* عنيزة سالم الدبيبي
(لا يصح الا الصحيح) نعم فلا يمكن ان يتولد الايجاب من الارتجال، والنجاح لا يأتي الا بالجهد والعمل وفق قواعد واهداف محددة تدعمها النوايا الصادقة ويتوجها الحب الجماعي الذي يدفع الى الامام تتسارع الخطوات لتحقيق المكاسب المتصاعدة وصولا الى ارقى المواقع,, هكذا كان العربي وهو يطرز رداءه الجديد ويضع لبنات العودة الى ركن ينتظر ولم يقبل لشاغله بديلا فقد كان له وللعربي صولات تملأ فضاء التنافس بغبار الانتصار وجولات تضج بصهيل فرس لا يمتطيها سوى فارسها الاحمر,, قد تكون البطولة اقل من عنوان لتأكيد عودة الماضي فما زال الطريق طويلا امام ابناء العربي وهم يدركون ماذا قطعوا وما بقي من عودة للاحق الخطوات,, لكنهم استحقوا الاشادة والثناء بعد ما استنهضوا من اليأس قوى التفاؤل ووضعوا امامهم الامل ليفتح ابواب المستقبل.
الإدارة شرارة النجاح
بعد هبوط العربي من دوري الدرجة الثانية كآخر محطات الانحدار كان من الطبيعي ان يصل الاحباط الى قمة مؤشراته وان يتخلى عن مسئوليته من اجهده الجهد واتعبه التعب في محاولات مضنية لانتشال الفريق من كبواته المتتالية دون ان يتمكن من تقديم نجاح يعيد الصحوة لاسباب تتمحور بجملتها حول النوعية الاجتهادية التي ميزت تلك المحاولات المتحمسة للحاق ببقايا الفريق الذي كان قبل ان يترهل ويصل الى مستوى العجز.
وخلف ذلك ارثا كبيرا وتركة ثقيلة حيث لا معنويات تشحذ الهمم ولا بوادر تشير الى مستقبل افضل,, فالعربي ذهب ضحية لتراكمات من المشاكل والاخطاء ولم يتبق سوى الاسم والعراقة، وكان من البديهي ان يضع محبوه ايديهم على قلوبهم,, فمن يقبل ان يحمل هذا الارث على كتفيه؟! ولكن رب ضارة نافعة فقد كان خفوت الضوء فرصة للعمل المتواصل في الظلام، دون ضغوط تجهض الخطط قبل نموها واكتمالها مما يمنح الهدوء والقدرة على استشراف مستقبل الفريق من واقع التجارب الحية.
ربما تكون هذه الاساسيات حافزا للادارة الجديدة التي قبلت تحدي المستحيل ووضعت في منهاجها ان ظهور العربي السابق جاء وليدا لمخاض العمل المخلص ومقرونا بارادة الرجال ومساندة كل المحبين,, فكان من اولوياتها الحرص على جمع الشتات ونبذ الخلاف وتنقية الاجواء وتكوين حلقة (حب) تحيط النادي لتحميه من تسرب مخلفات الماضي.
تشريح الفريق وتقويمه
بعد تكوين مجلس الادارة برئاسة اللاعب الدولي السابق الاستاذ فهد بن علي الوهيبي وعضوية احمد الصبيعي نائبا للرئيس وعبدالرحمن المساعد امين عام النادي ومحمد المذن مسؤول العلاقات العامة والمهندس يوسف الناجم المشرف على كرة السلة وطارق الصائغ مشرفا على كرة القدم وعبدالله الحرابي قام المجلس بدراسة اوضاع النادي من كافة الجوانب ومن بينها فريق كرة القدم الذي ناله النصيب الاكبر كونه الواجهة التي تحكي واقع النادي وبدأت خطوات التصحيح بالبحث عن جهاز فني مناسب للمرحلة التي يعايشها الفريق وتم التعاقد مع التونسي احمد ابو عجيلة، كما وجدت الادارة نفسها امام مشاكل متعددة اهمها قلة الموارد المادية وهو ما يحبط التنفيذ للبرامج والخطط الموضوعة لانتشال الفريق وتقويمه بالشكل المنسجم مع تطلعات الادارة واهدافها,, من هنا كان الوضع يستلزم التضحية من اجل توفير القدرة على تخطي هذا الحاجز فقررت الادارة التنازل عن نجمي الفريق سند الحربي للتعاون وراشد الرويشد للرائد لتحقيق رغبات اللاعبين ولاستثمار عوائد الانتقال بتغطية احتياجات النادي وسط عزوف شبه تام من قبل اعضاء الشرف الداعمين,, وتم تكليف ابني النادي الملازم اول يعقوب اليوسف والاستاذ عبدالرحمن العقيلي بادارة الفريق وتسيير اموره بمتابعة مباشرة من قبل مجلس الادارة,, ولعدم ملاءمة الطريقة التي انتهجها المدرب احمد ابو عجيلة لقدرات اللاعبين تقرر الغاء عقده وإسناد المهمة لمدرب الشباب الجزائري عباس رحيم يساعده ابن النادي ونجمه السابق عبدالله السواجي وهما الاكثر إلماما بامكانات اللاعبين لاسيما وغالب الفريق يكونه عنصر الشباب الذين تهيأوا وصقلوا على يدي رحيم والسواجي.
