تأتي كلمات زاوية هذا الاسبوع لتنشر مع بداية سيد الشهور وأعظمها,, شهر رمضان,, شهر القرآن,, الذي يضاعف فيه الله الحسنات، ويتسابق الى مافيه من الخير المتسابقون,, فتسمو فيه النفوس، وتصفو القلوب، وتتوحد المشاعر، وتبتهل في لياليه الأمة,, تستمطر رحمة الرحمن,, ترجوه وتدعوه، وتستغفره، وتستمد منه القوة والعون والرشد، تتفحص برحمته احوالها وأحوال سائر المسلمين في مشارق الارض ومغاربها,, فهذا بلد مسلم يعاني وطأة عدوان غاشم! وهذا بلد مصاب بجائحة!، وثالث يئن تحت الاحتلال! وآخر تنزف جراحه المثخنة! ورابع ينتظر دوره! وخامس في غياهب ازماته التي لا تنتهي! وسادس منقول على القناة السابعة! وثامن مشتبك في منازعة جوار مع التاسع! وعاشر يتفرج! وحادي عشر لا يدري الى من ينحاز، ولا من يصدق! وثاني عشر لا يدري ماذا عليه ان يفعل ليمارس دوره في مجتمعه المسلم! وثالث عشر لا يدري كيف يواصل حياته، ولا كيف يكون بلداً قابلا للاستقرار والنماء! ورابع عشر كل يوم في حال,, هو مع الكل، وضد الكل، وهو ايضا بلد نامٍ ونائم، وعامل وخامل، ومسلم وشامل، ومعك وضدك,, إلخ!
واذا تلتفت حولك,, تشاهد اجواء رمضانية معبأة بما له علاقة، وما لا علاقة له برمضان!,, فاذا كنت اقرب الى الصفاء الرمضاني,, وجدت مدخلا يسمو بنفسك، ويبث فيها شيئا روحانيا من رمضان,, وان كنت ممن يدخل رمضان كما يدخل مجمعاً تجارياً غارقاً في هالة من الاضواء,, فستجد تشكيلة واسعة من المذاقات, والمسابقات، والألوان والانواع والاحجام، والاصوات، والابعاد، والاطوال، والاوزان,, الخ وقد تم ربطها برمضان بالطريقة المناسبة!!,, حتى اللصوص في رمضان يسرقون بطريقة خاصة بالشهر تساعدهم على الصيام عن عاداتهم السابقة!,, والامر ليس غريبا ما دام هناك من يعلن بعبارات صارخة يدعو بها زبائنه في احدى الدول المسلمة الى الجمع بين التحضير للصيام، ومتعة آخر لحظة,, من خلال سحور راقص!!
ومن الغرابة ان تنصرم ايام هذا الشهر الفضيل ولياليه فتضيع ولم نحقق غاية تذكر من غاياته السامية! ولم نكسب فيه اجر بعض ما فيه من فرص الأجر!,, كأعمال النوافل والصدقات, وإقالة عثرات المخطئين! والتجاوز عمن اساء وقصر!,, لنسعد بقلوبنا قلوب الآخرين, ونستمثر خير ما في هذه المناسبة من النفحات لتجديد العلاقة بالله من خلال خلق الله,, فنحسن الى من نحب ومن لم نحب,, وقد علمنا ان الخيرين هم المبادرون دائما الى الخير,, ولم لا تكون البداية من رمضان؟!,, هذه فرصة لمن لم تسعفه لياقته في سائر الشهور السابقة!,, وان مما ينبغي على الخيرين عمله تجاه الناس الاخذ بما قاله احد الصالحين لأحدهم: إن عصيت الله فينا,, لا نملك الا ان نطيع الله فيك!,, فكيف حالهم مع من لم يعص الله في احد؟!
فرصة التصحيح اقوى في رمضان,, وأكبر، وأقرب,, حيث تحتجز الشياطين!، فالناس في غياب الشياطين اقرب الى الخير!,, وان كانت الفرصة في غير رمضان متاحة ايضا,, لكن من يضمن؟!,, وكل وقت يمر بالانسان هو فرصة غالية يمكن فيها تحقيق هدف الفوز بنتيجة طيبة لصالح العلاقة بالله,, او بعباد الله!,, حتى لا نرى ونسمع ونلقى الا ما نحب,, غير ان فرص رمضان المبارك هي الاغلى، والاعظم، والايسر!,, لكن مشكلتنا,, ان الفرص اينما كانت,, مع التفريط,, ليست الا مزيدا من الضياع!
لا تجرح صيامك، ولا تفرط في فرصة العمر في رمضان امام الأجر الإلهي العظيم للتخفف من تبعات الامس,, فالذنوب ثقال، وأيام العمر وإن طالت قصيرة!,, فكم من صائم في رمضان الماضي نفتقده في رمضان اليوم؟!,, ومن يدري,؟!
الحاصل,, لا هلال ولا نصر اكثر، ولا اهلي ولا اتحاد.
هي الروح الرمضانية فرصة الجميع للسمو بالنفوس، والعقول، والالسنة,, نسأل الله صياما مقبولا، وذنبا مغفورا، وعملا صالحا متقبلا,, وشهرا مباركا تتجسد فيه آيات العزة الاسلامية، والخير، والبركة والرحمة، والامن والسعادة.
وكل عام وأنتم بخير.
|