القاصة السعودية الأولى للطفل هلا بنت خالد لـ الجزيرة متى سنحتفل بثقافة الطفل؟! عندما لم أجد قصصاً للأطفال قررت أن أكتب لهم الجاليات الأجنبية هم الذين شجعوني فزامر الحي لا يطرب |
حوار:ناهد باشطح
اننا يجب الا نرثى لحال الطفل العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص في الاهمال المكرس لدور الادب في حياته.
إننا نشد بقوة على اليد التي تكتب لاجل الطفل.
قصص الاطفال عالم مثير لا يجرؤ على اقتحامه الا القلة.
هلا بنت خالد استطاعت ان تكون المرأة السعودية الاولى التي تكتب قصصاً للاطفال باللغة العربية والانجليزية, هلا الرسامة والقاصة مزجت الريشة والحرف لتخاطب عقل ووجدان الطفل ولانها تجربة فريدة نقدمها اليوم بشيء كبير من الاعتزاز والامل الكبير في تطويرها وانتشارها بشكل اوسع.
* هناك حكمة لاتينية قديمة تقول في الرحلة اطول شيء هو اجتياز العتبة .
ماهي العتبة التي اجتزتها للوصول الى عالم الطفل عبر بوابة العلم والمعرفة؟ حدثينا عن البدايات والصعوبات التي اعترضتك في هذا الطريق.
- استطيع القول انني مازلت في البدايات المبكرة، في مرحلة التجربة ولم اجتز العتبة حتى الآن، لم اتعلم سر المهنة بعد، والصعوبات كثيرة ولا يوجد من يوجهني لأن تجربتي هي الاولى من نوعها في المملكة, ما يدفعني للمثابرة بالدرجة الاولى هي رغبتي في تقديم ماهو مميز لصغيري سعود وموضي اذ عندما اكتشفت مدى حبهما للكتاب قررت كتابة ورسم قصص مفصلة لهما تحديداً، تدور حول اهتماماتهما وتعود عليهما بفائدة في الوقت ذاته انني ابذل قصارى جهدي عندما اقوم بأي عمل لاجل تقديمه بشكل جيد ومتكامل الا ان نسبة رضاي عن اعمالي الادبية القصصية الثلاث لا تتعدى 60%.
تسألينني عن البدايات اخبرك بان الحاجة ام الاختراع وانه كما يقال فان الكاتب يكتب بالاسلوب الذي يحب ان يقرأه.
كتبت تلك القصص لانني كنت ابحث عنها في المكتبات ولم اجدها وبعد ان لمست احتياج اطفالي الى قصص مناسبة وجدت نفسي ذات يوم امسك بالقلم واكتب واستطاعت ريشة قلمي ان تكمل ما ينقص كلماتي,, رفضت المطبعة طلبي بطباعة ست نسخ وألزمتني بخمسمائة نسخة على الاقل ومن هنا جاءت فكرة النشر.
* تلقيت التدريب على تطوير موهبتك في الرسم لصقل تلك الموهبة منذ الطفولة من الذي تبنى موهبتك وشجعها اعني ماهو دور الاسرة؟
اول من شجعني على الاهتمام بموهبتي كانت معلمة الرسم في الصف السادس الابتدائي وعندما طلبت من أبي علبة الوان شجعني بكافة الطرق والوسائل دون تردد اما امي فقد كانت متحفظة الى حد بعيد ولم تحسب اني جادة في رغبتي وبالرغم من عدم ارتياحها لم تعارضني بل جعلتني اتحمل مسئولية انجاز ما احب شريطة ان احافظ على مستواي الدراسي وبالفعل لم اخيب املها وتحسن مستواي الدراسي كثيراً في ذلك العام لحرصي على اثبات نفسي لها.
* في الامثال القديمة يقال بأنه ليست الاعشاب الضارة هي التي تخنق الحبوب الصالحة بل اهمال الزارع اسألك الى ايّ مدى نهمل موهبة اطفالنا.
وكيف يمكن ان نتعامل مع نواة طفل مبدع؟
- انا لست متخصصة في علم نفس الطفل ولم ادرس اصول التربية لكنني مؤمنة بضرورة احترام الطفل,, احترام افكاره ورغباته واحاسيسه ولكن للاسف الشديد فالطفل الخليجي لم اقل المسلم العربي لانني لا ادرك الوضع العام له قلما يشعر بأن هناك من ينصت اليه بصدق واهتمام,, نادراً ما يجد من يهتم بتطوير افكاره وخياله,, وقليلاً ما يجد من يسعى لاشباع شغفه بالتعلم والاستكشاف, اغلب الخدمات المتوفرة للطفل تهتم بالعائد المادي بمعنى ان تلبية رغبات واحتياج الطفل الخليجي اصبحت وسيلة لكسب المال بصرف النظر عن مدى الفائدة الحقيقية للطفل نفسه او مقدار الضرر المعنوي الذي يلحق به.
ان المجتمع مسئول عن قتل آلاف البذور الصالحة من مواهب الطفولة بالاهمال او قصر الاهتمام على المادة يجب ان نوجد المناخ الصحي لرعاية مواهب الطفولة بالتحديد بدءاً بالاسرة التي هي الحضن الاول للطفل ومروراً بالمؤسسات التعليمية التي يقضي فيها الطالب جل وقته.
* يقول هربرت سبنسر عالم الاجتماع الشهير انما وجد المجتمع لفائدة البشر ولم يوجد البشر لفائدة المجتمع .
وبعيداً عن انحيازه المجتمعي كيف تجدين تقبل المجتمع ودعمه للمبدع وماالذي تؤملينه كواقع ومستقبل حين تنشرين نتاجك القصصي على الملأ؟
- يؤسفني الاعتراف بأن المغني ليس المطرب ولاعب كرة القدم في المجتمع الخليجي - السعودي بالذات - يحتل المرتبة الاولى ويلقى القدر الاكبر من التشجيع.
بالنسبة لي كانت الجاليات الاجنبية كباراً وصغاراً هم اكبر المشجعين والمهتمين ولعل ذلك يسري على الكاتب والمؤلف والرسام فزامر الحي لا يطرب بيد اني لا انكر التشجيع الذي غمرني به قسم رياض الاطفال بجامعة الملك سعود.
* ان تخاطب الطفل ليس عملاً سهلاً وانت تخاطبين عقل الطفل ووجدانه من خلال القصة وتشكلين ذائقته الفنية في رسوماتك له ماهو بنظرك الاثر الذي يتركه العمل الابداعي في حياة الطفل؟
- جودة العمل تعكس مدى احترام العارض للمعروض عليه، انه واجب ومسئولية كل من كتب كلمة او رسم لوحة او قدم خدمة ان يسعى لتقديم عمل مميز مبتكر، متقن وباخلاص وذلك في سبيل الارتقاء بذوق واثراء ثقافة المتلقي سواء كان طفلاً او بالغاً.
ليس من الامانة ان نقدم ما يطلبه المجتمع بل تقتضي الامانة ان نقدم للمجتمع ما يحتاجه وينتفع به.
* الحكمة الفرنسية القديمة تقول التربية تطور المواهب ولكنها لا تخلقها .
اتحدث عن توظيفك للمفردة في قالب تربوي كما في قصتيك انا ميمون و قصة من الصحراء هل جاء ذلك بالفطرة ام انك تهتمين بالجانب التربوي وتنشدين احدى الوسائل التعليمية الترفيهية؟
- اصدقك القول انا اهتم بالجانب التربوي بشكل تلقائي لانني ام وجزء كبير من طفولتي يجده القارىء في القصص التي اكتب.
انا شخصياً احب الوضوح ولا احب الاوامر والتهديد واحب الحوار والاقناع ولذلك اتخذت من الوسائل التربوية اسلوباً اتبعه في تربية صغيري.
ولعل تجربتي مع التأليف للطفل تعتبر بحد ذاتها تحدياً للمصاعب وتحلياً بالصبر والارادة ربما يشبه ذلك البطل في قصتي قصة من الصحراء فعندما كنت ادرس في المدرسة كانت مادة التعبير بالنسبة لي ابتلاء وامتلأت دفاتر التعبير ذلك الوقت بالملاحظات الحمراء مثل اسلوبك ركيك، مواضيعك قصيرة، اين المقدمة؟ أين الخاتمة؟، فسّري أكثر، الموضوع قصير , ومع ذلك تجاوزت ذلك وكتبت للطفل واجد ان نشري لهذه الكتابات مغامرة كبيرة تكشف عن ارادة وجرأة اندهشت منها معلماتي في اللغة العربية من دون شك.
ولعلني اتذكر انني حين كنت طالبة في مدارس التربية الاسلامية لم يشجعني سوى الاستاذة نادية رمضان وفي الجامعة شجعتني الاستاذة اروى عبيدات حفظهما الله كانتا تتفقان معي على ان خير الكلام ما قل ودل وان التشبيه فن وبلاغة وعبارة واضحة.
* المعرفة والخيال ايهما ترينه اكثر فعالية في توجيه الطفل خاصة انك في قصتك الثالثة هجوم قراصنة السوس استطعت توظيف المعلومة؟
هل ترين ان اسلوب ادخال المعلومة هو الانسب للحديث مع الطفل في عصر المعلوماتية؟
- كما اسلفت لست متخصصة في مجال التربية والتعليم ولكني في تعاملي مع ابنائي احاول اتباع القاعدة العلمية المعروفة وهي ان المعلومة تصل الى المتلقي اياً كان عمره بشكل افضل عندما تكون موضحة او مقرونة بصور ملموسة يمكن تطبيقها كأسلوب ممارس في الحياة اليومية وبالاخص حينما تقترن بقليل من الفكاهة.
لذلك احاول ان استعين في كتابتي للطفل بالخيال والعلم خاصة ان طفل اليوم هو اكثر نضجاً وتطلعاً للعالم من حوله.
* اصدارك الثالث هجوم قراصنة السوس تم تدشينه قبل اسابيع في معرض آرت نومشا كيف ترين إقبال المجتمع على مثل هذه المعارض؟
تحدثت في اجابتي عن السؤال الرابع عن مدى اقبال المجتمع الذي اعتبره بسيطاً.
ولكن تجربتي في تدشين قصصي حظيت بحضور جيد ربما لانني قرنت القصة بالرسم وقد اخترت اقامة معارض مرافقة لتدشين اصداراتي لسببين:
اولهما: انني معروفة الى حد ما كرسامة وثانيهما: انني لست معروفة ككاتبة للطفل الا في قسم رياض الاطفال بجامعة الملك سعود لذلك اثرت ان تقترن الريشة بالقلم لجذب الجمهور وقد اقمت اول معرض شخصي في قصر طويق بالحي الدبلوماسي في الرياض عام 1991م والثاني كان في مركز الخزامى عام 1997م والذي تم فيه تدشين اصداري الاول انا ميمون والثاني قصة من الصحراء .
وقد كان الحضور في المعارض جيداً جداً خاصة في ليلة الافتتاح وقد يعزى ذلك لاعتبارها مناسبة اجتماعية اضافة الى كونها مناسبة ثقافية.
* كمثقفة سعودية ماهي تطلعاتك للغد خاصة ان عام 2000 تباشيره قادمة والرياض ستكون عاصمة الثقافة اعني هل يمكن ان نحتفل فيه بثقافة الطفل؟
على الرغم من المظاهر البراقة للاهتمام بالطفل نجد ان الغالبية تجمع على ان الطفل السعودي مهمل اعني من الناحية الثقافية اللوم لا يقع على شخص محدد او جهة محددة اللوم موزع على الجميع ابتداء من الابوين في المنزل الذين غالباً يفضلون حضور حفل غنائي على قراءة قصة لابنائهم وانتهاء بالجهات التعليمية المسئولة التي مازالت تصر على اتباع اساليب متحجرة في التعليم وتطبيق مناهج اكل عليها الدهر وشرب, الطفل السعودي يعرف كيف يحفظ ولا يعرف كيف يحلل ما حفظ,, يعرف كيف يردد الاجابة ولا يعرف كيف يطرح السؤال,, بامكانه حمل ما يقارب خمس عشرة مادة على ظهره ولا يسمح له بالتعرف على العالم من حوله,.
متى سنحتفل اذن بثقافة الطفل السعودي؟!
|
|
|