المدارس الأجنبية د. رقية بنت محمد المحارب |
أصدرت وزارة المعارف مشكورة مؤخراً قراراً بمنع الاختلاط في المدارس الأجنبية ويدعوها إلى التقيد بالضوابط المنظمة للتعليم, ويفتح هذا القرار ملف التعليم الأجنبي الساخن بكل تداعياته لا سيما مع التجاوزات التي تقوم بها بعض هذه المدارس من تعليم للرقص والموسيقى والسماح بالاختلاط في أفنية المدارس والاحتفال بالأعياد النصرانية، والأخطر من ذلك تزيين الأفكار المنحرفة التي تتنافى مع الدين والتي يتم تدريسها من خلال العلوم الاجتماعية والنفسية وغير ذلك, ومن جهة أخرى يكون الاهتمام بتدريس الاسلام واللغة العربية في غاية الضعف فتكون النتيجة الطبيعية عضواً متشبعاً بالثقافة الأجنبية ضعيفاً في التأسيس الأخلاقي مما يسهم في تقويض هوية المجتمع لا سيما وان هذه المدارس لا تلزم بالمناهج الحكومية.
إن دراسة وضع المدارس الأجنبية وتأثيراتها على منظومة قيم المجتمع وأمنه واستقراره على المدى القريب والبعيد يتم من خلال النظر إلى تجارب الدول الأخرى وكيف أدى التوسع وترك الأمر بدون مراقبة إلى أن تبلغ نسبة المتورطين في قضية عبدة الشيطان من المنتسبين إلى المدارس الأجنبية 97% في مصر كما نشر في تحقيق جيد حول تأثير المدارس الأجنبية قامت به مجلة الأسرة عدد 19، والمصلحة العامة تقتضي الوعي بأهداف هذه المدارس والجهات الخارجية التي تشجع اقامتها، وكذلك المبررات المنطقية في وجودها.
والسؤال هو كيف يمكن الحد من تأثير التعليم الأجنبي على مجتمعنا من خلال افرازاته المنظورة وغير المنظورة، وما هي أفضل الوسائل لتحقيق المصالح بدون حصول مفاسد عملاً بالقاعدة الشرعية درء المفاسد مقدم على جلب المصالح, وقد يستغرب ان بريطانيا هي عند البعض بلد الحرية والديمقراطية رفضت اعطاء المدارس الإسلامية المملوكة لبريطانيين معونات بحجة أنها لا تدرس الثقافة البريطانية وتسهم في تخريج أجيال مسلمة لا تتفق مع قيم المجتمع البريطاني، وقد دخل يوسف اسلام الشخصية الإسلامية المعروفة في مجادلات قانونية وسياسية ولمدة طويلة من أجل هذا الأمر، وكذلك كان دأب الاستعمار في محاربة المدارس الإسلامية حتى ان فرنسا وقفت في وجه من يطلب فتح مدرسة صغيرة لتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي كما فصل ذلك الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله في عدة مقالات.
كل ذلك ادراكاً منهم بأن التعليم هو السياسة العليا في بناء العقول وصياغة المجتمع،وهم في هذا لا يلامون لأنهم يخدمون أممهم وانما اللوم يقع على من يمكن للأجنبي ان ينشر ثقافته على أرضه وبدعم منه،واذا كان هناك حاجة لبعض الجاليات فيكتفى من هذه المدارس بالعددالأدنى لتحقيق الحاجة.
الموضوع أطرافه كثيرة لكن ما هي أفضل الوسائل لضمان عدم تأثر أبنائنا بوجود هذه المدارس؟ لعل من أول الخطوات الواجب اتخاذها هو دراسةعوامل الجذب فيها، واذا كانت تنمية التفكير والإبداع هي السبب في الاقبال عليها فنسعى بكل قوة إلى جعل المناهج قوة دافعة إلى الابتكار، واذا كانت نوعية المعلم مع اننا نتوفر على خيرة المعلمين فنستثمر في تدريب المعلم على احدث الوسائل التربوية واذا كانت اللغة هي المسوغ فنعالج هذه المسألة ونجعل من تعلم اللغة متعة ومن اتقانها هدفاً في اكتساب المعرفة وهكذا, وثاني الخطوات هو بث الوعي بخطورة وجود المدارس الأجنبية ببرامجها وخططها على المدى القصير والطويل على مستقبلنا، وثالث الأمور التي ينبغي العناية بها هو الحذر الشديد من ادخال ابنائنا في هذه المدارس وعدم الانخداع بما تبشر به بعض هذه المدارس من فرص أفضل وتعليم أحدث.
ورابع الخطوات هو الارتقاء بمستوى المدارس الأهلية والا يكون هم أصحابها الربح السريع على حساب جودة التعليم، فعلى أصحاب هذه المدارس مسؤوليةكبيرة في جعل مدارسهم نموذجية في تجهيزاتها وبرامجها واعضاء الهيئة التعليمية والادارية فيها.
ولعل اقتراح جوائز للمدارس الحكومية والأهلية على السواء وإقامة حفلات التكريم لمن يطور في وسائله التعليمية ويبدع في تحقيق الرسالة التربوية دافعاً لمدارسنا إلى بلوغ التميز.
وخامس الأمور هو اخضاع المدارس الأجنبية للاشراف المباشر من قبل وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات أسوة بباقي الجهات التعليمية الأخرى ومراقبة تجاوزاتها ومعاقبة المخطئ كما يسعى للحد من اقامة المزيد منها والحد من قبول غير المسلمين فيها ولو كانوا غير سعوديين والزامهم بتدريس المناهج الحكومية.
ثقافتنا هي العين بين الثقافات وهي واسطة العقد، وابناؤنا هم فلذات الأكباد وعين الروح، ومناهجنا من خير المناهج.
فلنفخر بكل هذا ولنراجع أداء صروحنا التعليمية،ولنجدد في طرق العرض، ولنبتكر في تقديم البضاعة حتى لا تجد الثقافة الأخرى عقلاً يفضلها على ثقافته أو عصفوراً يغرد خارج سربه.
|
|
|