يتبع الكثير من موفري ومنتجي السلع على اختلاف أنواعها العديد من الاساليب والوسائل لجذب الزبائن والترويج لسلعهم كإعطاء بطاقات تخفيض لمن يشتري بمبلغ معين ومنحهم خصومات معينة او عمل تخفيضات دورية اسبوعية او شهرية او موسمية.
وتلجأ بعض المحلات والمؤسسات والشركات الى اسلوب اعطاء الهدايا العينية او النقدية او اعطاء المشتري تذكرة تؤهله للمشاركة في السحب على هدايا عينية, والسؤال الآن هذه الاساليب والوسائل هل تخدم الهدف الذي من اجله وضعت؟ وما الآثار المتوقعة لها على البائع وعلى المستهلك؟ للاجابة على هذا السؤال، نفترض ان جميع موفري ومنتجي سلعة ما يزاولون عملهم بشكل عادي بدون انتهاج هذه الاساليب باستثناء محل واحد يقوم بإعطاء هدايا عينية لمن يقوم بالشراء من عنده, المتوقع في حال نجاح هذا الاسلوب ان يكون المحل قد اجتذب عددا اكبر من الزبائن وان مبيعاته زادت وبالتالي عوائده ومن الطبيعي جدا ان يلحظ المنافسون هذا التغير وسيقلقهم تناقص عدد زبائنهم لصالح المحل الآخر الذي وفر خدمة جديدة لزبائنه هي لعبة الاشتراك في التسابق في الحصول على الهدايا, الشيء المتوقع انهم سيجدون انفسهم مضطرين لتوفير خدمات مماثلة لكن لن تكون بالضرورة نفس الخدمة وانما سيتبعون اساليب اخرى لجذب زبائن جدد وللمحاظة على زبائنهم القدامى والقصد من التغاير هنا توفير خدمات معينة لا يتمكن المشترون من الحصول عليها الا من محل بعينه خاصة وان السلع متماثلة سواء اشتريت من المحل الاول او الثاني او اي محل آخر.
ومن الواضح ان الاهتمام الآن تحول من التنافس في ابراز مزايا السلع الى ابراز مزايا الخدمات والوسائل الترويجية المصاحبة لها, لاشك ان لهذا الامر آثارا سلبية واضحة على المستهلك والذي يصبح تفكيره منصبا الآن على نوعية وكمية التخفيضات والحسومات والهدايا التي سيحصل عليها لا على السلعة التي سيشتريها, فهو يذهب الى محل ما لانه يمنح خصما معينا وآخر يذهب الى محل منافس لان هذا المحل يعطي هدايا عينية.
هذا في جانب المستهلك اما بالنسبة للبائع او المنتج فإنهما سيتحملان اولا تكلفة توفير هذه الخدمات وثانيا فان الارباح التي زادت بسبب اجتذاب زبائن جدد ستبدأ في التناقص مع تزايد اعداد البائعين الذين يسلكون هذه الاساليب والتي في النهاية ستكون شائعة جدا لديهم وفي حقيقة الامر سنصل الى نتيجة ان جميع المحلات والشركات في هذا النشاط ستتبع هذه الطرق، لان الزبون اصبح يفاضل بين مكان وآخر بناء على ما يوفر من هذه الخدمات.
المحصلة النهائية لكل هذا هو زيادة الاسعار ليتمكن البائعون والمنتجون من تغطية نفقات الحملات الترويجية والدعائية، ولا يعني هذا بالضرورة زيادة الارباح وسيصبح هدف هذه الحملات مع الوقت ليس زيادة الارباح بل المحافظة على مستويات الارباح القديمة التي يمكن ان تتحقق في ظل عدم وجود هذه الحملات, اذا كان الأمر كذلك والفائدة المرجوة من هذه الاساليب محدودة جدا فلماذا تستمر وتصبح سمة عامة لأغلب الانشطة الاقتصادية؟ ربما يكون من الافضل حماية للمستهلك من الاستغلال ولموارد المجتمع من الهدر، وضع حد لهذه التصرفات وخاصة عندما تكون الهدايا الممنوحة مبالغا فيها وتصل اثمانها الى ملايين الريالات, وسيكون من الافضل توجيه هذه الموارد نحو الاستخدام المناسب اما بخفض الاسعار او بالتبرع بها لمشاريع وبرامج خيرية يعود نفعها للمجتمع ككل ولو امكن الزام جميع المنتجين والبائعين بهذا الامر فان مستويات ارباحهم لن تتأثر وفي المقابل سيستفيد المستهلكون والمجتمع.
* قسم الاقتصاد الإسلامي جامعة الإمام محمد بن سعود