Thursday 2nd December, 1999 G No. 9926جريدة الجزيرة الخميس 24 ,شعبان 1420 العدد 9926


بدايات
محمد عبدالرزاق القشعمي

4
عاش الفتى طفولته المبكرة كيتيم الاب اذ انه لا يكاد يراه الا اياماً معدودات في السنة او السنتين واذا حضر من الرياض لزيارتهم بالقرية فلا يبقى كثيراً، خصوصاً بعد وفاة والدته جدة الفتى فيبقى اكبر مدة من فترة زيارته في الديرة لزواجه بأخرى اضافة لوالدته، وفي احدى المرات ذهب الفتى مع والده ووالدته الى الديرة ليرو منزل والدهم الآخر، حيث تقيم زوجته الاخرى وابناؤه الصغار، فيذكر انه فوجىء بالديرة على الرغم من انها قرية كبيرة ولكن لاول مرة يشاهد بيوتاً مرصوصة على جانبي الطريق وما بينهما يسمى سكة وهنالك مجموعة دكاكين في منتصف البلدة تباع بها الارزاق والاعلاف وتسمى المجلس , وعلى الرغم من انه متعود على المشي بالقرية حافي القدمين دائماً صيفاً وشتاءً، الا انه لا يتعرض لكدمات الحصى مثل هذه التي كثيراً ما تدمى قدمه او تجرح اصبعه وتسمى الاصابة ب لكمة ، فرح الفتى كثيراً بأمه الجديدة والتي يجد عندها مالم يجده لدى والدته الاولى، فهي تعطيه، حب القرع والحمص الحقاق القريض ووجد انهم يتعشون قبل غروب الشمس عكس القرية، وان هناك اكثر من مدرسة ملحقة ببعض المساجد,, ورأى عدداً محدوداً من الرجال معهم عصي ويرفعون اصواتهم عندما يرون شيئاً منكراً وينادون للصلاة,, وسمع صوتاً مدوياً وعندما استنكره قالوا هذا موتر صحيح انه لم يره الا بعد هذا الوقت، فبعد مدة قصيرة اقام والده وليمة لقاضي البلد وكان وقتها الشيخ/ سليمان بن عبيد اقام الوليمة بين المدينة وقريتهم في ملتقى الجبل بالنفود جبل طويق ونفود الثويرات ، وكان على اهل القرية ان يخرجوا لمسيرة تقارب الساعتين لمكان اللقاء، وقد ذهب مع والدته وعمته وبعض النساء من الصباح الباكر لطبخ العشاء هناك، وقد ذبح تيس كبير يليق بالقاضي وصحبه، وكان والده في الديرة وقد علم انه سيحضر مع المدعوين بشيء يقال له سيارة او موتر، وما ان قرب العصر الا وقد سمع صوتاً يهدر ويرتفع رويداً رويداً مما جعله يقفز من مكانه هارباً باتجاه القرية وحين وصل الى اعلى الكثيب العرقوب استدار ليرى هذا الشىء فوجده ضخماً اكبر من الجمل، بل عدة جمال، وكان الرجال وقتها ينزلون من صندوق السيارة اللوري الى الارض فجلس يرقبهم من بعيد، فشاهد ابن عمه الكبير، يذهب ليحضر شيئاً من السيارة فيفتح بابها واذا بالفتى يصرخ من بعيد يا عبدالله لا تعضك .
بعد ايام سمع بخبر قدوم والده من الرياض وانه بالديرة وسوف يتجه للقرية بعد يومين او ثلاثة، وكانت والدته تحتفظ له بثوب جديد اخرجته له عندما علمت بذهاب ابن عمه الكبير بالحمار ليحضر والده من الديرة البلاد ، وسوف يصل مساء هذا اليوم، البسته ثوبه الجديد فخرج مزهواً فرحاً امام ابناء عمه ليريهم جديده، وكان من بينهم من يكبره بعدة سنوات وبالقرب منهم حمارة وابنها الجحش الصغير فمسكه ابن عمه برقبته بكل قسوة وأخذ غترته من على رأسه فربط رقبة الفتى برقبة الجحش وفي هذه الاثناء كانت الحمارة قد ابتعدت فمبجرد انتهاء ابن عمه من ربط رقبته اذ لكز الجحش بخاصرته فقفز مسرعاً الى حيث امه يجر معه الفتى حيناً وحيناً يسقط بين ارجله كانت والدة الفتى وقتها ذاهبة الى اللزاء مجمع الماء بجوار البئر القليب لتروي الى داخل المنزل، وهي عائدة وفوق رأسها قدر الماء شاهدت ابنها مربوطا بالجحش وهو يقفز الى حيث امه الحمارة , فصرخت وسقط قدر الماء من على رأسها، وعندها نادت زوجة العم ابنها بأن يعقل ويمسك بالجحش قبل ان يفري بطن الفتى.
لم يستطع الفتى ان يجري مع الجحش اذ سقط بين قوائمه وأخذ يدوسه كيفما اتفق، فعندما تم القبض على الجحش وفك الرباط كان الفتى ملقى وقد اغمى عليه من جهة وأمه مغمى عليها وقد وقعت في جهة اخرى، افاقت والدته، ثم افاق هو بعد رشهما بالماء، اول شىء بادر الى ذهنه هو سلامة ثوبه الجديد، ولكن وياللخسارة لقد تمزق ثوبه وما بداخله اذ تجرح جسمه وسال دمه من كل جهة، فبدأت امه تحاول علاجه قبل وصول الاب, فغسلت له جروحه وربطت له رأسه وسقته ماء به عصفر و ولم يستطع مقابلة والده عند وصوله من السفر، ولكنه عرف من والدته ما اصابه وعند الصباح استطاع ان يقوم للسلام على والده وهو يبكي.
وعندما شكا له الحال اجابه بأنه سيطلب منهم ان يربطوه بالحمار الكبير في المرة القادمة، وهكذا اصيب بخيبة امل بقيت معه مدة طويلة، اذ كان والده يرحمه الله لا يحب ان يسمع طفلاً يبكي وكان الفتى اول من يطبق عليه هذه القاعدة.
فيحاذر ان يبكي ووالده بالقرية خوفاً من ان يبلغه احد فينال جزاءه,, تُذكره والدته بأنه كان يسألها هل سافر والدي؟
واذا سألت لماذا؟ قال حتى ابكي لي شوي، اصيح دون عقاب.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved