الجزيرة تستطلع آراء المتخصصين حول ظاهرة التسرب المدرسي وسبل علاجها المتسربون من المدارس,, بطالة وممارسات خارجة عن النص |
* تحقيق : سعيد آل عيد ونجلاء الدوسري
المراحل العمرية للطلاب أمر مهم غاية الأهمية بالنسبة للجهاز التعليمي التربوي التثقيفي خاصة ان المدرس في مدرسته لا بد أن يكون قبل غيره على دراية بسلوكيات الأبناء من التلاميذ وبانفعالاتهم النفسية والمؤثرات الأسرية الاجتماعية على هذا السلوك,, فلا يمكن ان تكون المدرسة على اختلاف اجهزتها الإدارية والتعليمية والاشرافية والنشاطية بمنأى عما يحيط بالفتيان من تغيرات (وكذلك الفتيات في مدارسهن) تجب مراعاتها والاهتمام بنتائجها تربويا وسلوكيا وعاطفيا أيضا حتى لا يكون هؤلاء الشباب عرضة لعدم الفهم من قبل المدرسة والمنزل والمجتمع فتكون النتائج وخيمة على الجميع من ضياع مستقبل الطالب كعضو نافع في مجتمعه وعلى الأسرة مما يجره من مشكلات مستقبلية هي في غنى عنها وعلى المجتمع لكونه يزيد أرقام البطالة وبدلا من أن يكون فردا منتجا يتحول الى فرد مستهلك علاوة على ما سيحمله من أمراض نفسية لم يكن سببا فيها,, والجهات المسؤولة عن العملية التعليمية يجب ألا تغفل أهمية الأساليب الحديثة في التدريس والتربية ومواكبة النهضة الحديثة في المناهج وطرق التدريس والأنشطة,.
وفيما يلي نقرأ آراء تربويين ومتخصصين في أسباب وعلاج ظاهرة التسرب الطلابي من المدرسة.
عن مفهوم التربية يقول د, عبدالله بن مساعد الفالح الاستاذ المشارك بكلية المعلمين بالرياض: التربية في أي مجتمع هي صورة هذا المجتمع تتأثر به وتؤثر فيه وهي مجموعة من الجهود التي تهدف الى ان نيسر للفرد الانطلاق الكامل لمختلف ملكاته وحسن استخدامها لتحقيق السعادة لنفسه ولغيره.
فالتربية عملية هامة لا غنى للفرد عنها لأن العلم لا ينتقل من جيل الى جيل آخر بالوراثة كما انها تزود الفرد بقدر كافٍ من المهارات وأدوات المعرفة اللازمة لإنماء القوى والمواهب وتهذيب الوجدان وتكوين العادات الصالحة والعواطف الطيبة لكن هناك زاوية جديدة في أهمية التربية هي من الأهمية بمكان لأنها مرتبطة بالتقدم او التخلف بالغنى أو بالفقر، بالنهوض بالمجتمع لمواجهة التحديات والصعاب في عصر الانترنت وغزو الفضاء او العيش على هامش الحياة هذه الزاوية هي علاقة التربية بالتقدم الاقتصادي وقد أدرك ذلك معالي وزير المعارف الذي صرح بأن التربية من أهم مجالات الاستثمار في العنصر البشري وليست خدمة اجتماعية تقدم للمواطنين بل أن مردودها الاقتصادي يفوق غيرها من المشروعات الانتاجية لذلك رفعت وزارة المعارف شعارا (وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة).
التربية وعلم النفس
أوضحت الاخصائية النفسية خلود أمين قارىء أن الدعائم الأساسية لحياة أي إنسان تعتمد على مراحل طفولته المختلفة حيث يتكون فيها الضمير والأخلاقيات والمبادىء والمثل التي تعمل على بناء شخصيته وبلورتها والتربية الصحيحة هي التي تتعهد الطفل منذ ولادته بالرعاية من كافة الجوانب الخلقية والدينية والانفعالية والفكرية والبيولوجية تعهدا يحررها من الوقوع في الاضطرابات النفسية والخلقية فهناك العديد من الأمور التي تنشىء لدى الطفل الصراعات والمشكلات النفسية العديدة والانحراف بمختلف أشكاله خصوصا إذا ما وجه بعد ذلك بالانتقاد والسخرية او العقاب من والديه على ما يصدر منه من سلوكيات غريبة فالتربية الصحيحة هي التي تساعد الإنسان على التكيف مع نفسه وبيئته وتصل به الى السواء.
تعريف التسرب
يقول عنه د, الفالح ان المتسرب هو كل تلميذ يترك الدراسة لسبب أو لآخر قبل نهاية السنة الأخيرة من المرحلة التعليمية التي سجل فيها ومشكلة التسرب في الواقع ليست حديثة بل هي موجودة منذ القدم لكن الجديد في المشكلة ذلك التحول الذي طرأ على العملية التربوية فلقد اصبح ينظر الى التربية على انها عملية استثمار لها مردود اقتصادي بعد ان كان ينظر اليها على انها خدمة إنسانية وحيث ان التسرب هدر تربوي فقد اصبحت المشكلة من المشكلات التي حالت دون وصول الخطط التربوية الى معدلات النمو المطلوبة وتشير الدراسات الى ان معدلات التسرب في المرحلة الابتدائية أعلى منها في الثانوية وإن معدلات التسرب لدى الإناث أكبر منها لدى الذكور بوجه عام وانها في القرى أعلى منها في المدن.
** ويعبر الاستاذ/ عبدالله بن ناصر الصايغ مرشد طلابي عن تعريف التسرب بأنه انقطاع الطالب عن الدراسة انقطاعا كليا قبل ان يتم المرحلة التي يدرس فيها وهو نتيجة من نتائج التأخر الدراسي ومن ثم الرسوب ثم يتبع ذلك التسرب الذي به يحصل هدر تعليمي والتسرب ليس ظاهرة تخص التربية والتعليم فقط وانما هي ظاهرة اجتماعية بالمعنى الواسع تمتد جذورها في النظام التربوي او التعليمي كله وتمتد في النظام الاقتصادي والتركيب الاجتماعي ومجموعة القيم الخاصة بالعمل والتعليم وبذلك يتضح لنا ان التسرب بهذا المعنى مشكلة لا يقع عبء حلها على النظام التعليمي فقط وانما تحتاج الى جهد شامل اقتصادي واجتماعي وثقافي وتربوي.
** ويصف د, عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي مدير عام التعليم بمنطقة الرياض العملية التعليمية بأنها عملية مترابطة ومتكاملة ولا يمكن لها أن تنجح في تقديم مخرجات نموذجية إلا اذا توفرت جميع عناصرها ووظفت التوظيف الصحيح والمدرسة والأسرة والمناهج هي ركائز أساسية في تكوين الطالب في جميع جوانبه النفسية والجسمية والاجتماعية والسلوكية فإذا اختل إحداها حدث شرخ كبير في جدار العملية التعليمية فتلك العناصر عوامل مهمة في بناء الشخصية السوية للطالب وتعاهدها واذا تقاعس احدهم عن أداء دوره أثر ذلك وبشكل مباشر على شخصية الطالب فالمدرسة اذا استطاعت تكييف الطالب وتلبية حاجاته ورغباته كانت المحضن المرغوب فيه واصبحت عنصراً جذاباً والأسرة كذلك بقدراتها على تهيئة ابنها منذ سنواته الأولى للمدرسة والمنهج الذي يلبي حاجة الطالب بصورة مشوقة وجذابة.
من الأسباب المؤدية للتسرب
الاستاذ عبدالمحسن الشايع مدير قسم الخدمة الاجتماعية بالنيابة بمستشفى قوى الأمن أشار الى ان تسرب الطالب من الدراسة في صغر سنه يعد حالة نادرة في الماضي اما في الحاضر فهو يعتبر ظاهرة لكثرة الطلاب الذين يمارسون التسرب من الدراسة بما يعطي الطلبة الذين يحسون بالفشل الدراسي الاقتداء بهم، ويقسم الشايع أسباب التسرب الى عدة عوامل اجتماعية ونفسية, فالاجتماعية هي:
تفكك الأسرة كانفصال الزوجين بسبب الطلاق او المرض او انشغال رب الأسرة عن المنزل.
حالة الفقر لدى الأسرة فإذا كانت لا تستطيع ان توفر لأبنائها جميع احتياجاتهم فإن ذلك سوف يؤثر على نفسية الابن ومن خلال ذلك سيحاول التسرب من المدرسة خوفا من إحراج زملائه الطلاب.
سلوكيات الطلبة الآخرين حيث يوجد خلال الدراسة طلاب ذوو وسلوكيات سيئة فيتعمدون ضرب بعض الطلاب ومحاولة إخافتهم ومن ثم محاولة الطالب التسرب من المدرسة خوفاً من الطلاب ان يعترضوا طريقه.
مستوى التعليم لدى الأسرة والأقارب فإذا كانت نسبة مستوى تعليم الأسرة جيدة فإن هذا سوف يدفعهم الى بذل الجد والاجتهاد ومحاولة الوصول الى مستوى إخوانهم التعليمي اما اذا كانت نسبة التعليم ضعيفة بالنسبة للأسرة فهذا يقلل من مضاعفة الجد والاجتهاد لدى الابن حيث لا يوجد أي اهتمام من قبل الأسرة ككل تجاه التعليم.
ثم يضيف هناك عوامل نفسية ترغب الطالب في التسرب من الدراسة وهي كما يلي:
قد ترجع للطالب نفسه فربما يكون الطالب مريضاً مرضاً نفسياً او عضوياً يؤثر على تحصيله الدراسي حيث يحاول من خلال تلك المعاناة الابتعاد عن جو الدراسة بالتسرب.
قد ترجع تلك الأسباب النفسية للأسرة كمرض احد الوالدين بمرض نفسي او عضوي يؤثر على نفسية الأبناء حيث لا يجدون الاهتمام الجيد لهم من قبل الأسرة مما يؤثر على تحصيلهم الدراسي بالتسرب من الدراسة.
قد تتسبب المدرسة في خلق جو ملوث بالأمراض النفسية لدى الطلبة ومن ذلك الخوف من المعلم لتهديده الطالب بالضرب او الحسم من الدرجات حيث ينعكس هذا الأسلوب سلباً على الطلاب بما يمحي الرغبة لدى الطالب في الاقبال على الدراسة بكل حب وشغف.
** وحول تفنيد أسباب مشكلة التسرب يقول د, عبدالله الفالح: ان هذه المشكلة كأي مشكلة تربوية لا يمكن بحثها بمعزل عن غيرها من المشكلات التربوية الأخرى فالتسرب له علاقة وثيقة دون شك بالمناهج وإعداد المعلم والكتاب المدرسي والمدرسة والنظام التعليمي ككل ويمكن إجمال أسباب ظاهرة التسرب في العوامل التالية.
عدم الاهتمام بالتعليم السابق للمرحلة الابتدائية فالطفل الذي يدخل رياض الأطفال أقل عرضة للتسرب من غيره.
هبوط مستوى كفاءة المعلم فالمعلم الذي لا يعرف كيف يثير في طلابه الدوافع الإيجابية للتعليم وحب المدرسة ولا يدرك الفروق الفردية بين التلاميذ لا شك انه يلعب دورا في تسرب الطلاب.
أسلوب التقويم الوحيد المعمول به في مدارسنا هو الاختبار فقط والرسوب فيه يمثل صورة أليمة للطفل قد ينتج عنه تركه للمدرسة كلها لأنها تذكره بالفشل.
المناهج الجافة البعيدة عن حاجة الطفل وطريقة الحفظ والتلقين في التدريس لها علاقة كبيرة بظاهرة التسرب.
النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأسرة فالأسرة الفقيرة تجبر ابناءها على التسرب والبحث مبكرا عن العمل.
رؤية أخرى حول الأسباب
** ويتحدث الاخصائي الاجتماعي صابر محمد المغربي عن أسباب التسرب بقوله: تعتبر المدرسة الحلقة الوسطى بين مجتمع الأسرة الصغير ومجتمع الحياة الواسع ففي الأسرة يتعامل الطالب مع أفراد قلائل لا تتغير صفاتهم الجسمية او خصائصهم السيكولوجية إلا ببطء وقد يتدرب على التعامل الجيد او قد يصيبه الانطواء والالتفاف حول الذات كما ان مجتمع الأسرة قد يلبي جميع احتياجاته بصورة تجعله محروماً من القدرة على المبادرة والاعتماد على النفس او قد يعاني خوف العشرة المتزايدة مما تحرمه من الشخصية الفردية المتميزة، ويواصل بقوله: عندما تستقبل المدرسة هذا الطالب في بدايات حياته التعليمية فانه يواجه مجتمعا جديدا يتميز عن مجتمع الأسرة بكبر حجمه وغرابة تكوينه فهو يضم أفرادا لا يشاركونه حياته الأسرية ولا يتعاملون معه بالأساليب التي ألفها فيواجه قيوداً جديدة ومسئوليات لا عهد له بها من قبل بما قد يعطيه عدم التكيف فاذا وجد الايدي الواعية ذات التعامل التربوي المتميز بالحلم والصبر والتوجيه السليم من المدرسين والمرشدين الطلابيين فانه سرعان ما يجتاز هذه الحواجز ويتكيف مع الجو المدرسي والنظم المدرسية وتصبح المدرسة مجتمعا يرتبط باهتمام في حياته لا تقل في قوتها عن اهتماماته الاسرية, بعكس اذا ما كان محملاً بشحنات انفعالية خاصة تعوق من سيره المدرسي ومقابلة ذلك بأوامر والتزامات شديدة فإن ذلك يتسبب في انصرافه عن الانتظام بالمدرسة.
وينتقل للحديث في هذا الجانب الى سلبيات تأثير المشكلات الأسرية والضغوط من قبل المدرسة بقوله: اذا كان جوا البيت والمدرسة مشحونين بضغوط انفعالية تحرم الطالب من اشباع رغباته وعلى الأخص المقومات اللازمة للنمو النفسي والجسدي فإنه يشعر بمتعة بالغة مع جماعات رفاق السوء لما يهيئونه له من فرص السلوك الذي تقاومه الأسرة والمدرسة كما ان المدرسة التي تعجز عن تدعيم وتثبيت دور الأسرة بما تقدمه للطالب من تيسيرات للتعبير عن حاجاته الضرورية التي لا يجد لها الإشباع الكافي في مجال الأسرة او التي لا تحرص على اختيار المتخصصين في شؤون التربية بحيث يؤدي عجز المدرس عن فهم المراحل العمرية للطالب وحاجاتها الى جانب عدم فهم الطالب كفرد له إمكانياته وخبراته الى الضغط على الطالب بشدة وقسوة مما يحرمه بهجة التفوق المدرسي المنشود وهذا يبنى عليه تضرر الطالب في حاضره ومستقبله.
** ومما يراه الاستاذ ابراهيم سعيد آل صبران مدير مدرسة ان التسرب مشكلة تشكو منها معظم دول العالم وهي تعد مشكلة خطيرة جدا لا يعود ضررها على الطالب فقط بل يمتد الى المجتمع بشكل عام ويرى ان أسباب هذه المشكلة كثيرة إلا انه من أهمها عدم تلبية المناهج ميول الطالب وهواياته مما يقلل من الرغبة لديه في مواصلة الدراسة، وعدم متابعة الأسرة للطالب أثناء مسيرته الدراسية ومدى مستواه العلمي وانتظامه بالدراسة.
** وتقسم الاخصائية الاجتماعية بجامعة الملك سعود فادية عبدالواحد أسباب التسرب الى عاملين بقولها: العوامل الاجتماعية المتسببة في تسرب الطالب متعددة ويمكن اجمالها في جانبين هما:
أولا: التنشئة الاجتماعية التي يمارسها الأبوان تجاه ابنائهما فمتى تمتع الطالب ولقي أساليب تنشئة سليمة مبنية على مبادىء إسلامية وتربوية صحيحة فلن يتسرب من الحضور للمدرسة ومن ذلك الصدق في جميع تصرفاته بما يعطيه ذلك عدم الكذب او التحايل على ابويه او على المدرسة بما يمكنه ذلك من التسرب أيضا تنمية معيار الصح والخطأ في حياة الأبناء منذ مرحلة الطفولة حيث سيعطيهم ذلك معرفة ان من الصح ان نتعلم لأن التعليم يرسم المستقبل وان التسرب تصرف خاطىء لأنه قد يهدم المستقبل أيضا ومن أهم أسس التنشئة تعليم الأبناء تحمل المسؤولية منذ الطفولة ولا يترك هذا الأمر حتى مرحلة متقدمة من العمر فتعليمهم ذلك يعرف الطالب مسؤوليته تجاه نفسه وتجاه ابويه فيردعه ذلك عن التسرب من المدرسة لأن ذلك من مسؤولياته تجاه نفسه وعندما يكبر سيتحمل مسؤولية النهوض بالمجتمع ويجب ايضا الا ننسى زرع الطموح في الطفل للارتقاء بذاته وربطه بالتعليم وان طموحات المستقبل لا تتحقق إلا بالتعليم والتعليم يستلزم الحضور للمدرسة وأهم من ذلك كله جعل الأبناء يسعون الى رضا الله سبحانه وتعالى في تصرفاتهم في الحياة اليومية فالله حثنا على التعليم الذي به نتعلم أمور الدين.
