تسافر الكائنات الحية الصغيرة ونادرا الكبيرة منها في الجو، وتقوم بذلك بقوتها الخاصة بها، التربسة حشرة دقيقة جدا والحشرات التي تمص النسغ وتعيش على الازهار والاوراق والبراعم لكي تتحرك من نبات الى اخر، وتطير حشرة التربسة وهي صغيرة وخفيفة جدا ولها عضلات دقيقة بحيث انه من الصعب جدا ان تضرب بجناحيها على الرغم من ان الهواء من حولها لزجا مثل دبس السكر، والاجنحة التي تنمو من صدرها ليست ذات شفرات عريضة، ولكنها عبارة عن عيدان عليها شعر، وان ضربة من احداهن تجاه الاسفل ستزيد الضغط في الجو من تحتها وتقلص ضغط الجو من فوقها وبالتالي فان التربسة تُمتص الى الاعلى وتطير كنقطة من زغب النبتة الشائكة المزودة بمحرك في الاسفل.
ان خلق ضغط مرتفع تحت الجناح وضغط منخفض فوقه ينتج عنه عملية الرفع وهي احدى القوى الرئيسة التي يعتمد عليها الطيران القوي, النحل الطنان هو اثقل واقوى من حشرات التربسة بعدة مرات ويحتاج الى اجنحة عريضة كي يحدث الرفع الكافي، والضرب على مثل هذه البنى الضخمة يتطلب قوة هامة،وصدر النحل مسكو بالعضلات هي شبيهة بالمحركات الاخرى ويجب ان تكون دافئة اذا عملت بطاقتها الكاملة وتقدم الطاقة الضرورية لرفع جسم النحل الطنان الى الجو ولكن النحلة تشبه كل الحشرات لا تحافظ على دفء ثابت في جسمها كما تقوم بذلك الثدييات والطيور فهي تسحب حرارتها عادة من الشمس وحتى في الصباح عندما تكون الحرارة ضمن درجات قريبة من نقطة الصفر وتستطيع النحلة الطنانة الطيران وتقوم بذلك بجعل اجنحتها ترتجف بسرعة من طرف الى اخر قبل ان تقلع وهكذا تولد الحرارة ضمن عضلاتها وحتى انها تستطيع تشغيل محركها الداخلي عندما لا تكون اجنحتها جاهزة للعمل، وبعد ان تكون درجة حرارة عضلاتها مرتفعة ومماثلة لحرارة دم الانسان وباعتبار ان الدفء ذو قيمة كبيرة بالنسبة لها، فان النحل الطنان مثل اية حشرات كبيرة اخرى يكسوه غلاف من الشعر حول جسمه يمنع فقدان الحرارة، وتعزل حشرات اليعسوب نفسها لنفس السبب، ولكنها تعمل كذلك بسلسلة من الاكياس الهوائية داخل صدرها، وبهذه المحركات القوية التي بمتناولها فقد اصحبت الحشرات التي تسافر جوا مستهلكة وتستطيع نحلة العسل ان تضرب بجناحيها 15,000 مرة في الدقيقة ، وتصل سرعة حشرة اليعسوب الى اكثر من 30 كم في الساعة.
مجموعتان اساسيتان من الكائنات انضمتا الى الحشرات في الجو، ومنذ ما يقارب 140 مليون سنة، فقد تطورت الطيور من اسلافها الزاحفة، وبعد ذلك بكثير حوالي 60 مليون سنة فقد سببت بعض الثدييات آكلة الحشرات الخفافيش.
الخفاش والطائر كلاهما طورا اجنحتهما بتعديل قوائمهما الامامية ، فالخفاش لديه غشاء مطاطي من الجلد مربوط بين الاصابع الاربعة الممتدة الضخمة، والابهام حر ويخدم كمشط وخطاف يتسلق بها حول المسكن، وقد احتفظ الطائر بواحد من اصابعه الذي اصبح طويلا وقويا، وله حافة من الريش الملتف، وحفظ ابهامه اللاوظيفي السلفي كنتوء صغير في الطرف الامامي لجناحيه الذي يحمل الطبقة العليا من الريش.
