عندما نتحدث عن أضرار الاستقدام وبالذات استقدام الأيدي العاملة الأجنبية فإن بعضنا ينسى أو يتناسى البعد الاجتماعي للعمالة الوافدة فهذه العمالة شئنا أم أبينا ستستقدم معها عاداتها وتقاليدها الاجتماعية,, لا يمكن فصل هؤلاء الوافدين مما تعودوا عليه من قيم وعادات وتقاليد.
وهذه العادات وتلك التقاليد تشمل فيما تشمل اللباس او الزي للرجال وللنساء كما تشمل اللغة ومفرداتها وكذلك التعامل بين الأفراد والجماعات كما تتأثر بالمعايشة مع الوافدين الكثير من المفاهيم السائدة في المجتمع.
والتأثير الاجتماعي للوافدين بل التغير الاجتماعي لا يحدث بين يوم وليلة ولا يمكن ان يلمس تأثير الوافدين حال قدومهم او بعد مغادرتهم بعام او عامين,, لا بل ان التأثير والتأثر يحدث على مدى فترة زمنية طويلة قد تمتد لعقود من السنين.
ولنأخذ مثلا قيمة الوقت وأهميته والتعامل بدقة معه نجد ان هناك بعض العمالة التي لا يقيم مجتمعها اي قيمة معنوية ولا مادية للوقت ولديه كل الاستعداد لاضاعة ساعات طويلة من ساعات العمل في الثرثرة وفي اهدار الوقت,, كما ان بعض العمالة لا تهتم بأهمية المواعيد ولديهم كل الاستعداد للتأجيل والتسويف وعمالة اخرى لا تحترم كلمتها فهي قد تقول كلمة اليوم وتغيرها غدا بل ان الكذب عندها نوع من الذكاء والدهاء وهذه الجماعة ترى ان المراوغة وعدم إعطاء كلمة واضحة تعد من الشطارة التي لا يستطيعها كل الشعوب.
والغش بكل أنواعه تراه بعض الجماعات أسلوبا من الأساليب التي تحقق الأرباح فهو يغشك عندما تكون زبونا دائما له بل هو يغشك حتى عندما تكون انت كفيله اما الغش لغير الكفلاء والزبائن الدائمين,, فهو أمر لا بد منه وهو الذكاء بعينه.
وأكثر المتأثرين بالعادات والتقاليد الوافدة مع العمالة هم من يعيشون مرحلة الطفولة اي منهم دون الثانية عشرة من البنين والبنات,, كما ان تأثير هؤلاء يكون كبيرا ايضا على الأميين والأميات تعليميا وثقافيا.
وقد تتصور ان تأثير العادات والتقاليد الوافدة مع العمالة يكون بتغيير الناس لعاداتهم وتقاليدهم وهذا في الواقع احد اساليب التأثير ولكن الأسلوب الثاني غير المنظور وغير الملاحظ ما يكون بتأكيد عادات وتقاليد سيئة فتنشره في الجماعة التي يفدون إليها,, فمثلا اذا قدم جماعة من مجتمع لا يعير الوقت أهمية وعاشوا داخل جماعة او مجتمع جديد لديه نفس القيمة الخاطئة للوقت وأهميته,, فإنه يتأكد لدى الجماعة الجديدة صحة ما يعتقدونه لانه قدم اليهم أناس لديهم نفس ما يؤمنون به.
ان تأثير العمالة الوافدة لا يقتصر على التأثيرات الاقتصادية وما يصدرونه من ملايين الدولارات الى بلدانهم ولا ما يسببونه من بطالة في الايدي الوطنية العاملة,, ان تأثيرهم يتعدى كل ذلك لينخر في عادات وتقاليد وقيم الأمة.