قبل خمسين عاماً,, كانت الأسر السعودية في جميع أنحاء المملكة تقوم بتغطية خدماتها بنفسها ابتداءً من البيت ونهاية بالمتجر والفلاحة والصناعة,, مع الشح والقلة في بعض أجهزة وآليات المنزل المريحة والموجودة بوفرة الآن إذ ان ربة البيت كانت مسئولة عن الطبخ والغسيل وخياطة الملابس للرجال والنساء,, والرجال مسئولون عن توفير لقمة العيش مع ما يرافقها من كد وتعب وقلة في الأجور,, وكان كل بيت داخل حدود المملكة يشعر بالراحة والسعادة والاطمئنان,, فضلا عن نزول البركة والقناعة في كل بيت واسرة,, إذ ان كل فرد تحت سقف من سقوف منزل الاسرة يعتبر مسئولا ومنفذاً لأي مهمة توكل إليه وفق عمره وتصرفه,, وهو أمر يعتبر نوعاً من انواع التكافل العائلي والأسري والاجتماعي,, وما أن أفاء الله على المملكة بالخيرات,, وتدفق البترول في بلادنا عز على حكومة خادم الحرمين الشريفين إلا أن يُدخل الرفاهية ورغد العيش في كل منزل وقرية وهجرة ومدينة الأمر الذي اختلفت معه معايير الحياة اليومية والشراهة على حب التقليد,, مما أتاح لأنظمة الحكومة ان ترضخ لتغطية عجز وكسل الأسرة بخدمة نفسها بنفسها مما نتج عنه وبالتدرج التعددية الحالية من العمالة الوافدة، وقد فرضت علينا احوالنا الاجتماعية والسلوكية بألانلتفت الى العواقب ولا إلى الافرازات الاجتماعية والسلوكية والتربوية، وإلى ماذا ستصير عليه الأحوال,, إن عاجلاً ام آجلا كما هي عليه الآن والمقبل أعظم.
إن حادثة الكويت الاخيرة لهي المنذر والناقوس الذي يدق في ذاكرة الزمن المقبل,,!
,,من يصدق بأن عشرين ملياراً من الريالات تنفق على اجور العمال الاجانب في دول الخليج,, ومن يصدق بأن عشرة ملايين من مختلف الجاليات تعمل في دول الخليج,, ومن يصدق بأن ربع مليون مصري يعمل في دولة الكويت الشقيقة وحدها,, علماً بأن مجموع سكان الكويت ستمائة ألف نسمة,, ومن يصدق بأن 120 جنسية تعمل بالكويت وحدها؟,.
أمر يفرض التوقف والتبصر,,, دولةالكويت الشقيقة الآمنة والمطمئنة بحكومتها وسكانها وخيراتها تحتضن هذا العدد الهائل من جنسيات مختلفة من العمالة,, كيف يكون هذا؟,.
ثم ماذا كانت النتيجة,,؟! كانت كما سمعنا ورأينا على شاشات التلفزيون,, إحداث شغب واضرار بمصالح المواطنين,, واحداث هلع وقلق في وبين اوساط المجتمع الكويتي,, لقد أثبت ذلك معالي الدكتور/ سعد بن طفلة العجمي وزير الاعلام الكويتي,, بأن هناك خللا في العدد المطلوب من العمالة,, وخللا بالنظام وحسن النوايا والاهداف تجاه أي نوع من العمالة الوافدة,! والمثل يقول رُبّ ضارة نافعة ,.
ولكن كيف نحلل مواقف بعض ممن يسمون انفسهم بالمتعاطفين مع العمالة الوافدة,, أو مع بعضها,, إنه من خلال المحاورة والمساءلة نجدهم وهم اصحاب المنّة على دول الخليج,, بأن من قاموا بالشغب في دولة الكويت,, يعذرون لأنهم فقدوا القومية,,؟,, علامة استفهام,, لا ادري كيف نفسر القومية,, إن مفهوم القومية ليس لوافد دون آخر,, فكل بلد له قومية,, لأن له حدوده وتضاريسه وجغرافيته,, ثم تعود المساءلة والحوار الى مايشبه الانتقاص من الجهود المبذولة في الخليج لرعاية وحفظ حقوق العمالة الوافدة,, وكنا نتطلع الى أن نسمع عن أي أحد المشاركين للحوار من بعض الجاليات الوافدة والمقيمين بين ظهرانينا,, أن نسمع كلمة الثناء والشعور بالنعمة,, وواحة الاستقرار,, ولكن كان الامل عكسيا تماماً؟, من خلال هذه الفئات المتصاعدة من بين ظهرانينا ,, فانه يجب الخوف والترقب لما قد يحصل في المستقبل,, وبارك الله على من تنبه ونبّه لهذه الظاهرة قبل وقوعها,, نعم كلنا سمعنا بآذانٍ صاغية,, لما أدلى به حضرة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبد العزيز ولي العهد المعظم حول سلبيات وايجابيات نظام العمالة الوافدة ليس لبلد,, دون بلد,, وإنما لعموم اشكال العمالة ككل!,, نعم الكل يدرك ويعرف خطورة تعدد اشكال والوان العمالة الوافدة,, ولكن وكما أشرت آنفاً,, بأن قد يسبق السيف العذل,, ثم يكون ما سوف يكون,, ولكن ما اشار اليه سمو الامير عبد الله بن عبد العزيز هو البلسم الشافي والكافي.
ونقول,, لمن هم إخوة لنا في العروبة والاسلام ان دول الخليج الآن قد أحست بالخطر قبل وقوعه وطوعت الشركات والمؤسسات والمصانع بأن تكون اولويات التشغيل للمواطنين,, وقد يعرف الجميع سواء في الداخل,, أو الخارج ,, بأن تلك حقيقة وفاعلة بالاضافة إلى انها حقوق شرعية ووطنية,, بالوقت الذي نعتبر اياً كان من افراد الجاليات الذين يعيشون بيننا بأنهم اخوة لنا,, إخوة في الدين والعقيدة واخوة لنا بالمشاركة والاحتكاك والسلوك الاجتماعي داخل اراضينا وبلادنا,,!
محمد الرجيعي