مازال السكر من الأمراض التي توقع بالكثيرين وتعطل بل وتتلف أجهزة الجسم المختلفة,, ومما يفاقم المشكلة ويوسع من رقعة الاصابة بهذا المرض العضال هو عدم اهتمام الكثيرين باجراء الفحوصات الدورية اذ يؤكد المتخصصون ان اكتشاف المرض مبكراً له دور لا يستهان به في كبح جماح هذا المرض كما هو الحال مع غيره من الأمراض.
ومن بين أجزاء الجسم التي تقع فريسة للسكر ومضاعفاته جوهرة النظر,, أو ما نعرفه بالعين، وهذا ما نتناوله بشيء من التفصيل من خلال اللقاء التالي مع د, عبدالعزيز الحواس استشاري جراحة العيون بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني الذي يستهل حديثه بقوله: ان السكر من الأمراض الشائعة اذ يصيب عدداً كبيراً جداً من الناس، وهناك نوعان منه: الأول وهو الأكثر انتشاراً ويوجد لدى البالغين وكبار السن، وهذا النوع قد يحدث بسبب قصور في البنكرياس لانتاج الانسولين سواء أكان هذا القصور جزئياً أو كلياً, وهذا النوع من السكر يتم علاجه عادة بالحمية، واذا لم تكن الحمية كافية فيتم اللجوء الى الحبوب وهي أدوية تؤخذ بالفم لتحفيز البنكرياس على افراز كمية أكبر من الانسولين التي يحتاجها الجسم,, واذا لم تفلح هذه الطريقة فيتم التحول إلى البديل الأخير وهو الانسولين الصناعي,, أما النوع الآخر من السكر فيصيب الصغار وعادة لا علاج له سوى استخدام الانسولين الصناعي.
ويشير د, الحواس إلى حدوث السكر في المملكة على نطاق واسع جداً حيث ثمة نسبة كبيرةمن المصابين به، كما توجد نسبة كبيرةمصابة بهذا المرض ولم يتم تشخيصهم ويرجع هذا لاسباب عديدة منها عدم حرص عامة الناس على المراجعة الدورية التي تسهل عملية اكتشاف هذا المرض,,
أما عن الأعراض فهناك أعراض ليس من الضرورة ان تكون موجودة لدى كل انسان، لكنها توجد لدى الأغلبية وهي الشعور بالعطش وكثرة التبول,, ومن المعروف ان السكر يؤثر على كافة أجهزة الجسم الحساسة والمهمة، إذ أن ارتفاع نسبة السكر لمدة زمنية طويلة قد يؤدي إلى اصابة الكليتين والعينين والعضلات، واصابة الجهاز العصبي المركزي وكذلك الجهاز العصبي الطرفي,, واصابة كل هذه الأجهزة الحساسة تتم بطريقة مشابهة وهي اصابة الأوعية الدموية الدقيقة التي تغطي هذه الأجهزة.
أما عن تأثيرات السكر على العين فيقول د, الحواس: من الملاحظ ان مرضى السكر في المراحل الأولى من الاصابة قد لا يشعرون بهذه التأثيرات، ولكن قد يؤدي عدم انتظام مستوى السكر في الدم الى اختلال عملية الابصار وقد تكون البداية التأثير على عدسة العين وتغيير التحديق فنجد ان المريض سواء أكان لديه قصر أو بعد نظر يحتاج إلى تغيير النظارات أو تبديلها على فترات قصيرة,, ومن أسوأ مضاعفات السكر تأثيره على الشبكية، اذ ان استمرار ارتفاع السكر في الدم وعدم التحكم فيه لمدة زمنية طويلة يؤثران على الشبكية، وهذه التأثيرات تبدأ بدايات طفيفة لا يحس بها المريض أبداً وهي زيادة كمية التروية في الشبكية واحتقانها يليها اعتلال الشبكية الجاف ثم اعتلال الشبكية الوعائي وهو الأخطر بحيث يصبح هناك أجزاء من الشبكية تنمو عليها كمية من الأوعية الدموية غير السليمة القابلة للنزف والتي تحجب الرؤية، ولا علاج لهذه الحالة في الوقت الحالي سوى بالليزر.
وهناك درجة معينة من المرض تستدعي التدخل بالليزر، أما ما قبل هذه المرحلة ينصح في العادة بالتحكم في السكر والتغيير مثلاً من الحبوب إلى الانسولين الصناعي والمتابعة الدقيقة، وفي مرحلة ظهور الأوعية الدموية غير الطبيعية لا علاج آخر سوى اللجوء إلى الليزر, والليزر كما هو معروف سلاح ذو حدين يستخدم لمعالجة وايقاف استمرار نمو هذه الأوعية الدموية، لكنه في نفس الوقت عبارة عن أشعة حارقة تؤدي إلى قتل جزء من الشبكية ويجب أن يكون هذا معلوما لدى مريض السكر، وعليه أن يعلم أيضاً ان هذا العلاج لا يؤدي إلى تحسين الرؤية وانما للمحافظةعلى ما تبقى من الشبكية لكي لا يعطب,, وقد تسوء الرؤية بعد المعالجة بالليزر لفترة زمنية بسيطة وهذا متوقع لذا على المريض ألا ينزعج وانما يراجع طبيبه المعالج,, لكن لا بديل لليزر في الوقت الحالي لمعالجة اعتلال الشبكية الناتج عن السكر.
ويحذر د, الحواس ان النتيجة النهائية لاعتلال الشبكية بسبب السكر هي العمى، لكنه يشير إلى أنه من السنة الأولى وحتى الخامسة للاصابة بسكر الدم بمستويات عادية جداً لا تصاب الشبكية بأي أذى، ومن الخامسة إلى العاشرة يبدأ حدوث الاختلال، بعد الخامسة عشرة يكون لدى أغلب مرضى السكر درجة من درجات اعتلال الشبكية بسبب هذا المرض، وتختلف سرعة اعتلال الشبكية بسبب السكر من شخص لآخر وتختلف من تركيبة جسدية لأخرى، كما أن هناك عوامل محفزة مثل: ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام السكر وعدم اخذ الجرعات الكافية من العلاج وكذلك ا لسمنة، وهذه العوامل تتضافر لتضاعف اصابة الشبكية بالاعتلال,, وعموماً فإن الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم أو الانسولين تؤدي إلى تأخير وتقليل مخاطر اعتلال الشبكية بسبب السكري.
أما النصيحة الذهبية التي يقدمها د, الحواس فهي ضرورة حرص كل من تجاوز الاربعين من عمره على فحص سكر الدم سنوياً هذا بالنسبة للاصحاء، أما بالنسبة لمن اكتشف ان لديهم سكر الدم فيجب عليهم الاهتمام بالطرق العلاجية ومتابعة علاجهم لدى احدى عيادات السكر بانتظام مع الالتزام بنصائح الطبيب المعالج، كذلك والكلام للدكتور الحواس على مريض السكر ان يحاول بناء ارادة قوية للتحكم في كمية الأغذية التي يتناولها لأنه يتوقف عليها كمية العلاج الذي يحتاجه الجسم.
|