** قدم العملاقان الهلال والنصر يوم امس مباراة كرة قدم بالمعنى الصحيح,, وظهر الفريقان باداء فني ممتاز نسبة لاداء النصر واسلوب لعبه الجماعي والعمل الفني المتميز لمدربه اليوغسلافي ميلان ونسبة للعناصر الممتازة في الجانب الهلالي والتي قدمت اقصى ما تستطيع بما تمتلكه من خبرة وتجربة فردية كانت هي العامل الاساسي في اداء الفريق بالامس.
النصر استحق التهنئة بالامس بروح لاعبيه العالية واصرارهم وتفاعلهم مع المباراة كما يجب ,, حيث بذل نجوم الفريق مجهودا كبيرا بحثا عن الفوز وتلافيا لخسارة جديدة امام الهلال,, وامتاز الفريق بوضوح العمل الميداني لمدربه في طريقة نقل الكرة وبناء الهجمات والاستحواز على اللعب بانتشار جيد وسلامة في الاداء وتقارب المساحات بين اللاعبين وبالتالي نفذ الفريق الانتقال للهجوم والدفاع بشكل جماعي ومنظم بالاضافة لاسلوب الضغط على حامل الكرة وتضييق المساحات امام الهلاليين,, فضلا عن نجاح السيد ميلان في اختيار التشكيل المناسب للمباراة بعد ان اجرى عدة تغييرات في بعض مراكز اللاعبين باشراك الشويع كمدافع ثالث وتعويضه بالجنوبي في الظهير الايسر وكذلك تقديم المغربي السماص التركي كلاعب محور بدلا من ابن نصيب مع اشراك نهار الظفيري في الهجوم بجوار محيسن ومن خلفهم الهريفي والموسى في حين جاءت مشاركة الظهير الايمن حمد الخثران موفقة للمساندة الهجومية بالتناوب مع الظهير الايسر الجنوبي ,, هذا الاسلوب منح النصر التوازن في الاداء والقدرة على مواجهة الهجمات الهلالية بل والغاء الخطورة الهلالية او التقليل منها,, غير انه لم ينجح في خلق فرص تسجيل طفيفة بفضل تفوق الدفاع الهلالي بقيادة الرائع عبدالله شريدة ومن خلفه حارس القرن الآسيوي العملاق محمد الدعيع.
** الهلال عانى كثيرا بالامس في القدرة على فرض اسلوبه على المباراة وتبادلها بطريقة سهلة سلسة بعيدا عن التعقيد وذلك للانتشار الضعيف للفريق والاحتفاظ بالكرة والسير بها مسافات طويلة في الوقت الذي بات هذا الامر غير موجود في كرة القدم الحديثة.
واعتمد الفريق الهلالي على التحركات الفردية للاعبيه الشلهوب تارة ونواف تارة اخرى مع التركيز على اجتهادات سامي ومحاولاته المتكررة والتي عابها عدم الجدية واللعب السريع المباشر,, ليظل الهويدي معزولا من بقية زملائه رغم طلبه للكرة المتكرر دون جدوى.
** أداء الهلال بالامس دفعيا كان اكثر من جيد,, لولا هفوات ليتانا وعم قدرته على التركز الصحيح مما كاد يعرض فريقه للاحراج واعتمد الهلال على اللعب الجماعي في فترات متباعدة وحسب اجتهاد اللاعبين دون ان يكون هناك منهجية واضحة للاداء او اسلوب لعب يطبقه الفريق فضلا عن عدم قدرة الفريق كمجموعة في تنفيذ الجمل التكتيكية المعتادة والضغط على الخصم وسط الميدان كما ينبغي ,, ولذلك جاءت الهجمات الهلالية رغم خطورتها صعبة وغير محضرة بشكل جيد معتمد على المجهود الفردي والمبادرة الذاتية للاعبين.
وفي مقاييس الاداء للكرة الحديثة فان الهلال كان ضعيفا جدا في هذا الجانب على عكس منافسه الذي قدم سمات من كرة القدم الحديثة المعتمدة على السرعة والقوة والنقل السريع للكرة,, غير ان قدرات اللاعبين كأفراد كانت العائق الوحيد امامهم في تقديم اكبر مما قدموه وبالتالي تحقيق الفوز.
** النصر بالامس حرص لاعبوه على محاصرة لاعبي الهلال فرديا,, ونجح الفريق بالفعل في تحجيم اداء الهلال كثيرا,, فضلا عن اعتماد اسلوب (اذا فاتت الكرة,, لايفوت اللاعب,,!) ولذلك نال ثلاثة مدافعين بطاقات صفراء باخطاء احترافية من هذه النوعية,, وساهم في ضعف الجانب الهجومي للهلال قلة الكثافة العددية امام مرمى النصر والتي اقتصرت على الهويدي ونواف وفي احيان اخرى على الشلهوب وسامي بالاضافة لهما,, وهذا غير كاف لتحقيق الفوز.
على اي حال شخصيا اعتقد ان النصر كسب بالامس بخروجه متعادلا وعدم تعرضه للخسارة امام الهلال اضافة الى استفادته الحقيقية من اللقاء الذي كشف لمدربه الشيء الكثير قبل مشاركته العالمية المقبلة.
كما فاز ايضا بالاداء الجيد الذي قدمه لاعبوه وفقا لامكاناتهم بل وتفوقهم لمجاراة الهلال والجدية في اللقاء تلافيا للخسارة.
في الوقت الذي يحتاج فيه الهلال للكثير لتحصين مستواه على صعيد العمل الميداني والاداء الفني الجماعي وبالذات في الاستحواذ على الكرة او تحضير الهجمات وبنائها وتقديم كرة تتوافق والعناصر ذات الكفاءة العالمية في صفوفه دون ان يتمكن مدربه حتى الان من بلورة كل ذلك باداء جماعي يعكس هوية هذا الفريق وقدرته على الفوز الذي لم يحققه في الدوري سوى مرتين على الوحدة وسدوس وهذه كانت بالفريق الرديف!
من القمة
* حكم اللقاء يوسف العقيلي قاد المباراة بشكل ممتاز يعكس تطوره ودقة متابعته وانصافه للفريقين,, ويؤخذ عليه عدم طرد محيسن الجمعان قبل ثلاث دقائق من نهاية المباراة عندما ارتكب خطأ مع لطف مماثل للخطأ الذي ارتكبه مع المسعري ونال على اثره بطاقة صفراء.
كما لم تسجل على مساعدي الحكم اي اخطاء.
* النصر بالامس كسب الاحترام باجادته التعامل مع المباراة والتحضير لها والاستفادة من المباراتين الماضيتين امام الهلال.
* الدعيع كان اضافة جديدة لقمة العملاقين وفرض نفسه في المرمى الهلالي نجما كبيرا مؤكدا انه اكبر مكاسب الهلال هذا الموسم.
* لو كان لدى السيد لوري جرأة اكبر لابقى الرائع محمد الشلهوب واشرك الغامدي مكان القحطاني ذي الدور الدفاعي,, كما ان الهويدي لاذنب له فيما قدمه في المباراة فلم يستلم الكرات الجيدة والسهلة ولم يجد من يحضر له الكرات من وسط الميدان ويتفاهم معه جيدا.
* الهلال فرط بالفوز في الشوط الاول بعد ان اهدر لاعبوه لطف والهويدي والتيماط كرات مناسبة جدا للتسجيل.
* لم يتميز اي من لاعبي النصر عن زملائه,, فقد ظهر الجميع باداء جماعي وتعاون وتكاتف بشكل ممتاز.
* ليتانا كاد ان يتسبب في خسارة فريقه باخطائه الفادحة وبالمقابل كان الشريدة نجما فوق العادة ليقدم نفسه كأفضل مدافع سعودي حاليا,, وهو بالفعل سيتحقق ان يكون القائد الحقيقي للهلال.
* سامي كان بحاجة لان يتعامل مع المباراة والكرات التي وصلته بجدية اكثر وبعيدا عن الفلسفة رغم انه تحرك وحاول وكان مصدر خطورة دائم,, اما نواف التمياط فلم يظهر بتاتا!
* التريكي كان الاجنبي الوحيد في صفوف النصر,, ولم يظهر سوى في فترات متباعدة من الشوط الاول واختفى في الثاني.
* ختاما المباراة جاءت مشرفة لكرة القدم السعودية وفي مستوى التطلعات رغم خلوها من الاهداف.
عبد الكريم الجاسر