لما هو آتٍ التوقيت وليس الميلاد د,خيرية إبراهيم السقاف |
المنظومة البشرية فوق سطح الأرض تجمعها أمور شتى، تبدأ بغريزة حب البقاء، وتنتهي إلى غزيرة التملك,,, وبين البقاء والتملك تندرج توافقات كثيرة يشترك فيها الإنسان والآخر,,, ولأن أساليب التعامل مع الحياة، ونمطية السلوك الإنساني في التعبير عن الانتصار الذي حققه الإنسان من أجل أن يعيش: فصنع، وصنع، وصنع، وسخَّر، وسخر، وسخَّر، وبنى، وبنى، وبنى، مما لا يحصى، ولا يخفى,,,، فإن اقتراب خطوة الإنسان للآخر من خلال ما ابتكر وصنع وسخَّر,,, جعلت الناس تتعامل في الحياة بأساليب ووسائل متماثلة بل موحدة، خيرُها يقع أثره في نتائج محصلات حياة الجميع، وشرَّه ينسبغ على الجميع أيضاً.
فما بال القوم الآن والأقوام في العالم بأمميته تتهيَّب العام الأخير في آخر أيامه من القرن العشرين، وهم يرفضون التفكير في حدوث مشكلة من مشكلات الإنجاز الحضاري التي يتوقع حدوثها وأيسرها صعوبة وخطورة تعطل (الثلاجات)، أو توقف وسائل الاتصال، وأكثرها صعوبة ما تكون نتائجه القضاء على حياة شرائح لا تحصى من البشر؟!,,.
إذا كان هؤلاء القوم يتعاملون مع الكمبيوتر، والآلات الحاسبة في المصانع، والدوائر، والهواتف والطائرات، والسيارات، ومحطات الكهرباء، وأجهزة المستشفيات,,, ,,,و,,, ,,,و,,, فكيف لا يشترك الهَمُّ,,, ويتوحَّد التَّوجس؟,,.
لقد تعوّد بعض الناس أن يهربوا من أية مشكلة تنذرهم,,, إما للخلوص من إزعاج التفكير فيها، أو التنبؤ بمرورها دون أن يلحقهم شيء من مغبَّاتها، وإما ركون إلى التّوكل,,, الذي لا يتنافى مع العمل بل يفرضه,,.
وإذا كان الناس تقبلت الحضارة الحديثة بكل إفرازاتها,,, تأخذ منها وتنتفع بمعطياتها، وتتزيَّا بأساليبها، وتفاخر بنجاحها وهي تتعامل معها,,, فكيف تهرب من سالب نتائجها، ومقلق خواتمها، ومخيف توقعاتها؟,,.
إن المرء بإيمانه التام لا يُعفى من أمر الاجتهاد للتفاعل مع الحياة وإفرازاتها وتوظيفها الوظيفة المحققة لفائدته كي يكون فعَّالاً ومنتجاً، ولا يهرب من/ وقتما يريد، ويغرق في/ وقتما يشاء، ولأن العرب أمة مستهلكة لمنجزات الحضارة بأكثر مما هي منتجة لها,,.
فإن العرب أول من يفكر في الهروب من المشكلات المخيفة المتوقعة من منجزات حضارة الألفية الثانية التي بانتهائها ستحلُّ بالعالم بعض الكوارث التي وُضعت فوق طاولات البحث والتقصي والدرَّس والهدف من ذلك الوصول إلى كيفية معرفية للخلوص مما هو متوقع من أحداث متفاوتة بحلول اليوم الأول/ الأخير لهذه الألفية,,.
أتوقع أن يكون من اللائق التفكير مع الناس في العالم في الهمِّ الإنساني الموحَّد الذي هو من محصلات الحضارة الحديثة مما دفع إليه حب البقاء وحب التَّملك، للخلوص إلى كيفية الخروج مما هو متوقع من مشكلات,,, أقلها أن يتحول النور إلى ظلام، ويعود الناس إلى عهد الصحراء وضوء القمر، مما حدا بالأغلبية الحصول على مولدات كهرباء، تتدرج إلى توفير الشموع!!,,.
ذلك لكي لا تظل مجتمعاتنا مجتمعات استهلاك عند العرض المربح، أكثر مما هي مجتمعات إنتاج ومشاركة قرار، فكيف يواجه القادم دون كوارث ليس الهدف منه الزمن الميلادي بقدر ما يكون الهدف منه هو (التوقيت) الذي وُضعت عليه كافة منجزات الحضارة الهامة التي تتحكَّم في معاش وحياة وتعامل البشرية.
لذلك أتوقع ألاَّ يكون موقف العرب من هذا الشأن موقف المتفرِّج، أو الرَّافض، أو المحاوِل، وإنما موقف المتعامل مع منجزات الحضارة الذي يمكنه أن يغوص في مساربها ويخرج بنتائج تفيد، وتضيف ومن ثمَّ تخفف من حدَّة المتوَقع,,,.
|
|
|