في سكون الليل، وبعد ان توارت ظلمة دامسة، أعقبتها عاصفة قوية وممطرة، كان للخوف النصيب الأكبر في نفوس أهل القرية، هو من أبناء القرية المجاورة، كان عاشقاً متيماً في حب سارة ومن لا يعرف سارة تلك البنت الجميلة طيبة القلب ومن أسرة تملك الجاه والمال.
في إحدى ليالي الشتاء القارس، نازعته رغبة الحضور، وعدم الحضور في وقت واحد، فكر قليلاً ثم قرر الصعود الى الجبل المجاور لقرية عشيقته، ومن دون وعد مسبق بينهما، مرت ساعات وهو منتظر تارة يضطجع على جنبه وتارة أخرى يقف على قدميه، ومع اشتداد البرد ونحافة جسمه قرر البقاء وان كان ذلك خطر على حياته لعل وعسى ان تأتي وان كان هذا مستحيلاً في جو كهذا.
فكر قليلاً ثم قال في نفسه ياترى هل هي راقدة الآن وأنا انتظرها؟ ثم قال لا انها قادمة سوف أنتظر حتى تأتي، لقد انتظرت طويلاً ثم عاود أفكاره مرة أخرى, جلس يتأمل ووضع يده على خده قائلاً: هل تذكرني الآن؟ هل تذكر صدى صوتي الشاحب عندما أنادي عليها؟, هل تذكر ذلك اللقاء عندما تقابلنا مصادفة, ثم قال: آه انني أشعر بالدفء الآن عندما أذكرها، ثم أخذ ما تحته من حجارة واستلقى على ظهره وراح ينظر إلى النجوم وخطر بباله سؤال هل ترى النجوم الآن؟ أكيد ترى تلك النجمة الأكثر اضاءة في كبد السماء، ثم قال: لا إنها ترى تلك، بل ترى كل النجوم في هذه السماء الفسيحة حينها اهتزت اضلاعه من شدة البرد، قائلاً: آه ما أقسى البرد.
أخذ عددا من الحجارة المتناثرة حوله وأخذ يقول: سوف تأتي، ثم أخرى ويقول لا تأتي وهكذا لعل آخر حجرة تكون تأتي,, من أجل ان ينتظرها، ولكن في كل الحالات تأتي النتيجة مخيبة لآماله لا تأتي وفي غفلة منه أخذ النعاس يتلاعب به يغفو قليلاً، ثم يستيقظ وهكذا، وقبيل الفجر بقليل وقف ثم أخذ بتمشيط الجبل لعل وعسى أن يراها، ولكن لم يكن شيء مما يتمنى، وعاد إليه هاجس التفكير من جديد قائلاً: اذا حضرت هي ماذا سيحدث؟ وماذا أقول لها؟ بماذا أبدأ معها؟ سوف أقول لها انني أنتظرك على هذا الجبل منذ,, منذ,, متى,, ثم قال بعصبية اذا لم تحضر هي ماذا سيحدث؟ هل ستتغير الأمور؟ هل ستشرق الشمس من الغرب؟ وهل سينتهي كل شيء؟ صمت لحظات ومع بزوغ الفجر ادخل يده الى جيبه وأخرج مرآه صغيرة فنظر فيها، فرأى عينيه قد أحمرتا من طول السهر، ووجهه مصفرا ورجليه مثقلين لا تستطيعان حمله من قمة الجبل الى منزله حينها سيعاود الذكريات، قائلاً: هذا لا يهم مادام القلب مستمرا في الخفقان.
إبراهيم محمد ابراهيم مراد
أبي عريش
** كان بامكان الصديق إبراهيم مراد ان يستغل هذا الضياع النفسي لبطل القصة وان يوظفه بشكل أفضل؟!,, فأسلوب طرح التساؤلات بشكل مكثف يبعث الملل ويفقد القصة وهجها ولذتها!,.
كما أن محاولة شرح الأمور الدقيقة بشكل متكرر في القصة,, يجعل القارئ يتساءل: هل أنا غبي؟!,, بالطبع صديقنا إبراهيم لا يفتعل مثل هذه الأشياء,, ولكنها أيضاً تضعف كتابته القصصية!
لقد استطاع إبراهيم مراد ان يصور لنا نفسية البطل بشكل مثير,, ولو أنه اختصر في سرد التساؤلات لظهرت القصة بشكل آخر مختلف تماماً عما هي عليه الآن؟!,, وبمقدور صديقنا إبراهيم ان يكثف من قراءاته القصصية حتى يستطيع ان يتقن فن كتابة القصة القصيرة,, فلديه الحس القصصي الذي يجعلنا نؤكد موهبته الحقيقية في هذا المجال.