Friday 26th November, 1999 G No. 9920جريدة الجزيرة الجمعة 18 ,شعبان 1420 العدد 9920


رياض الفكر
صورة الإسلام في الغرب ودور الفرد والأمة
سلمان بن محمد العُمري

أكثر من مليار مسلم عدد المسلمين في العالم، أي ما يعادل سدس سكان الكرة الأرضية، فالمسلمون يشكلون أقليات في بعض المجتمعات، كالمجتمعات الغربية، وكنتيجة للتطورات الحضارية، وتقنياتها التي تتم الآن وبشكل متقدم وسريع في العالم بصفة عامة، وفي الغرب بصفة خاصة، وبالذات في وسائل الإعلام والاتصالات، كانت صورة الإسلام في العقلية والذهنية الغربية على غاية من الأهمية، وبحاجة إلى اعادة تصحيح، وإزالة ما علق بها من مفاهيم خاطئة، ومغلوطة.
في المركز الثقافي الإسلامي في فينا أقيمت مطلع هذا الاسبوع ندوة ثقافية اسلامية كبرى، نظمتها رابطة العالم الإسلامي، وكان محور بحثها صورة الإسلام في الغرب من خلال المناهج الدراسية، وشارك فيها كوكبة لا بأس بها من العلماء والمفكرين والشخصيات الإسلامية، وعدد من رؤساء المجالس الإسلامية في العالم، ونوقشت فيها عدة أبحاث ودراسات متنوعة.
وأكدت الندوة من خلال المناقشات والمداخلات ضرورة تصحيح الصورة الذهنية التي تكونت عن الإسلام في أذهان الغرب على مر السنين والعصور والمسلمين لدى الغرب، وهذه الصورة خاطئة وظالمة بكل تأكيد، وتكونت بهذا الشكل بقصد وبدون قصد، حيث إن الاسلام على مر العصور قد تعرض لهجمات شرسة فكرية وعسكرية لمحاربته ومواجهته ومنعه من الانتشار.
والحاقدون على الاسلام موجودون في كل مكان، ولا يستثني من ذلك العالم الغربي، ومما زاد تلك الهجمات قوة وشراسة امتلاك وتوفر وسائل الإعلام والاتصال الحديثة والمتطورة لدى تلك البلدان، مما سوغ لهم نعت البلدان الإسلامية بالتخلف والتأخر وغير ذلك من الصفات!!، بالرغم من أن الحضارة الغربية اعتمدت أساساً على الحضارة الإسلامية عند قيامها.
ومع ذلك فاني أرى أن الوجه الآخر للقضية هم المسلمون أنفسهم، إذ ان البعض منهم بسلوكهم وعملهم وأسلوب حياتهم قد قدموا صورة مشوهة اعتقد الآخرون انها هي صورة الإسلام الحقيقية، وزاد الصورة قتامة، وبعداً عن الحقيقة تقصير بعض الحكومات في ايضاح الصورة الحقيقيقة، وقيام بعض وسائل الإعلام والمنظمات بهذا العمل بقصد الإساءة للاسلام.
لقد كانت المحصلة هي تصور لا يخلو من المبالغة، والظلم،والجور حول الإسلام والمسلمين، وانعكس ذلك في المناهج التي تدرس في الغرب، فأصبح الطفل يرضع الكره للإسلام والمسلمين منذ الصغر، وكان لابد من عمل جبار لتصحيح هذا الأمر، وكانت الندوة بشارة خير في هذا المجال، الذي نطمح من خلال التوصيات التي اتخذت فيه أن يكون في تلك المناهج ما ينير الطريق، ويضيؤه، ويعرف الغرب وابناءه على الاسلام الصحيح.
الإسلام الحقيقي الذي لا يحتوي إلا على المحبة والسلام والسعادة لكل بني البشر، ولو نظرنا إلى الأمر نظرة شمولية لوجدنا الفرد وتحديداً الفرد المسلم بالدرجة الأولى هو المساهم الأولى بتلك الصورة سلباً وايجاباً، ويأتي من بعده دور المنظمات والمؤسسات والحكومات الإسلامية، فالفرد المسلم سواء الذي يعيش في بلادنا، وهذا هو الأهم أو الذي يعيش ضمن تلك المجموعات هوالمادة والموضوع الذي يبني عليه الغرب تلك الصورة.
فالمسلم هناك هو إنسان يعيش حياة اسلامية صحيحة بأخلاقه وتعامله وسلوكه وحياته ودراسته وكل شؤون حياته، وهو انسان يخدم نفسه ودينه أكبر خدمة، وهو بالتأكيد سيعطي صورة بمنتهى الايجابية عن الاسلام، فماذا يريد الغرب أكثر من انسان لا يكذب، انسان أمين، انسان صادق، انسان لا يخون، انسان لا يعمل إلا النافع، ان الغرب لا ينظر للفرد غالباً بمنظور عقائدي أو عرقي,,الخ، انما ينظر إليه على أنه مسلم، وعلى أنه نموذج مصغر للاسلام، وللحياة الإسلامية.
وهذا سيجعل الغربي يعيد التفكير فيما تقوله وسائل الإعلام؟ وهل ما تقوله، وتصوره عن المسلمين حقيقة أم افتراء؟ وهكذا وبمرور الأيام سيصل إلى صورة جديدة أقرب للصدق والواقع، بل ان هذا العمل في أحيان كثيرة كان سبباً في دخول العديد من الناس إلى دين الاسلام عن قناعة وايمان،وفي هذا من الثواب الكثير والكثير، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : يا علي لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم .
إن سلوك الفرد أمر في غاية الأهمية، فهو سينعكس على كل أفراد اسرته، ومجتمعه، فتزداد الايجابيات، أو تعم السلبيات لا سمح الله .
ولا شك ان أكبر عون يمكن أن يخدم أهداف الندوة هو تطبيق تعاليم الإسلام، سواء في بلادنا، أو في البلاد التي يشكل فيها المسلمون اقليات، والفرد يعتبر عاملاً حاسماً في ذلك.
وقد حدثني أحد الدعاة المشاركين في تلك الندوة متسائلاً,, لماذا يعامل المسلم بهذه العدائية في تلك الديار، وهو مسالم وجيد؟ الخ، فقلت له: الأمر يا أخي لا يؤخذ بهذه البساطة، لقد بنيت تلك الصورة عبر عصور عديدة، ولا يمكن ازالتها بكلمة أو مقالة أو حلم، انما نحتاج لعمل كبير وزمن ليس بالقصير، وجهد، وتعب وأولاً وأخيراً ان يكون المسلم صادقاً في اسلامه، إن المعاملة السيئة التي قد يلقاها أحدهم من قبل الأشخاص من هناك لا يجب ان تقابل بسلوك ينافي أخلاق الاسلام ومبادئه، بل على العكس يجب أن تكون مدعاة للتمسك بالاسلام الصحيح أكثر وأكثر، حتى يظهر الحق، ويزهق الباطل، وما ذلك على الله ببعيد.
وفي الختام أتوجه بالشكر والتقدير للمسؤولين في رابطة العالم الإسلامي، وعلى رأسهم معالي الأمين العام الدكتور عبدالله بن صالح العبيد الذي كان شعلة من النشاط حقيقة بكل هدوء وسكينة، كما عهد عن معاليه حتى خرجت تلك الندوة بالنتائج المأمولة، ولنا أمل ان تستمر الرابطة في القيام بمثل تلك المناشط العلمية، واختيار مثل هذه الموضوعات الحيوية وفي أكثر من مكان في العالم.
والله المستعان,.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

أفاق اسلامية

قمة مجلس التعاون

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved