Thursday 2nd December, 1999 G No. 9926جريدة الجزيرة الخميس 24 ,شعبان 1420 العدد 9926


جلس,, حكى,, أمتع
من حدث كثيب قال
محمد العثيم

في الاسبوع الماضي اقام نادي القصة السعودي لقاء في مقر الجمعية العربية السعودية للفنون للاحتفاء بصدور مجموعة جديدة للقاص الدكتور حسن النعمي,, وجلس للحكي عن القصص الزميل المبدع عبدالحفيظ الشمري الذي كان مبدعا في نقده بما يوازي ابداعه الفني في كتابة القصص,, وكان ما اذهلني في الاستعراض الوصفي للزميل الشمري لقصص النعمي انه كتب تقريرا اداريا بالرقم متجاوزا اشكالية انه مع او ضد رغم ان اكثر آرائه انطباعية المنحى لكن الاستاذ عبدالحفيظ استطاع التخلص بثقة من ورطة مع قاص من ابرز القاصين في المملكة الان بل لعله واحد من الاصوات ذات الوعي الاصيل.
وعبدالحفيظ في عرضه لم يبتعد عن نفسه في مخاوفه التي تتسرب لنا في ثنايا قصصه وابداعه حتى ان الانسان يقرأ اوراده وهو يتابع الشمري في حكاية عبر سلم او وهو يطل من فوق ساحات الموتى,, ولعبدالحفيظ اناقة حوارية فيما ادرجه في قصصه منذ ان بدأ رحلته القلمية الجادة قبل ما يزيد على عشر سنوات.
عبدالحفيظ الشمري يثير غيرة مستمعيه لكنه يخرج بهدوء وتواضع وكأن الامر لا يعنيه ولا يستحق ان يعطي اهمية وهو ما فعله بنا في امسية الدكتور حسن نعمي القصصية التي وجهها نقديا دون ان يدري الحضور او كثيرا منهم انهم تحولوا الى كورس انشاد مع عبدالحفيظ.
وكان المايسترو الثاني في الامسية الجميلة رجل السرد الاكاديمي المعروف الدكتور عبدالعزيز السبيل الذي اضفى نكهة خاصة على الامسية عندما حولها الى نقاش حول الفن فطلب من النعمي قصته القصيرة اغماء وبدا لي ان النعمي تردد قليلا في قراءة هذه القصة لكن الجمهور ألح فقرأها وكان الدكتور السبيل محقا فقد اثارت الحوار الساخن في امور تتعلق بموضوعات الشكل والمضمون والصدام والمقابل,, وكان لنعمي تجاوزها في قصتيه من اول الكتاب الى التجذر بعيدا عن الجدل.
وبالتأكيد فان هذا اللقاء ليس اطراء للرجلين النعمي والشمري ولا حتى السبيل فالعمل بين ايدي القراء ولهم حكمهم ولكن ما يلفت الانتباه هو تميز الامسية بالحضور النوعي الذي خلق تفاهمات مدركة ليس للفن القصصي فقط بل للفنون الابداعية الاخرى حيث عرج الحاكون على الشعر والتشكيل وغيرهما بما فيه اللغة العربية وفنون الدراما.
الامسية يمكن وصفها بأنها طقس ثقافي عابق يبعث الدهشة.
بعد عودتي المتأخرة للمنزل راجعت اضابيري الفقيرة بحثا عن اسطري حول الامسية,, وكان لابد لي من تسجيل شهادتي وهي وان كانت قليلة النفع لبعضكم من متابعي الرجلين الاديبين الا انها لا تضر بقدر ما تحقق رضى بابراز الرؤية من زاويتي بعيدا عن مناهج النقد والنقاد.
* * *
مجموعة الدكتور حسن النعمي الموسومة حدث,, كثيب قال المجموعة الوحيدة التي شدتني لقراءتها بعد غياب طويل عن قراءة القصص القصيرة بلغ زهاء الست سنوات,, وكنت احسب ان اهل القصة القصيرة قد نضب معينهم مثل اهل الشعر,, لكني وبمراجعة بسيطة لنفسي وجدت ان اسماء معينة لا يصمت نفسها القصي حتى بعد كل ما مر بنا من غربلة وتكالب على انواع ادبية اراد كل ان يسوقها مسابقة فترى من يقول: لِمَ نكتب المسرح,, وترى من يقول: لِمَ نكتب الشعر الحديث وقصيدة النثر,, وترى من يقول: لِمَ نكتب القصة,,؟ وكلها من مخرجات خيبة الامل العامة في المتغيرات الثقافية التي سادت حياتنا لاكثر من عشر سنوات وزعت بيننا كآبة ابداعية عندما همش المبدع في خانة المنسي والمغيب واحيانا المرفوض.
هذا يجعلنا نتفاءل بعودة الابداع على يد عدد من الاسماء القادرة بأنه نصر للفن الجميل مقابل الفكر الذي يسود اهله ويتضاربون بخوازيق معدنية حوله تنهي جمال الكلمة التي علمها الله لآدم وبنيه.
لذلك عدت عودة الخائف وتلمست طريقي في مجموعة الدكتور حسن نعمي وهواستاذ للادب بجامعة الملك عبدالعزيز نشط في النادي الادبي بجدة وغني عن التعريف وكنت رغم صداقتي له لا اعرف انه قاص قبل ان تقيده مناهج الاكاديميا وله عدة اعمال منشورة وغير منشورة.
ومجموعته القصصية حدث كثيب قال صدرت حديثا عن دار الكنوز وتحوي احدى عشرة قصة قصيرة كتبها المؤلف بين العامين 95 و 1998 ومعظمها يسلك اسلوبا شاعريا انيقا ناعم العبارة,, ومع حكي سردي جعل بعض مناقشيه يسأله ان كتابة بعضها روايات,, وحسب علمي فللنعمي رواية واحدة على الاقل اطلعت على مسودتها.
من اساتذه النقد من سيقرؤون قصص النعمي بكثير من التطبيق المنهجي القديم والحديث لكني اشك ان هناك من سيتفاهم مع النعمي بصفته ظاهرة مميزة في الادب السعودي الحديث تبين ملامحها واضحة في كثير من سردياته التي لا يفرقها العامي من السواليف او الحكايات ويستجلي مضامينها,, ويعرف المتخصص انها من السهل الممتنع.
ختاما اشيد بقراءة النعمي الجيدة لحكاياته وكان التميز في روعة التوحد مع التراب والتجذر فيه من المجنون الى نابت لذي زرع اصبعه وسقاه دمه.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved