Thursday 2nd December, 1999 G No. 9926جريدة الجزيرة الخميس 24 ,شعبان 1420 العدد 9926


متناقضة مع هؤلاء,,, ومتوافقة مع أولئك
مصالح الغرب من الحرب في الشيشان

ما يجري الآن مشاهدته على ارض الواقع من احداث دامية للشعب الشيشاني المسلم والصمت العالمي تجاه المذابح لهذا الشعب الاعزل ليس وليد الصدفة وإنما هو مخطط يجري تنفيذه ضمن استراتيجية غربية كانت بداياتها قبر الشيوعية عبر تفكيك الاتحاد السوفيتي وما كان يسمى بالكتلة الشرقية، والحرب الشيشانية الاولى والثانية يجري التعامل معها ضمن سياق هذا النسق ففي الحرب الاولى كانت مصلحة الدول الغربية هي في إضعاف موقف القيادة الروسية وتقييد حركتها عندما اعترضت على ضم دول الكتلة الشرقية الى حلف الناتو وعلى ترتيب الغرب للاوضاع فيما كان يسمى بيوغسلافيا وفقا للمصالح الغربية وعلى مد خط الانابيب من القوقاز الى البحر الابيض المتوسط عبر تركيا, لذلك كانت مصلحة الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة هي الوقوف الى جانب حق الشعب الشيشاني ومده مباشرة بالعون المادي والمعنوي في كل المحافل والمنتديات او عن طريق الحلفاء والاصدقاء بما في ذلك الدول الاسلامية لإنهاك الاقتصاد الروسي وإلحاق الهزيمة بالقوات المسلحة واذلالها لإجبار القيادة السياسية على الاستجابة للمصالح الغربية وقد استفاد الشعب الشيشاني من هذا الموقف الغربي المتوافق مع مصالحه في طلب الاستقلال مما اضطر القيادة السياسية الروسية للاستجابة لاغلب مطالب الشيشان, اما الحرب الثانية القائمة حاليا فإنها بعكس الاولى تماما فالمصالح الغربية فيها متناقضة مع المصالح الشيشانية ومتوافقة مع مصالح القيادة الروسية، فالقيادة والحكومة الحالية في روسيا هي الزعامة الرأسمالية الوحيدة على الساحة الروسية القادرة على استمرار السير في الخط الذي يحافظ على المصالح الغربية الدولية, وبما ان روسيا على ابواب انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة فان الرئيس بوريس يلتسين وبالاتفاق مع الغرب اختار خليفته والخطط والبرامج التي تكفل نجاح كتلته في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية للحيلولة دون فوز الحزب الشيوعي والمتحالفين معه, ومن هذه الخطط استدراج بعض المجاهدين في حرب الشيشان الاولى للوقوع في فخ توريط الحكومة الشيشانية في حرب جديدة عن طريق قيام هؤلاء المجاهدين بشن الحرب على الجيش الروسي في داغستان مما اعطى المبرر للحكومة الروسية بتوسيع هذه الحرب لتشمل الشيشان بدعوى محاربة الارهاب, فالهدف غير المعلن من هذه الحرب هو استعادة هيبة الجيش بإخضاع كامل التراب الشيشاني للتاج الروسي والتظاهر من القيادة امام شعبها بعدم الخضوع للقوى الدولية وانها وحدها هي القادرة على المحافظة على وحدة روسيا الكبرى ومكانتها كدولة عظمى مما يضمن لهذه القيادة ولاء القوات المسلحة وكسب صوت الناخب الروسي وإلحاق الهزيمة الشعبية بالحزب الشيوعي بإسقاطه في الانتخابات وهذا واحد من الاهداف الرئيسية للدول الغربية وهو ما يفسر سر الصمت العالمي والموقف الغربي من حرب الشيشان الثانية, لذلك فان على الاخوة في الشيشان - أعانهم الله - احتمال الصبر على الصمت العالمي على مأساتهم لحين ظهور نتائج الانتخابات في روسيا ومباشرة الرئيس الجديد لمهامه والبرلمان لاعماله, فقد يكون بعد ذلك للغرب موقف آخر مغاير يتبعه التفاعل في التعامل من الدول الاسلامية, والاخوة في الشيشان ليسوا وحدهم ضحية المصالح الدولية فإن مثلهم في ذلك مثل الشعب العراقي المضطهد من حكومته والمتجاهل من امته والمحاصر من عالمه لحين حل مشكلة ما يسمى بقضية الشرق الاوسط ليتم بعد ذلك حل مشكلته من قبل الغرب اما بتغيير النظام الصدامي الظالم او بتجميل وجه هذا النظام بديموقراطية صورية وعلاقات خارجية مظهرية ليقوم من خلالها بدور جديد ضد اهله ومصالح امته, اما الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والرابطة فسيظلون في التعامل مع القضايا والتفاعل مع اوضاع الشعوب الاسلامية كبقية المنظمات الدولية ضمن ركاب قطار الضعفاء، تحركه وتوقف عجلاته ومنبهه سياسة القطب الواحد.
ابراهيم بن عثمان المفيز
الرياض

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved