رياض الفكر رمضان,, أم رأس السنة؟! سلمان بن محمد العُمري |
قال لي صديقي الذي يعمل في مكتب للسفر والسياحة,, هل تعلم متى سيكون رأس السنة؟ قلت له لا يعنيني الامر كثيراً، فقال لي: ان الامر جدي ومهم، وسيكون رأس السنة أو عيد رأس السنة كما يطيب للكثيرين ان يسموه بعد ايام قليلة تقريبا، وبالتحديد سيكون يوم الجمعة 23 رمضان، فقلت له: انها مصادفة يمكن ان تحدث.
قال لي: اسمع يا ابا ريان، هل تعلم ان الحجوزات لدينا اصبحت أكثر بكثير مما أتصور او تتصور انت، نعم حجوزات سفر لقضاء سهرة نهاية العام في بلاد بعيدة، وماذا سيحدث هناك لا يعلمه الا الله، انهم يخططون لليلة العمر كما يقولون، ولاستعادة الشباب، ولرؤية العالم على حقيقته، وللاطلالة على القرن المقبل من بوابة حضارية بوابة السهرات والانس، لا حول ولا قوة الا بالله، لقد جاءت العطلة في العشر الاخيرة مناسبة لبعض المراهقين والشباب للسفر، ولكن الامر الغريب هو حجوزات لرجال مسنين، وبعضهم تجاوز الخمسين من عمره، الامر في غاية الجدية!
إن رمضان الكريم هو شهر الله، وهو شهر الاسلام والمسلمين، وشهر الخير والبركات، والعشر الاخيرة منه هي عتق من النار، والجمعة في رمضان، وربما تكون الاخيرة، لها من الافضال الكثير والكثير كما انه يحتمل ان تكون ليلة القدر آنذاك، والله اعلم.
كل هذه الخيرات والنعم نتركها لنشاهد ليلة لا تقدم، ولا تؤخر بحياة الامم او بحياة الانسان، وإنما صنع البشر لها تلك البهرجة والميزات والصفات، وجعلونا نصدق كذبهم وترهاتهم، ونقلدهم افراحهم الكاذبة والمضللة!
أي حضارة هذه التي تغفو على كؤوس الخمر والمخدرات والعياذ بالله اي مدنية تلك التي يختلط فيها الحابل بالنابل ضمن حفلات حيوانية مجنونة، ورغم كل ذلك لا نقول: إلا الحمد لله، لاننا في واقع افضل بألف مرة مما هو في باقي البلاد العربية والاسلامية التي اصبحت تعيش رأس السنة كعيد حقيقي يشمل المجتمع كله، واصبحت تلك المجتمعات تعيش غربة لا مثيل لها، يجهزون لرأس السنة قبل ايام واسابيع، والمحطات التلفزيونية يصبح همها وشغلها الشاغل ذلك العيد المزعوم.
إن بعض المجتمعات الاسلامية قد جعلت حتى من عطلاتها الاسبوعية تقليدا غربيا بحتا، فكانت العطلة يوم الاحد، وكانت سهرات يوم السبت، وكانت التقاليد والعادات والألبسة كلها غربية من الالف الى الياء.
رأس السنة كما يسمونه قادم، وواجبنا كبير ليس للاحتفاء به، ولكن للتوعية بمخاطر الانجرار لتلك السفرات والرحلات والسهرات، واجبنا يبدأ من انفسنا، فكل منا مسؤول عن نفسه امام نفسه واهله ومجتمعه وامته وربه، ان كل واحد منا قدوة لمن حوله، كما ان المسؤولية تتعدى الفرد الى المجتمع بأسره، كل في مجاله ليقوم بالتوعية المطلوبة وللمشائخ الكرام دور كبير ولابد من ادخال التوعية لتلك المخاطر القادمة ضمن المواعظ وضمن الخطب المنبرية، بل حتى نشرها في وسائل الاعلام ليسمعها الجميع، ونعود الى انفسنا نحن رجال الاعلام، فدورنا لا يستهان به ووسائل الاعلام اصبحت تسير الكثير من الامور وواجبنا الطيب يدعونا للاسهام الفعال في حفظ وصيانة الامة والافراد.
فأعياد الاسلام معروفة، وهي عيد الفطر السعيد، وعيد الاضحى المبارك، وكلاهما قادمان ان شاء الله ويحملان في جعبتهما كل الخير فلندع عملنا للخير كل الخير، ولنجعل ايامنا كلها طاعات وصدقات، ولنحي اعيادنا التي ارادها الله لنا نعما وسعادة حقيقية.
إن الدول المعادية لامتنا من خلال مؤسساتها تنفق ملايين الدولارات من أجل إبعادنا عن تعاليم ديننا الاسلامية الصحيحة، وعاداتنا التي تسير على المنهاج القويم، وبالنهاية لجرنا بعيداً عن ديننا الذي ارتضاه الله تعالى لنا في كل زمان ومكان، ولكن هيهات هيهات ان يكون لهم ما ارادوا (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا).
إن وقفة صادقة مع النفس ولو للحظات لكافية بأن تعيد النفس الى صوابها، وتبعد عنها غيها وطيشها، ولو ادى ذلك لالغاء الحجوزات، وانزعاج صديقي، ومكتبه وما شابهه، والله من وراء القصد،،،
|
|
|