Thursday 2nd December, 1999 G No. 9926جريدة الجزيرة الخميس 24 ,شعبان 1420 العدد 9926


الجهيمان يواصل حديثه للجزيرة: 2 2
ابتعدت عن أخبار الظهران بسبب مقالة تؤيد تعليم الفتاة
أستعمل الرمز في كتاباتي لأن ما كل ما يعلم يقال

* حوار :عبدالحفيظ الشمري
في الجزء الاول من هذا الحوار مع الاديب عبدالكريم الجهيمان تناولنا فيه جملة من القضايا التي تتعلق بالسيرة الشعبية والامثال,, وطاف بنا الاديب الجهيمان في عالمه الادبي طوال عقود تربو على السبعة قضاها في البحث عن المفردة الشعبية اضافة الى اسهاماته في مجال الادب والبحث المعرفي والتي تجسدت بجملة من الاصدارات والمؤلفات والمقالات والبحوث.
وفي الجزء التالي من هذا الحوار نتناول بالاسئلة تجربة اخرى من تجارب الجهيمان تتمثل في همومه، الصحفية وكذلك رحلاته ومواصلته التأليف والبحث في مجال السيرة الشعبية والامثال,, لتأتي اجاباته على هذا النحو:
* الشيخ عبدالكريم الجهيمان انتم من اوائل من اهتم بالصحافة السعودية كيف تصف لنا تلك التجربة؟
كما هو معروف ان اول الصحف السعودية هي البلاد السعودية و صوت الحجاز فقد تواصلت مع هاتين الصحيفتين بالعديد من المقالات والقصائد فكانت اول قصيدة تنشر لي اواخر عام 1347ه اذ كنت انظم القصائد الترحيبية في الملك وتنشر بين الحين والآخر.
وعندما تطورت الحياة في نجد عدت لأعمل في جريدة اليمامة كاتباً ثم توليت الاشراف على صحيفة القصيم فكنت انشر مقالتين الاولى بعنوان مع الزمن والاخرى بعنوان المعتدل والمائل , ولم يطل بنا المقام فقد سافرت الى الظهران واسست اخبار الظهران وهي صحيفة تعرف الان باسم اليوم فكانت تجربة متميزة ولم ألبث ان تخليت عنها بسبب مقالة كانت تدعو الى تعليم الفتاة فقد رأى صاحب تلك المقالة ان عدم تعليم الفتاة شيء يخل في توازن المجتمع,, فالفتاة ان ظلت جاهلة فان الشاب سيعزف عن الاقتران بها وربما سيتزوج من امرأة من الخارج.
والذي يبدو لي انه من الضروري ان ننظر الى مثل هذه القضايا والطروحات من نظرتين مجردتين الاولى هل هي من قبيل التغير الاجتماعي والثانية هل هي حاجة ماسة ومهمة فان كانت لمجرد التغيير فانها مرفوضة اما ان كانت من قبيل الضرورة فلا مانع.
واهداف هذه الطروحات غالباً ما تكون اجتماعية في امر تعليم ا لفتاة,, أما اليوم فانه من الضروري ان يفتح لها مجال اكبر لتشارك الرجل,, فهي لما كان الرجل جاهلاً كانت شريكاً له في جميع اعماله في زراعته وفلاحته، ومغازيه حتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يخرجن مع الغزاة يسقين الضمآن، ويعالجن الجريح,, المرأة ياأخي لا يحميها الجهل أو الزوج أو الأهل ولا يحميها الا الدين والعقيدة ، والاستقامة,.
* الشيخ عبدالكريم بودنا ان نعود الى موضوع الصحافة,, كيف ترى العمل الصحفي اليوم في ظل العديد من التغيرات التي مرت بها على مدى عقود عديدة؟
الصحافة في الماضي كانت اكثر انطلاقاً، واعمق في اداء ادوارها في التوعية والرأي,, اما اليوم فان الواحد منا يتحفظ اكثر من اللازم,, لقد كنا في الماضي على سجيتنا نقول ما نعتقد اما الآن فان الاوضاع تغيرت فاصبحنا اكثر تحفظاً سواءً كان الكاتب او صاحب الجريدة.
* كيف كانت ادوات نقدك لقضايا المجتمع عبر الصحف؟,, هل كانت ملاحظاتك تتمتع بشيء من المباشرة ام ان هناك نقداً رمزياً مبطناً؟
ادوات نقدي في مقالاتي كانت ذات طابع رمزي مبطن في بعض الامور التي لا يجرؤ اي كاتب ان يصارح بها لان ما كل ما يعلم يقال,, اما البعض الآخر فانها تكون صريحه وتحملت اشياء في طريق الصراحة واحمد الله انها مرت بسلام.
* بودنا ان نسألك عن موضوع لا يبتعد كثيراً عن هموم الصحافة هو الهم الادبي,, فهناك من ينظر الى الاندية الادبية نظرة نقد اذ يصفها بأنها لم تؤد دورها المطلوب,, الى اي مدى ترى هذا الامر؟,.