ثانيا: وهذا الجانب بوجوده يتحقق الجانب الأول ألا وهو الاستقرار الأسري فكلما تمتع الطالب باستقرار اسري كانت مقومات الصلاح لديه أكبر وبالتالي يأخذ التعليم مكانه في حياة الطالب بمعناه السليم.
السلبيات الناجمة عن التسرب
الاستاذة رائدة السعيد قالت: ان التسرب يؤدي الى انحراف الطالب ويفقده مستقبله وبالتالي تكثر المشكلات داخل الأسرة وتكثر البطالة في المجتمع ويكون شخصا مستهلكا أكثر من أن يكون منتجا فيضعف لديه الوازع الديني مما يؤدي الى فساد أخلاقه وابتعاده عن الأسرة والمجتمع.
* ويوضح الاستاذ عبدالمحسن الشايع ان سلبيات التسرب تمتد الى عدة فئات هي الطالب نفسه والأسرة والمجتمع ويُفصل تلك السلبيات على الأسرة بقوله:
ضغط نفسي على الأسرة بسبب عدم اكمال الابن للدراسة وجلوسه في المنزل مما يؤثر على نفسية الوالدين ومن ثم اصابة احدهما باكتئاب وهذا ينبني على تأثر نفسية الأسرة ككل فيحصل انحراف بعض أفرادها وتزداد المشكلات وتتفاقم.
** وفي مداخلة للاستاذ عبدالله الصايغ يقول عن سلبيات التسرب على المجتمع أن مجموع المتسربين يشكلون جانبا ضعيفا في البيئة فضلا عما يفقده المجتمع وبما ان التسرب يعد هدرا للتعليم ورافدا من روافد الأمية فلا يستبعد ان الطالب المتسرب يكون مشكلة على المجتمع لما يصدر منه من تصرفات بسبب الفراغ الحاصل لديه.
الشباب والملاهي
** وتشير رائدة السعيد الى ان الأماكن التي يتردد عليها الطلبة وقت غيابهم عن المدرسة لها التأثير السلبي على تفشي مثل هذه الظاهرة في المجتمع حيث ان الطلبة حسب ما تراه يجدون اماكن فاتحة ذراعيها لاستقبال انحرافاتهم ونزولهم بها بعيدا عن رقابة ذويهم بمشاركة جلساء السوء بما يشجعهم على التردد على تلك الأماكن مما ساعد وسهل على كثير من الطلبة التسرب من الدراسة وتحول سلوكهم من الصحيح الى انحرافات خلقية تؤثر على شخصية الإنسان فينبذه المجتمع.
** الأماكن التي تهيىء للطالب ظروف التسرب تعد أحد العوامل المساهمة مساهمة مباشرة في تفشي هذه الظاهرة ذلك ما يراه الشايع بقوله: استقبال الأماكن التي يرتادها الشباب اثناء الغياب عن المدرسة والجليس الذي يزين له فعله هذان لهما التأثير المباشر على ترك الطالب للدراسة حيث ان عدم ابلاغ ولي أمر الطالب من قبل المدرسة او محاولة تغيير فعله من قبل الذي يشاهدونه في تلك الأماكن بغياب ابنه عن المدرسة ومعرفة الأسرة بتصرف الابن له التأثير السلبي على مستوى الطالب في المدرسة حيث يجد ما يشبع رغبته بعيدا عن الرقابة.
علاج ظاهرة التسرب
يشارك د, ابن مساعد في هذا الجانب بقوله: هناك العديد من المقترحات لعلاج ظاهرة التسرب يمكن إيجازها فيما يلي:
إبراز أهمية التعليم للفرد والمجتمع وتوعية أولياء الأمور بذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة ويعد هذا إسهاما من وزارة الإعلام عبر وسائلها المقروءة والمسموعة والمشاهدة لرفع مستوى الوعي لدى السكان وربط التعليم في أذهانهم بخطط التنمية والنمو الاقتصادي في البلد.
تطوير المناهج بحيث تصبح ملبية لحاجات الطالب باعتبارها حجر الأساس في العملية التعليمية من حيث النمو بعقله ومهاراته وملكاته وإشباع ميوله ورغباته بكل مفيد.
الاهتمام باستخدام طرق التدريس المناسبة التي تسمح للطالب بالمشاركة الفعالة مع تطوير نظام التقويم والبحث عن أساليب مناسبة ويحسن ان يشارك التلاميذ في تقويم أنفسهم كما ينبغي تزويد المدارس بجميع الأنشطة المختلفة والإمكانيات المساهمة في نجاح أهداف تلك الأنشطة.
تطوير كفاءة المعلمين بإعدادهم الإعداد الجيد وتدريبهم في أثناء العمل عن طريق الدورات وتبادل الخبرات والزيارات والتفريغ لحملة الدبلوم للالتحاق بكليات المعلمين وزيارات المشرفين التربويين والالتقاء بهم وما إلى ذلك من اساليب التدريب المتنوعة ليستوي أداء المدرس على سوقه ويقوم المعلم بدوره المنوط تحقيقه به خير قيام.
دور الوالدين والمدرسة في العلاج:
** قوة العلاقة بين البيت والمدرسة يراها د, عبدالله المعيلي بأن لها الأثر الإيجابي في اعداد الطالب وتفوقه ولا يمكن لطالب ان يتفوق او يستمر في تفوقه في ظل علاقة فاترة وغير إيجابية بين البيت والمدرسة اللذين يشتركان في صياغة شخصية الطالب وتحديد اتجاهه فالطالب الذي يجد الرعاية والاهتمام في احدهما دون الآخر تتعثر خطواته ويمشي بخطى متثاقلة ولذا فلا بد من تعميق تلك العلاقة وتوثيقها عبر أكثر من طريق ومنها متابعة الابن في المنزل والحضور للمدرسة دوريا للاطمئنان على وضعه في المدرسة دراسيا وسلوكيا والمشاركة في مجالس الآباء والاطلاع على تقارير المدرسة والمشاركة في المناسبات التي يدعى اليها ولي الأمر ومن هذا المنطلق فالمدرسة بحاجة ماسة لتكاتف جميع المؤسسات معها لتقوية تلك العلاقة وتوعية جميع الأفراد بها وخاصة المؤسسات الإعلامية بجميع وسائلها.
** وتعلل رائدة السعيد تفوق بعض الطلبة لمتابعة الآباء لابنائهم والحرص على معرفة مشكلاتهم والحرص كذلك على ايجاد الحلول لها وتعلق على دور الأب لتجنب الأبناء مخاطر الفشل وفي هذا الإطار تتفق معها الاستاذة فادية في وجهة النظر حول أهمية دور الأب للمحافظة على الأبناء فتقول: ان متابعة ولي أمر الطالب تترك ذلك الأثر الإيجابي ويأتي دور المدرسة في اتمام تلك المتابعة في خلق طالب ناجح سواء بالحضور وعدم التسرب ومتابعة التعليم ايضا في المستوى التعليمي المتفوق حيث لا تعطي متابعة الأب فرصة للطالب للتسرب او الإهمال أيضا تعلمه المسؤولية في جعل والده يفخر انه بالمستوى المطلوب.
** ويؤكد: عبدالمحسن أهمية متابعة الابن أولا بأول بقوله: تعتبر متابعة ولي أمر الطالب بالزيارة المستمرة للمدرسة ذات مردود إيجابي حيث تنعكس على سلوك الطالب بالإيجاب بما يحقق النجاح فمعرفة رب الأسرة مستوى ابنه في المدرسة دليل على اهتمام الأسرة بالابن خلال مشواره الدراسي.
** ويشترط الشايع في سياق مشاركته لنجاح أنظمة المدرسة التي تعالج غياب الطالب من المدرسة واثبات فعالية تلك الأنظمة بمشاركة الأسرة بالتعرف على أسباب الغياب ومحاولة معالجتها أولا بأول بدون تهاون أو اغفال.
** ويتطرق د, المعيلي للحديث عن أنظمة المدرسة في متابعة حضور الطلاب فيقول: تلك المتابعة تعد هي المقياس الحقيقي لدراسة مشكلة التسرب ومعرفة مدى انتشارها وظهورها وهي مدخل للتعرف على الكثير من المشكلات التي قد تعترض الطالب فهذه العملية تعطي للمسؤول مؤشرات كثيرة يستطيع من خلالها ان ينطلق الى معالجة الكثير من المسببات لهذا السلوك اي الغياب والتي منها قدرة المدرسة على توفير الجو المدرسي الصحي للطالب مما يدفع بالمخطط والمسؤول الى دراسة اكثر الأسباب المؤدية للغياب ومن ثم وضع الحلول المناسبة ومن ذلك مشكلة التسرب الدراسي التي تمت دراستها واستطاعت الوزارة الحد منها وتقليصها عبر عدد من الإجراءات والقرارات التي منها إحداث وظيفة المرشد الطلابي في كل مدرسة ووحدة الخدمات الإرشادية بالوزارة وتطبيق لائحة تقويم الطالب الجديدة وغيرها من الإجراءات.
** ويقول: آل صبران: في الواقع ان معالجة هذه المشكلة والتخلص منها أمر غير سهل ويحتاج الى تضافر الجهود فالمدرسة تستطيع ان تساهم مساهمة فعالة في علاج هذه المشكلة بأداء رسالتها على أكمل وجه وبذل التعاون مع أولياء أمور الطلبة ومراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ وتوفير الجو المناسب الذي يشعرهم بالاحترام والتقدير والتعرف على مشكلاتهم ومحاولة حلها في إطار علاقات إنسانية حميمة.
دور الأنشطة
وعوَّل د, المعيلي على دور الأنشطة في إشباع رغبات الطلبة إذ يلعب النشاط اللاصفي دورا كبيرا وبارزا في تحبيب بيئة المدرسة الى نفس الطالب فكثير من الحواجز النفسية التي تكون بين الطالب ومعلمه تسقط أثناء مزاولتهما معا للأنشطة اللاصفية مما يكون له أثر بارز في إقبال الطالب على المدرسة والحد من ظاهرة التسرب كما ان هذه الأنشطة تتيح المجال للمعلم ليؤثر بشكل تربوي فاعل على سلوك طلابه مما يزيد من حرصهم على التعليم.
** وتشير رائدة السعيدة الى ان الأنشطة المنهجية واللامنهجية لها دور غير مباشر في علاج مشكلة تسرب الطالب لأنها ترغب الطالب في الحضور للمدرسة وتبرز طموحه وقدراته مما يساعده على التحديد والتخطيط المسبق لمستقبله وبالتأكيد فإن ذلك يقضي على التخطيط العشوائي لدى الطالب.
دور القطاع الخاص
** التأثير الإيجابي للقطاع الخاص في علاج هذه المشكلة وغيرها التي تواجه الطلبة يشير إليه د, عبدالله المعيلي بقوله: إن دعم القطاع الخاص لمجالات التربية والتعليم ووسائلهما ينعكس بشكل إيجابي وواضح على الناشئة من الطلاب والمتعلمين ويساعد في إكسابهم المعارف والسلوك من خلال تأمين الوسائل التعليمية التي قد يصعب توفيرها و لم يوجد ذلك الدعم ومن ثم فإن اقبال الطلاب على التعلم سيزداد أكثر فأكثر إضافة الى ان ذلك سيتيح الفرصة أمام المؤسسات التربوية للتفرغ لدراسة هذه الظاهرة وإيجاد أفضل السبل لحلها.
الإعلام ودوره في علاج المشكلة
** وتحمل فادية عبدالواحد الإعلام أمانة المساهمة في علاج هذه المشكلة وبعدة صور إما بطرح المشكلة مباشرة وبحث كيفية العلاج بمناقشة الحلول من قبل ذوي الاختصاص في التربية أو الإعلام أو الاجتماعيين وخبراء الطب النفسي وتفعيل وسائل العلاج إعلاميا او حتى بشكل غير مباشر ومن ذلك التطرق الى المشكلات الأسرية التي بدورها تؤثر على تعليم الأبناء او مشكلات التنشئة الاجتماعية أيضا إتاحة الفرصة للنشء لإبداء رأيهم إعلاميا عن أسباب التسرب من المدرسة,** وتقول رائدة: ان للقطاع الخاص دورا كبيرا في علاج مثل هذه المشكلة قبل وبعد حدوثها وتفصل ذلك بقولها: قبل وقوع المشكلة بدعم وتشجيع التنافس الشريف بين الطلبة في مختلف الأنشطة الثقافية والتعليمية بما يعطيهم الانخراط في سلك التعليم وكسب المعرفة واما ما بعد وقوع المشكلة فذلك من خلال توفير فرص عمل لهم بعد التخرج من الدورات التدريبية بما يتناسب مع قدراتهم.
