أخيراً اقتنعت واشنطن بإعطاء دور لباريس لمشاركتها في جهود صنع السلام في الشرق الاوسط.
المشاركة الفرنسية ستكون بالتحديد في الملف السوري اللبناني، فبعد أن وصل الأمريكيون الى قناعة بأن الفرنسيين يمكن أن يدفعوا بمسيرة السلام وبالذات تحريك المفاوضات اللبنانية السورية مع إسرائيل لأسباب عديدة، منها.
* العلاقات القديمة التي احتفظ بها الفرنسيون مع كل من سوريا ولبنان، ورغم التاريخ الاستعماري الفرنسي للبلدين إلا أن السياسة، الفرنسية وبالذات منذ تحول تلك السياسية في أعقاب حرب 67 الى الحياد والميل الى جانب المعتدى عليه، قد أعطى قبولا للسياسة الفرنسية لدى العرب بالذات عند السوريين واللبنانيين.
* أيضا للفرنسيين علاقات خاصة بالاسرائيليين ، وخصوصا بين الحزبين الحاكمين في كلا الجانبين، فالاشتراكيون الذين يقودون الحكومة الفرنسية الآن لهم علاقات وثيقة بحزب العمل الإسرائيلي وهذا ما يسهل إقامة قناة اتصال فرنسية نشطة بين دمشق وتل أبيب.
* وطبقا للإشارات التي ظهرت من إسرائيل ومن الولايات المتحدة، فإن كل منهما لا يمانع بدور فرنسي لأنهما يعتقدان أن هذا الدور سيسهل الأمور وبالتحديد تحريك المسارين السوري واللبناني وتسهيله وتشجيعه، وفرنسا قادرة على تأدية هذا الدور، بل جديرة به.
* إضافة الى ما صدر من إشارات من واشنطن وتل أبيب، فقد ظهرت إيماءات، بل تحركات سورية ولبنانية، رحبت بالدور الفرنسي لقناعة دمشق وبيروت بأن باريس أكثر حيادية ، بل أقرب للإنصاف من الموقف الامريكي الذي لايزال غير قادر على التحرر من الميانة الإسرائيلية على رجال الإدارة الامريكية والذين جلّهم من اليهود، وهم وإن كانوا يعملون لمصلحة بلادهم أمريكا، إلا أن الجانب العربي لا يستطيع أن يفصّل بين يهودية فريق السلام الأمريكي .
وهذا الموقف الثقافي والتكوين السلوكي لا يقتصر على الجانب العربي، بل حتى إن الإسرائيليين يعتبرون - وهو مثبت في دستورهم - أن جميع اليهود مواطنون إسرائيليون وأن ولاءهم لإسرائيل قبل الولاء للبلد الذي يحملون جنسيته، وهذا ما يجعل العرب يتشككون كثيراً في أعضاء فريق السلام الأمريكي , وسبق للفلسطينيين أن شككوا في نوايا دنيس روس وعبّروا علناً عن تأثير يهوديته في الانحياز لإسرائيل.
فرنسا تستطيع أن تقنع السوريين واللبنانيين بأن فريقها لا يضم يهوديا، وهذا ليس مقصودا، بل جاء مصادفة ففرنسا تضم جالية يهودية ومنها موظفون كبار وسبق أن وصل لرئاسة حكومتها يهودي الديانة.
تلك ملاحظة قد لا يجدها الفرنسيون والأمريكيون ذات أهمية إلا أنه وكما أوضحت لها أهمية عند العرب والإسرائيليين على حد سواء.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com