نظام احترافي خاص
لان لاعبي العربي لديهم مشاكلهم الخاصة التي كانت من الاسباب الرئيسية لتراجع الفريق وهبوطه لما عكسته من حالة معنوية هابطة,, تمت المعالجة لذلك حينما وضعت الادارة نظاما خاصا شبيها بلوائح الاحتراف حيث يصرف شهريا مكافآت خاصة للاعبين تخضع للشروط الانضباطية بالحضور اليومي للتمارين والالتزام التام بالتعليمات التي من شأنها تطوير المستوى الفني والسلوكي,, وتواءم مع هذا حضور ومتابعة يومية من قبل اعضاء مجلس الادارة والمتعاونين لتشجيع اللاعبين وتحفيزهم المتواصل لكي تبقى الروح العالية شعارا يظلل مسيرة الفريق في رحلته الموفقة,, ولم تكتف الادارة بذلك حين قررت صرف مكافآت خاصة ومضاعفة للاعبين في المباريات المصيرية كما وفرت اجواء اعدادية مريحة ربما لم يحصل عليها الفريق حتى وهو ينافس الكبار,, وكان من البديهي ان تكون النتائج بقدر الجهد المقدم حيث احس اللاعبون بالمسئولية الملقاة على عواتقهم فكشفوا عن حقيقة مستوياتهم رغم الصعاب التي واجهتهم من افتقاد لبعض العناصر في لقاءات حاسمة اضافة للاساليب التي انتهجتها الفرق عندما واجهت العربي بقوة الاداء واللجوء الى نصب المتاريس الدفاعية.
نجوم واعدة
يضم العربي في صفوفه بعض الخبرة التي تقود نجومية الشباب ومستقبله الواعد والواقع ان الفريق يمنح التفاؤل بالقادم من المنافسات نظرا لتركيبته الملائمة للاكتساب والتطور اطرادا قياسا بالمرحلة السنية المبكرة التي تمر بها حاليا وقد قدمت ما يشفع للذهاب بعيدا في ذلك من جميع النواحي المهارية والفكرية حيث تصاعد الاداء مع ارتفاع مؤشر المنافسة واستطاع اللاعبون التكيف مع التقلبات التي واجهت الفريق خلال دوري لا يمكن التقليل من منافساته,, وعليه يتوقع ان يتضاعف الاهتمام والحرص لدى اللاعبين بما يتماشى وطبيعة المهمة القادمة بشرط ان تستمر التفاعلات الادارية والجماهيرية محافظة على نفس النسق ان لم يتم زيادتها,, اما عن ابزر الاسماء التي مثلت العربي وكسبت اولى منجزات العودة فهي قد ضمت كلا من حمد الجبيري خالد السبيعي عبدالله الفوزان يوسف الفرج محمد سعود صالح الصليلي محمد المبايع هاني السعود محمد السواجي، عبدالعزيز الصييفي، صالح المطلق (كابتن) عادل العتيق سليمان الجروان صالح الصييفي لفا لافي تركي الجروان.
وماذا بعد
لاشك ان الانتصار قد اعاد الروح للنادي واكد نجاح المهمة الصعبة التي تحدت بها الادارة الجميع وقد تكون النتيجة مبكرة قياسا بطموح البناء الذي اختير كأساس للعمل عند ما بدأت الممارسة الادارية للرجال الذين تسلموا مسئولية النادي,, وان من الواضح الحماس الجماهيري حسبما اظهرته المباراة الختامية (والزفة) التي اعادت الفريق من بريدة توضح اكثر مما ينبغي صبر العرباويين وحاجتهم للفرح بعد انكسارات السنوات الاخيرة,, من هنا يتوجب على الجميع الوقوف خلف الادارة التي اثبتت وبفترة وجيزة قدرتها على مسح الماضي بألوانه القاتمة ورسم الحاضر بألوان فاتحة تحكي حقيقة المستقبل القادم.