالى.
والذي جعل من هذه الصحاري القاحلة والقبائل المتناحرة كياناً عظيماً وحضارة قوية واخوة منهاجها الكتاب والسنة حيث انتشر العلم وساد الأمن ولله الحمد والمنه.
كما يسعدني أن أرفع بهذه المناسبة أسمى آيات التهاني والتبريكات الى مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز والى صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني والى صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام, والى صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز امير منطقة القصيم والاسرة المالكة والشعب السعودي الكريم وذلك بمناسبة مرور مائة عام على فتح الرياض وتأسيس المملكة, والتي جنينا من خلالها تطوراً عظيماً ونجاحاً كبيراً ماكان ليتحقق لولا توفيق الله تعالى ثم بجهود وتكاتف ابناء هذا الوطن الغالي والتوجيهات السامية من ولاة الأمر حفظهم الله, وأخيراً أسأل الله عز وجل ان يحفظ لنا ديننا وبلادنا وولاة أمرنا,,وأقدم شكري الخاص لصحيفة (الجزيرة) على هذا اللقاء المبارك.
|
|
|