Thursday 2nd December, 1999 G No. 9926جريدة الجزيرة الخميس 24 ,شعبان 1420 العدد 9926


صدى الابداع
د. سلطان سعد القحطاني

لقد تعرفنا فيما مضى على بعض التعريفات الخاطئة التي مارسها بعض الدارسين لفنون النثر الادبي، من حيث الخلط بين فنونه، وضبابية المصطلح الفني، وقصور الدراية بالفروق الطفيفة بين كل فن وآخر، والنقل على خطئه من السابقين، والتسليم ببعض المقولات، بأخذ الحذر الشديد عن مناقشتها، وبالتالي صار الهيكل العام علماً على ما تحته من فروع، كالقصة، وفروعها، والسيرة وروافدها، التي تحدثنا عنها في سياق الحديث عن روافدها، وتعريف مصطلحات، وليس التعريف بالحد الفاصل في قضية فنية الرواية مثلاً، او صدق السيرة الذاتية، او الغيرية، ولكن العصر الذي نعيشه، ونعايش قضاياه الفكرية، عصر التخصص الدقيق، مع الاحتفاظ بالاصول والاسس العلمية والفنية، والنظر الى العمل الفني بعين الاعتبار، قبل الدخول في التفريعات التي لابد من الدخول فيها من وجهة النظر النقدية، بعد متعة التلقي، وهي ملك الجميع من عامة القراء بما فيهم الناقد، وهو قارىء مستمتع اولاً، ثم تأتي درجة النقد والدراسة والتأريخ لهذا الفن او ذاك فيما بعد, ويفاجأ المرء في كثير من الاحيان بعناوين نقدية في ظاهرها، انفعالية في باطنها من بعض الدارسين، الذين وضعوا في حسبانهم آراءً جاهزةً بمجرد قراءة العناوين لهذا العمل او ذاك قبل الشروع في قراءة العمل نفسه مثلما يرى احدهم كتاباً، كتب على غلافه كلمة رواية فيعالج موضوعه على انه رواية ،والحقيقة انها قصة طويلة, واننا نعرف ان السيرة الذاتية لا تستغني عن الروافد التي اشرت اليها سابقاً، ومنها الاعترافات وحتى الاعترافات، تنحو مناحي متعددة، منها الاعتراف بالذنب في سبيل التوبة ،وهذا لا يتعدى محيط الخطيئة بهدف التكفير عنها ولكن لا يمكن ان تكون الاعترافات، او الذكريات، او المذكرات، سيرة في حد ذاتها، وقد تكون ذكريات الطفولة التي تعالج حقبة تاريخية عزيزة على صاحبها، مثلما ذكرت سابقاً عند عبدالعزيز الربيع.
وأذكرها، الآن عند احمد السباعي، في قصته خالتي كدرجان لكنها ذكريات وقفت عند حد معين، لم يكملها صاحبها لتكون سيرة ذاتية.
واذا رجعنا الى مفهوم الذكريات كمخزون مهم لتناول الاحداث، لوجدناها سهلة المنال، ولذلك كثرت في ادبنا العربي، وحتى الآداب العالمية اكثر من السيرة التي تكون ركناً هاماً من روافدها التي تمدها بالتعاون مع الروافد الاخرى بالمادة, ولم يعن كتاب الذكريات بوجه عام بذكرياتهم السيرة الذاتية بمعناها الاصطلاحي، بل ان الكثير منهم لم يتعرض اليها لا من بعيد ولا من قريب، وها هو مصطفى امين يصدر ثلاثة اجزاء عن ذكرياته المرة في السجن لم يقل عنها سيرة، لكنها ذكريات على اية حال, ولكن الدارسين لهذا النوع لم يكونوا على دراية بأبعاده ومراميه مثلما كانوا يفعلون مع الرواية باعتبارها من الفنون الحديثة، وقد سبق الحديث عنها، لذلك صار اطلاق المصطلح هيناً عندهم في زمن الاختصاص الدقيق في كل شيء حيث النقل هو السمة السائدة، والاثارة والتنقيب عن الغريب طبع سلكوه فيما يشبه الاعلان التجاري, فالشاعر حسن عبدالله القرشي، لم يقل عن تجربته الشعرية، انها سيرة حياته ولكنه يصف فيها كيفية بداياته الشعرية، وما مر به فيها من اطوار.
وكذلك الدكتور، غازي القصيبي في السيرة الشعرية، لم يقل عنها، سيرة ذاتية ومثلها تجربة حسن محمد كتبي في كتابه هذه حياتي وأدهى من ذلك، وأمر الاختلاف بين الناقدين، فعلى سبيل المثال، يكتب الانسان مذكراته او جزءاً من ذكرياته، فيدرسه البعض على ان هذه سيرته الذاتية بالشكل الذي يراه، وليست بالشكل الذي كتبت به مثلما حصل لكتاب الاستاذ منصور الخريجي، ذلك الكتاب الذي يحتوي على اعترافات ومذكرات كاتبه.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved