مدير يدير ومدير يدار، مدير ذكي وآخر غبي، مدير صادق ومدير أفّاك، مدير مجتهد وآخر مهمل، مدير حليم ومدير أحمق، مدير ينطلق في قراراته من إخلاص وصدق وولاء، وآخر ليس له هم سوى المحافظة على وظيفته ووجاهته ومصلحته، مدير يسمو بنفسه وبعمله، وآخر يهوي بذاته وإدارته، ومدير خليط من ذلك بنسب متفاوتة,
والمدير سواء كان في القطاع الخاص أو القطاع العام، سواء كبرت مهامه وكثرت، أو صغرت وقلت فلابد له من اتخاذ عدد من القرارات اليومية ذات الأثر على المنشأة أو الدائرة التي يعمل بها، كما أن للبعض من قراراته أثراً على العاملين في دائرته، والمتأثرين به في نطاق قطاعه، وهذه القرارات التي يتم اتخاذها ومن ثم تنفيذها هي البوتقة التي من خلالها تنبثق عجلة التنمية، ويستمر النماء والعطاء,
وعالم اليوم في تسارع عجيب، وتسابق مهيب، ليس فيه مجال لمتهاون سيان لديه يومه وغده وبعد غده، وعامه الذي هو فيه، وعامه الذي يليه، فإن أردنا أن ندخل حلبة سباق الانتاج والنماء الحقيقي، فلن يكون هناك مساحة لأولئك المديرين الأفّاكين الذين يجيدون فن الحديث، ولا يجيدون الإنتاج، إما لأنهم أغبياء لا يحسنونه، أو لأنهم كسالى لا يرغبونه، ينمقون الكلام ويبدعون في الاخراج، ويتلاعبون بالإحصائيات كيفما شاءوا وأينما حلوا، فيخيل للسامع من ملقهم وحسن تصنعهم أنهم صادقون مخلصون، وهم أبعد ما يكون, لسنا في حاجة إلى من يضفي على المنشأة التي يديرها أو الدائرة التي يرأسها مسوحاً من التجميل والتمليج في الوقت الذي تشتكي ويشتكي العاملون بها والمستفيدون من خدماتها صنوف الإهمال وعدم المبالاة، لأن ذلك الصنف من المديرين لا يريدون أن يعملوا، ولا يريدون لنتاج إهمالهم أن يظهر للعيان, والذي لا يعمل هو الذي لا يخطىء، أما أولئك العاملون الجادون المخلصون فهم يصيبون في الكثير ويخطئون في القليل,
وفي عالم اليوم، ليس هناك متسع لمن يريد تثبيط عزائم الغير والحد من نجاحهم لكون منشأته أو إدارته تئن تحت وطأة سوء إدارته، ولأنه عاجز عن مجاراة الغير فلم يعد له سبيل سوى محاولة التثبيط والتقليل من قدرات المنافسين الناجحين.
إن المنشأة الناجحة في القطاع الخاص هي تلك التي تحاول تحسين الإنتاج كماً وكيفاً لتبزّ به اقرانها، كما أنها لا تقف عند حد في التطوير والإبداع بل هي في تقدم ونماء مستمر ومتأثرة ومؤثرة إيجاباً على مثيلاتها من المنشآت.
كما أن الدائرة الناجحة في القطاع العام هي تلك التي يضع رئيسها نصب عينه خدمة المواطن عملاً لا قولاً، إخلاصاً لا تملقاً، مع قدرة في الأداء، وزخم في العطاء، الدائرة الناجحة هي من يعمل رئيسها على تفجير طاقات زملائه، والرفع من شأنهم، هو من يكون قدوة لزملائه في حضوره الى المكتب مبكراً ومغادرته في وقت الخروج، هو من لا يلتمس العذر لنفسه ويحاسب غيره، إننا في عالم يحتاج إلى العطاء، والعطاء، والعطاء,
د , محمد البشر