عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها قد انقضت عشرون سنة وأنا أتشرف بالعمل في هذه البلاد العزيزة في حقل التعليم مشاركاً بجهدي المتواضع في بناء الإنسان، وما أسماها من غاية, انقضت عشرون سنة كلمح البصر، لم أشعر فيها بوحشة الاغتراب وثقل السنين لانني وجدت نفسي معاشراً ومخالطاً لشعب كريم أصيل، اضفى عليه تمسكه بالدين كل الخصال العظيمة، فلم أستوحش الغياب عن الأهل والأصحاب لانني وجدت في أهل هذه البلاد أهلي وأصحابي، عايشت معهم أروع ايام الطموح والتحدي خلال سعيهم الحثيث لبلوغ أعلى مراتب العلم والحضارة،ولمست بكل حواسي ارادة التغيير المذهلة وهي تحيل الصحاري القاحلة الى حقول مثمرة ومدن عامرة وقلاع للعلم والصناعة, هذه الادارة الخارقة التي تعكس حباً وتلاحماً لا نظير لهما يجمع بين حكومة رشيدة وشعب راشد.
عشت معهم أيام الخطر الداهم عندما غزت العراق الكويت واحتشد الخطر عند الحدود يهدد بالغدر والشر ونكران الجميل.
لم تهتز السفينة لحظة وهي تواجه أمواج الخطر، فقد كانت براعة الربان القائد بفضل الله قادرة على المواجهة والصمود.
وامتدت القلوب والأيدي تواسي وتساند وتضمد جراح الشعب الكويتي حتى عاد منتصراً مكرماً الى بلاد المحررة ولتؤكد اصالة شعب المملكة وحكومتها الرشيدة.
كما نعمت معهم بالأمن والطمأنينة التي تباهي بها المملكة كل البلاد حيث يظلل الايمان والتمسك بالدين الحنيف ربوعها الشاسعة بظل وارف من الأمن والسلام، وحيث تسهر عيون يقظة تحمي في حزم رادع كل ما يهدد الأعراض والأرواح والأموال.
كما نعمت معهم بأيام الرخاء والسعة وشهدت فاصلاً من معجزة التحول والتغيير التي احالت البيت البسيط الى مبنى حديث وارف,, والضيق الى سعة والجهل الى علم وحضارة, كما شهدت طرقاً رائعة تشق الجبال والصخور والصحاري، ومصانع هائلة تشق عنان السماء هادرة بالخير والرخاء والتقدم.
كما نعمت معهم بخدمات سخية في التعليم والصحة واستقرار الأسعار لا ينعم بمثلها شعب من الشعوب.
وها قد حانت ساعة العودة الى الأهل والوطن ومع فرحة العودة استشعر وحشة الفراق لأهل ووطن عاشرتهم وتعلقت بهم بالمحبة والتقدير، ولا يسعني إلا أن أدعو الله العلي القدير ان يوحد شعوبنا ويجمعها على المحبة والسلام وان يحفظ شعب المملكة العربية السعودية وحكومته الرشيدة من كل سوء وان يديم على هذه البلاد الغالية نعمة الرخاء والأمن والعزة.