** تبوك - عبد الرحمن العطوي
في محاولة لإضاءة العلاقة بين الشعر المعاصر واللغة والمزج بين النظريات التي تحدثت عن تطور لغة الشعر وبين واقع النصوص المكتوبة لشعراء معاصرين قدم الدكتور عزام الشجراوي محاضرة تحت عنوان (الحداثة في لغة الشعر العربي المعاصر) وذلك في اثنينية نادي تبوك الادبي الأسبوع الماضي حيث تحدث المحاضر عن المعايير اللغوية وتراكيبها لدى شاعرين من شعراء العصر الحديث مختلفين في تجربتهما وهما الشاعر احمد شوقي والشاعر المعاصر محمود درويش حيث اشار المحاضر الى ان شوقي يعتمد في لغته على قواعد ثابتة ونظام معياري دقيق يشترك صحة الجملة قاعدياً متمسكاً بالجزالة والمتانة ومنحازاً الى التجربة التقليدية بأبعادها اللغوية التي توارثها الشعراء جيلاً بعد جيل واستشهد بعدد من الابيات لشوقي:
لا خير في منبر حتى يكون له
عود من السحر او عود من القضب
كما استشهد في قصيدة شوقي النونية التي تقمص فيها شخصية ابن زيدون وأوضح ان من سمات شعره وضوح الصورة وتنميطها لأن اللغة هي المستخدمة في رسمها.
أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بعد ذلك انتقل المحاضر للحديث عن الشاعر العربي محمود درويش الذي اشار الى ان لغته قد تميزت بالابتداء وقال (ان البيت عند درويش لا يتكون من الفاظ ذات معنى بل من الفاظ ذات نوايا) ولهذا فان اللفظ في شعر محمود درويش لفظ ايحائي اكثر منه معنى حيث تجاوز في عباراته الشعرية بين الالفاظ والزخم والانسجام والايقاع كما ان لغة الشعر الحر وبخاصة عند درويش غدت قريبة من لغة الحياة اليومية ولكن تقدم بأسلوب حداثي جديد كذلك تعدد الاساليب الانشائية لانها اكثر تعبيراً في نفس الشاعر عن الاساليب الخبرية فيقول في احدى قصائده:
ويشتمنا أعادينا ,,(هلا,, همج هم,, عرب)
نعم عرب ,,ولا تخجل
ونعرف كيف نمسك قبضة المنجل
وكيف يقاوم الأعزل
ونعرف كيف نبني المصنع العصري والمنزل
ومستشفى ومدرسة ,,وموسيقى والحانا
ونكتب اجمل الاشعار
كما اوضح ان لغة الشعر (الحر) عند درويش غدت قريبة من لغة الحياة اليومية وكثيراً ما يستخدم بعض الألفاظ والعبارات العامية من اللهجة الفلسطينية كما في قوله:
لك مني كل شيء خاتم العرس وماشئت
وماكورة زيتون دقيق
وقوله:
يما,, مويل الهوى ,,يما,, مويليا
ضرب الخناجر,, ولا حكم النذل فينا
وقوله:
سمعت في المذياع,, تحية المشردين,, للمشردين.
وقال الجميع: كلنا بخير,, لا احد حزين
فكيف حال والدي؟ ,,لم يزل كعهده
والابناء والتراب والزيتون
وكيف حال اخوتي؟ هل اصبحوا موظفين
سمعت والدي يقول: سيصبحون كلهم معلمين
سمعته يقول (اجوع حتى اشتري لهم كتاب)
وقد خرج المحاضر الى اتهامه للشعراء المحدثين بفقدان اللغة وهروبهم من القافية ومن الشكل المتوارث في القصيدة العمودية حيث اطلق احكامه بطريقة عشوائية دون ان يوضح مكمن الخلل لهؤلاء الشعراء.
وقد تناول الحضور المحاضرة بالنقد والتعقيب في عدة مداخلات حيث اشار الدكتور احمد البديوي الى ان هذه الورقة المقدمة من المحاضر قدمت مقارنة غير عادلة بين شاعرين مختلفين تمام الاختلاف وان الشعر المعاصر لم يكن بهذه الصورة الضعيفة التي يصورها المحاضر.
وأكد الشاعر محمد فرج العطوي على ان المحاضر لم يوضح النقاط التي تفوق بها الشعراء القدامى على المحدثين وان الشعر الحديث هو الذي يهتم باللغة اكثر من غيره.
واشار الشاعر نايف الجهني الى ان المحاضر حمل في ورقته تناقضاً واضحاً وان العنوان لم يتناسب مع مضمون الورقة وان المحاضر لم يناقش موضوع اللغة الشعرية الحديثة نقاشاً حديثاً خاصة وان الالفاظ تحددها السياقات وليس كما ذكر المحاضر في ورقته.
كما كانت هناك مداخلات من الاستاذ محمد توفيق والشاعر حسن الشبيلي صبت من مجملها على الحديث عن الجهد الذي بذله المحاضر الدكتور عزام الشجراوي الا انه لم يعط تبريراً واضحاً لبعض الآراء التي ذكرها.
هذا وقد ادار وقدم هذه الندوة الاسبوعية الدكتور موسى العبيدان عميد كلية المعلمين بتبوك وعضو النادي الأدبي وحضرها جمع من المهتمين في لغة الشعر وشعراء المنطقة ومدير النادي الادبي بالمنطقة الاستاذ محمد عمر عرفة واعضاء النادي.
|