عزيزتي الجزيرة
بعد التحية.
تحت يدي مقال رائع للدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان نشرته الجزيرة تحت عنوان التطبيق والتكامل في التعليم بتاريخ الاحد 26 ربيع الآخر 1420ه، سعى فيه للاجابة عن سؤال يقول: لماذا لم يؤد التوسع في التعليم الى التنمية المرغوبة؟ .
وعزا الدكتور اللحيدان أسباب ذلك الى أمور عديدة ولكن ما يهم طرحه هو: الجانب التعليمي، حيث استطرد فيه قائلا: اعتقد أن عدم النجاح نابع من الفجوة بين ما يُدرس ويقرأ في الكتب وبين ما يطبّق ويجده الانسان في الحياة.
وثمة أمر آخر اشار اليه الدكتور اللحيدان هو: عدم وجود انسجام وتكامل بين المواد التي يدرسها الطالب داخل المدرسة ويقول: فعلى سبيل المثال هناك فصل بين مادتي التجويد والتلاوة فتجد الطالب يدرس قواعد التجويد ويختبر فيها على أنها مادة منفصلة، كذلك يدرس تلاوة وحفظ القرآن الكريم على أنها مادة أخرى لا علاقة لها بالأولى .
ولعل قائلا يقول: وما الغبن في ذلك؟! أليس في ذلك تنمية لمهارات الطالب ومزيد من حصيلته المعرفية والمعلوماتية؟ لكن ذلك كله لم يغب عن فطنة الكاتب فعرج مباشرة على الجانب أو الأثر السلبي لهذا الفصل فقال: ونتج عن هذا مشكلة أخرى وهي أنّ فصل التجويد كمادة مستقلة يجعل مؤلف الكتاب والموجّه والمدرس يضطرون للدخول في تفصيلات قد لا يحتاجها إلا الطالب المتخصص لملء الفراغ، ولكي يكون لهذه المادة منهج وكتاب، وهذا يحدث ايضا في تدريس اللغة العربية حيث يتم تدريس مادة القواعد كمادة منفصلة مما يعني الدخول في تفصيلات لا تهم إلا الطالب المتخصص .
ان ما أشار اليه الدكتور هو لب الموضوع ومربط الفرس كما يقولون وكي نكون أكثر وضوحا، وأكثر توضيحا اقول: في اعتقادي ان أهداف تدريس مادة القرآن الكريم تتمثل في الآتي:
1 ربط الطالب بدستور الاسلام الخالد.
2 الاستفادة مما ورد في الآيات المقررة من أحكام وتشريعات.
3 تعميق نظرة الطالب في أسلوب ونسق ومعاني القرآن الكريم وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
4 الاثبات للطالب أن هذا الكتاب منزّل من رب العالمين وليس من أساطير الأولين أو من تأليف بشر.
5 سرد قصص الأمم السابقة وما أصابها من عذاب وعقاب في الدنيا وما ينتظرهم في الآخرة, وذلك للعظة والعبرة.
6 إثراء حصيلة الطالب نحويا وبلاغيا .
7 وغير ذلك من فوائد دينية وعلمية وثقافية ليست أهلا لحصرها وعدّها.
وهذا يعني انه لا داعي اطلاقا لتوسيع الخرق على الراقع، في هذه المرحلة فيتيه الطالب بين: أحكام التجويد، وقواعد اللغة، مرة عند مقرر التلاوة، ومرة عند مقرر الحفظ ومرة ثالثة عند مقرر التفسير، فلماذا لا يكون النص واحدا وتطبّق عليه هذه الأحكام الثلاثة مرة واحدة؟.
وأما القواعد,, فحدِّث عنها ولا حرج، ويكفي أن اعراب كلمة الفاعل المفرد تحتاج الى ثماني كلمات فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره واعتراف عمالقته بصعوبته (1) .
وهاك مثلا آخر يدل على وجود فجوة بين ما يدرسه الطالب أو الطالبة في المدرسة وبين ما هو واقع ملموس محسوس من حوله فكلمة حمار أعزكم الله تجمع على أحمرة حسبما ورد في أول مثال من أمثلة المجموعة الأولى من جموع القلة الواردة في أول درس من دروس النحو والصرف المقررة على طلبة الصف الأول الثانوي الفصل الدراسي الثاني طبعة 1420ه/1999م، في حين ان الآية الكريمة قد جاءت بالجمع المذكور على وزن فعيل وليس أفعلة في قوله تعالى :(والخيل والبغال والحمير لتركبوها) النحل 8 .
ايضا,, لماذا لا تُدمج مادة الاملاء بمادة القراءة؟ هذا مجرد رأي، أما إن كان هناك رأي آخر للسادة مسؤولي المناهج فما علينا سوى السمع والطاعة.
ولا أنسى ان أخصّ بالذكر والشكر توجّهات الوزارة,, وزارة المعارف لدمج بعض المناهج كما صرح بذلك الدكتور محمد بن معجب الحامد وكيل الوزارة للتطوير التربوي بالانابة بتاريخ 18/6/1420ه حيث قال: إن أبرز مزايا الخطة الجديدة معالجة المشكلات المرتبطة بكثرة المقررات وكثافة محتواها وضعف كفاءة خريج الثانوية العامة مهاريا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حمدين الشحات محمد
(1) جريدة الجزيرة في 22/7/1415ه مقال الدكتور حسن الحفظي استاذ النحو يجامعة الإمام