هذه المنابر الادبية والثقافية محببة الى قلبي فالاندية الادبية وجمعية الثقافة والفنون بفروعها المختلفة اسست لتؤدي ادوارها الحقيقية تجاه الثقافة والمعرفة الا انني ارى ان بعض هذه الاندية جامدة وليس بها اي حركة او نشاط,, الا ان ما يشدني منها هو نادي جدة الادبي والثقافي فهو متميز في طرحه واصداراته ونشاطاته.
* هل تتوقع ان تكون هناك حلول مناسبة لازمة هذا الجمود الذي تشير اليه في معرض اجابتك السابقة؟
بودي ان تتغير انظمة الاندية الادبية لتستوعب هذه الجهود الثقافية، والفكرية المتطورة والمتدفقة,, فرؤساء الاندية كما نعلم كبروا بالسن، واصبحوا فيما يبدو غير قادرين على مواكبة هذه التطورات.
ولازلت آمل، واتمنى ان يشغل مناصب رؤساء الاندية شباب مثقفون، ومفكرون ومتحركون ينشطون في تفعيل دور الساحة الثقافية,, او ان يقتدوا بتجربة النادي الادبي بجدة,, ولو انني اعول كثيراً على النادي الادبي بالرياض لكونه في عاصمة المملكة واصداراته ومناشطه المنبرية لا تزال قليلة بل انها نادرة.
* هل لنا ان نتعرف على ابرز ملامح علاقتك بالحكاية الشعبية, وهل اعتمدت في تدوينها على القراءات او الاستنباط او الاستماع؟
لقد ذكرتني ايها العزيز بسنوات الطفولة واوائل الشباب ذلك الوقت الذي كانت صفحة الفكر بيضاء نقية يرسم فوقها كلما تراه او تسمعه,, ونبحث عن المجهول في هذه الحياة حتى اننا نتعرض في اكتشاف المجهول لاخطار متعددة قد تصل في بعض الحالات الى الموت المحقق.
ومن حرصنا على اكتشاف المجهول سماع تلك القصص التي يمتزج فيها الخيال بالحقيقة,, فنطرب للخيال ونعرف بعض الحقائق,.
وهكذا نسمع نحن الصغار من كبار السن ثم نعيد ما سمعناه على لداتنا عند اجتماعنا بحيث ان كل واحد منا يدلي بدلوه ويقص علينا ما سمعه,, وكانت تلك الاحاديث والقصص هي سلوتنا في سواد الليل حيث يحلق بنا الخيال في اجواء رحبة لا يحدها حدود,, ولا يقيدها,.
لقد جمعت ثروة لا بأس بها من هذه الحكايات والقصص,, فقد كانت معرضة للضياع والنسيان,, لان الناس تغيرت اساليب حياتهم، ومعيشتهم بينما هذه الاساطير والامثال تحكي حياة اناس بسطاء لكن لديهم تجارب وخبرات في الحياة باحداثها ومشاكلها، ومجاعاتها.
ففي اعتقادي ان الامثال والقصص الشعبية هي التاريخ الصحيح لانني شخصياً لا اثق بالتاريخ عندما يسجل لانه قد يكون فيه زيادة او نقص او اهواء ومصالح فأعتمد على هذه الامثال اكثر من اي مادة علمية اخرى لانني ارى انها التاريخ الحقيقي لحياة ابائنا واجدادنا.
وفي فترة من فترات الرجولة عزمت على ان اسجل هذا التراث للاجيال القادمة,, وكنت أمتلك منه ثروة لا بأس بها فبدأت بها ثم جعلت اضيف اليها ما اسمعه من المجتمعات التي اختلط بها,.
حتى تكاملت هذه الاجزاء الخمسة,, وهي لم تتكامل في سنة واحدة بل بقيت في جمعها وتنسيقها حوالي خمسة عشر عاما,.
وانا الآن ارى انها تستحق هذا الجهد وتستحق هذه الفعالية,, لانها لو لم تسجل وتحفظ في كتاب لكان من الممكن ان تنسى,, وان تذهب ادراج الرياح!!
* اختلاف الرواة في بعض الاحداث والمقولات كيف تتحقق منه؟
يوجد اختلاف في الاسلوب او الكلمات بين قاص وقاص وهذا الاختلاف لا يقلل قيمة القصة ولا ينفي فائدتها,.
والاختلاف في الرواية يوجد في احداث التايخ,, ويوجد حتى في الاحاديث التي تروى عن الرسول,, ومع ذلك فان الروايات تروى وعلى السامع ان يختار ويميز,, وينظر اقربها المقصود الذي انشأ القصة او المقصود الذي قصد اليه المشرع في شئون الدين,.
* هل كنت تروي الحكايات في المجالس ام تراك كنت صاحب هم كتابي توجته بموسوعة الاساطير الشعبية؟
نعم اروي بعض القصص والحكايات في بعض اجتماعاتي بمن اجالسهم وذلك من أجل أن افتح الباب للجالسين ليدلوا بدلوهم ويتحدثوا بما سمعوه من قصص واساطير قد لا اكون اطلعت عليها او سمعتها,.