وباعتبار ان الخفافيش تبيت بالتعلق بقديمها من الاعلى الى الاسفل، فليست لديها صعوبة بقذف نفسها في الهواء وتستطيع ان تقوم بذلك ببساطة، وبعض الانواع الكبيرة التي تأكل الفواكة تدلي اجنحتها مرة او مرتين لترفع جسمها المعلق الى وضعية الطيران وهذا يتطلب جهدا قليلا ومع ذلك فان معظم الطيور تسير وتطير ولكن مشكلة التغلب على الجاذبية ورفع جسمها عاليا في الجو هي اعظم بكثير، فالمحرك الذي يعطيها القوى لتقوم بذلك هو الحزمة الضخمة من العضلات التي ترتبط من وصلة الجناح الى اسفل رافدة القص على عظم الصدر، والوقود الذي تستخدمه الطيور هو الاوكسجين في الدم الذي تزود به بكميات كبيرة بواسطة القلب الضخم، وهو ضخم بشكل استثنائي بحيث يقاس بمقدار مرتين من حجم قلب الفأر.
ان قلب الطائر محاط بأنعم العوازل الطبيعية، الريش، وقد حفظ بحرارة أعلى بدرجات عديدة من حرارة الانسان، وهكذا فان محرك طيرانها يستطيع ان يتحول الى نشاط قوي وفوري في لحظة من الزمن يقود به جناحيه وبدفع الى الاعلى من اقدامه ومعظم الطيور قادرة على الاقلاع بنفسها الى اعلى الجو بسهولة.
ولكن اثقل الطيور هو ذو الاجنحة الاكبر ويتطلب المحافظة عليه في الجو، واعظم مهمة, عضلية هي ضربها بقوة كافية وسرعة من اجل الاقلاع وعلى اية حالة توجد طرق اخرى لاحداث عملية الرفع هذه، فاذا كان في الجناح تقوس صحيح على سطحه العلوي، فان تيارا من الهواء يهب عبره، وعند ذلك سيحدث ضغطا منخفضا في الاعلى واخر مرتفعا في الاسفل بحيث ان التيار يمكن احداثه اما بالرياح التي تهب عبر الجناحين او بتحريكهما بسرعة في الجو، وعملهما الافضل في كلتا الحالتين بآنٍ واحد بالطيران في الرياح.
القطرس المتجول لديه اكبر الاجنحة من بين كل الطيور، يصل قطرها 3,45م والتصفيق بهما بسرعة مستحيل فعلا وحتى يطير عليه ان يسخدم الطريقة الثانية بالكامل كي يحدث الرفع، وغالبا فانه يعشش على المنحدرات الصخرية بحيث انه يستطيع ان يهوي في الجو، وتعشش انواع عديدة من طيور القطرس في الاماكن الكثيفة على الجزر المحيطية المنخفضة، وليس مهما كيف تتجمع وكم هو عظيم طلب مواقع العش، فهي تغادر خطا واضحا من الارض بشكل طولي، وفي بعض الاحيان من خلال منتصف اماكن تجمعها، وهذا هو مهبطها انها زاوية على نحو مضبوط على طول اتجاه الرياح السائدة، وتصطف الطيور في نهاية الخط مواجهة للرياح ، وهي تشبه في ذلك الطائرات في مطار مزدحم، وعندما يأتي دورها، فانها تسير بالسرعة التي تستطيع فيها وتنقذف الى الارض بأقدامها الكبيرة ذات الاوتار وقد انخنت الى الامام وضربت بأجنحتها بالسرعة الممكنة ونتيجة لفعلها وللعاصفة التي تهب عبر سطح اجنحتها الممتدة ، فانها تحصل على الرفع الاولي الذي تحتاجه فترتفع في الجو، وقد انتقلت على الفور الى كائنات ذات اناقة ورشاقة عظيمة محلقة بعيدا فوق البحر، ولكن بما ان الرياح لن تخف فانه سيكون لديها صعوبة ملحوظة في الهبوط على الارض.