الشباب ومراكز التدريب المهني
**تدني مستوى المعيشة يعده عبدالمحسن احد أسباب التسرب ويضيف بقوله: دورات معاهد التدريب المهني قد تدفع بالطالب للانضمام اليها وذلك سعيا لتحسين وضعه الاقتصادي والمعيشي وقد تحسس تلك الدورات الطالب بمعنى المسؤولية والاعتماد على النفس بعد فشله في الدراسة وعلى المجتمع والأسرة تشجيع الطلبة خاصة أولئك الذين ليس لديهم اي شهادة علمية للالتحاق بهذه المعاهد من أجل حياة سعيدة بعيدة عن شقاوة الانحراف.
** وعن دور مراكز التدريب المهني في احتضان الشباب وتأهيلهم لكسب الخبرة والمعرفة يقول د, المعيلي: لقد اسهمت الدورات المهنية التي تقيمها المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في سد فراغ كبير في نفوس كثير من الشباب بل وساهمت ايضا في توجيههم نحو ما يفي بحاجات ومتطلبات خطط التنمية من الشباب السعودي المؤهل الذي يأكل من كسب يده ويقدم لوطنه خدمات تقنية جليلة لذا فإن من يتسرب من التعليم العام الى التعليم الفني لا يعد متسربا وإنما يكون قد اختار بديلا تعليميا آخر عن نوع معين من التعليم مما يجعلنا نفخر بنظامنا التعليمي الذي يقوم على توفير الخيارات امام المتعلم مما يحد من مشكلة التسرب من مدارس التعليم العام الى أنواع أخرى من التعليم ولكن يبقى دور المجتمع مرهونا في مدى تعاوننا جميعا في دعم الشباب معنويا للانخراط في برامج التعليم الفني وتحسين النظرة له ليكون محصلة ذلك مجتمعا متعلما وإن تعددت مشاربه,** وحول تأثير دورات مراكز التدريب المهني على شخصية الفرد يتحدث عن ذلك مدير مركز التدريب المهني بوادي الدواسر الاستاذ سالم بن محمد الدوسري بقوله: لا شك بأن لتلك الدورات الدور الأكبر في بناء شخصية الفرد حيث انها تزرع في نفس المتدرب الثقة في نفسه حيث يرى ان هذه الدورة بداية انطلاق حياته مع العمل والكسب الحلال حينما ينهض كل صباح مرتديا زي العمل الرسمي حاملا شعار المركز مكتسبا ثقة مسؤوليه وأهله بل المجتمع كله بحيث يراه الجميع انه مواطن صالح ولبنة مباركة من لبنات بناء هذا الوطن الغالي بما يغني بلده عن العمالة الوافدة.
وقفة أخيرة
عملية التعليم عملية مركبة لا يمكن فصل عناصرها (البيت المدرسة المجتمع) وكثيرا ما يشار ببنان الاتهام تجاه البيت بانه سبب تقصير الأبناء في المسيرة الدراسية.
ومن المحيط الذي نعيش فيه جميعا ككل نجد ان المعلمة او المعلم لهما التأثير القوي والمباشر في حياة الطلبة كتلك الطالبة التي كانت تشكو من معاناتها مع معلمة لشدتها مما اضطرها الى الغياب اثناء حصص تلك المعلمة وهذا يصور لنا أيضا لماذا يقبل الطلبة بكل شغف وحب على بعض حصص المعلمين دون غيرهم فمشكلة التسرب قد ترتبط ارتباطا كليا بالمعلم حيث ان اعتماده في أداء رسالته حفظ الشرح كاملا حسب نص كتاب المعلم بما يتنافى مع الفروق الفردية بين الطلبة وما ينتج عنه من فشل دراسي لدى بعضهم.
|
|
|