الصوم طاعة لله تعالى وأحد أركان الإسلام التي لا يتم الإسلام إلا به، فضلاً عن أن الله تعالى يثيب المؤمنين عليه ثواباً مفتوحاً لا حدود له، لأن الصوم له سبحانه، وكرم الله واسع، وبالصوم يستحق المؤمن رضوان الله تعالى ودخول الجنة من باب خاص أعد للصائمين يقال له الريان، لا يدخل منه أحد غيرهم.
فشهر رمضان المبارك موسم لأمرين عظيمين كفارة الذنوب ومغفرة الخطايا، وتحقيق التقوى وكسب الحسنات من الله تعالى، فهو كفارة للذنوب من عام لآخر، وطريق بالطاعة للاستقامة على الحق الذي شرعه عز وجل, كما أن الصوم مدرسة خلقية روحانية يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة مثل جهاد النفس وممارسة الصبر عن الأهواء ونزغات الشيطان والابتعاد عن الشهوات واللذات من مأكولات ومشروبات ومنكح.
والصوم يعلمنا الأمانة والصدق وقوة الإرادة ومراقبة الله عز وجل في السر والعلن، إذ لا رقيب على الصائم في امتناعه عن الطيبات والمفطرات إلا الله وحده فلا يدخله رياء ولا سمعة.
والصوم يعلمنا الانضباط والالتزام بالنظام من حيث مواعيد الأكل والشرب والامتناع عنهما في أوقات محددة، كما أنه يشعرنا بوحدة المسلمين وتميزهم عن غيرهم بما يقومون به في هذا الشهر الكريم من عبادات وغيرها, كما أنه يذكر المؤمن بأحوال اخوانه المسلمين الذين تربطهم به أواصر المحبة والأخوة في الله الذين هم في غالب الأحوال والبلدان يعانون من الفقر والجوع والحاجة التي طالما استغلت لاذلاهم ومساومتهم على عقائدهم ومبادئهم الإسلامية, فيعرف المسلم حق اخوانه عليه من مال وصدقة واجبة وغيرها، وليطهر أمواله باخراج ما أوجب الله عليه لأصحاب الزكاة الثمانية الذين نص القرآن عليهم في قوله سبحانه إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها الآية.
كما أنه يجب علينا أن نتذكر ان الله عز وجل شرعه لنا لمحض مصلحتنا في الدنيا والآخرة، فمن ذلك ما دلت عليه أقوال أهل العلم بالطب وهي أن الصوم يجدد حياة الإنسان بتجدد الخلايا وطرح ما شاخ منها واراحة المعدة والجهاز الهضمي وحماية الجسم والتخلص من الفضلات المترسبة والأطعمة غير المهضومة والسموم الزائدة والعفونات والرطوبات التي تتركها الأطعمة والأشربة، لذا جاء في الحديث الحسن صوموا تصحوا , ومع أنه يشتمل على الخصال ويحقق أعظم المصالح للعبد المؤمن في كل ما ذكر، إلا أنه أشق التكاليف على النفوس لما فيه من الامتناع عن المأكل والمشرب والمنكح عامة اليوم.
نسأل الله تعالى لنا ولإخواننا المسلمين في أنحاء المعمورة العون والقبول والمغفرة والرضوان في شهر القرآن.