وبهذه الطريقة يجتمع لي الكثير من هذه المادة التي لا يمكن ان يحيط بها انسان واحد,, فقد يوجد عند المقلين مالا يوجد عند المكثرين كما قالوا قد يوجد في النهر الصغير مالا يوجد في البحر المتلاطم الامواج!!
وكم من حامل علم لايفقه منه شيئاً كما قال الشاعر:
زوا مل للاشعار لا علم عندهم
بما حملوا الا كعلم الاباعر!
* نود أديبنا العزيز ان نتعرف على عالمك اليوم,, فكما نعرف انك تقدمت بالعمر,, هل لازالت الكتابة اثيرة لديك؟ وهل تعكف على اعداد اعمال تعد القارىء بها,,؟
اقول لك بصراحة انه قل نشاطي,, لكنني لم اتوقف نهائياً عن التأليف والنشر,, الكتابة يا صديقي العزيز لم تزل اثيرة لدي فاذا جاءت مناسبة، او مر بي ما يثير عاطفتي ونشاطي لابد ان اتواصل,, وخير دليل هذا الحوار مع الجزيرة.
وفيما يتعلق بالاصدارات فانني أهيئ ديواناً شعرياً اسميته خفقات قلب ,, احشد فيه جملة من القصائد القديمة والحديثة والتي ارى انها متجانسة وذات وحدة عضوية واحدة.
* تداخل في الحوار الاديب محمد بن عبدالرزاق القشعمي موضحاً للشيخ الجهيمان ان هناك من سبقه الى هذه التسمية لهذا الديوان,, فلنسأل الضيف عن هذه الملاحظة؟
الامر يا صديقي لا يحتاج الى تشابك او تداخل,, دع قلب من دخل معي في هذه التسمية ان يخفق قلبه من هناك,, وقلبي يخفق من هنا,, ثم انني سبقت هؤلاء وقبل اكثر من ثلاثين عاماً في تسمية هذه القصائد مجتمعة ولم يتسن لي التصريح بنشرها الا هذه الايام.
* أبا سهيل بعد هذه العقود التسعة كيف هو برنامجك اليومي؟
حياتي هذه الايام روتينية وقاسية,, بمعنى انني اسير على برنامج محدد,, استيقظ لصلاة الصبح وامارس رياضة المشي والقراءة الخفيفة,, وطابع هذه القراءة في الاغلب الاعم يكون للصحف اليومية الجزيرة، الرياض، الشرق الاوسط، الا انني اعاني من قلة وصولها اليّ فلم تجاملني اي مطبوعة حتى الآن,,؟! ثم انني امارس رياضة السباحة بشكل منتظم واقضي بقية يومي في لقاء قلة من الاصدقاء.
* نود ابا سهيل ان تحدثنا في نهاية هذا اللقاء عن سر تعلقكم بأبي العلاء المعري؟ ما سر تعلقكم بهذا الاديب الفيلسوف؟
ابو العلاء المعري عالم واديب وشاعر وفيلسوف حكيم,, وانا بحق معجب به مثلما انت معجب باهل القصة ورائدها عبدالعزيز مشري,, انا معجب بنزاهة هذا الشاعر والفيلسوف,, عاش يا اخي نظيف الفكر، ونظيف الجيب, كان على قدر ما يأتيه ينفق ويعيش,, كان هذا العالم ضريراً وكانت له العديد من الابداعات والتجليات الفلسفية التي تدعو الى الاعجاب,, ثم ان له العديد من القصائد والاشعار المؤثرة التي لازلنا نتناقلها الى اليوم,.
* ماالذي يشغل بال اديبنا عبدالكريم الجهيمان الآن؟
الذي يشغل بالي يا عبدالحفيظ هذه الايام هو مصيري في الدار الآخرة نحن الآن يا بني على شفير النهاية,, كل شيء صار الى النهاية,, كل الاحبة غادروني الى محطات بعيدة ونائية الابناء ومن عاش منهم مشغولون في همومهم ومعاناتهم اليومية الخاصة,, منطلقاتي منذ ان وعيت ان اعامل ابنائي وكأنهم اصدقائي، ان رأيت منهم شيئاً لا يرضيني انصحهم كأخوة,, الان لا يقيم هنا في هذا المنزل احد منهم,, سوى احفادي وابنتي التي ابت الا ان تشاطرني بعضاً من حياتي، وهمي,, واقامتي في هذا العالم الذي اخذت عوالمه تزداد غموضاً، وخفاء.
ابنائي,, مدرسون، ومهندسون، ورجال امن تشعبت بهم سبل الحياة وانا سعيد في هذه الرحلة الشاقة والمضنية,, سعيد لانني انجزت بها جملة من احلامي وطموحاتي التي زايلتني من عقود,, اشكر الجزيرة على هذا الاهتمام,, ودمتم.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved