لقد كان لي الشرف الكبير ان اكون احد اعضاء اللجنة الوطنية للسياحة، التي عقدت مؤخراً اجتماعها الثامن والثلاثين في منطقة القصيم بدعوة من الزميل/ فهد العضيب عضو اللجنة الذي يعتبر من الاعضاء الفعالين باللجنة وكان الاجتماع برئاسة الاخ/ عبدالمحسن الحكير ، فقد كان شعلة وقادة في القيادة والعمل الدؤوب، فلدى الرجل تجربة زاخرة واطلاع واسع على فنون واصول العمل السياحي، مما اضفى على الاجتماع بالاضافة الى الحيوية روحا من المتعة والتشوق، مما اعطى للاجتماع فاعلية كبرى ونتائج ملموسة مثمرة من جميع اعضاء اللجنة.
اننا في امس الحاجة الى العديد من اللقاءات والحوارات من اجل عمل محاور سياحية تربط جميع مجالات السياحة في المملكة مكانياً وزمانياً.
فالمهمة ليست بالسهلة وايضاً ليست بالصعبة مادام الرجال مصممين على المضي في خوضها والنهوض بها، حيث اصبحت من المهام الوطنية الملقاة على عاتق الجميع، حتى المواطن العادي له دور يؤديه في هذا المشروع الوطني الكبير, لقد كان من فضل الله ان يكون الاجتماع 38 في منطقة القصيم ولقاء اميرها الامير/ فيصل بن بندر بن عبدالعزيز حفظه الله، وبتقديري ان البلاغة تعجز ان تصف كرم واهتمام الامير فيصل الذي شملنا برعايته طيلة فترة انعقاد الاجتماع واسدى لنا النصح والارشاد، ووضع لنا الخطوط العريضة التي ساهمت في مساعدتنا على اختصار الوقت والجهد.
فللامير رؤية واضحة وتطلعات بعيدة في مجال السياحة البيئية وتطويرها مع معرفة دقيقة لاحتياجات المنطقة التي تتناغم مع تقاليد وعادات اهل القصيم ولا تتعارض معها.
بعد التطورات السريعة والمذهلة التي حدثت في العالم، اصبح الناس يضيقون من العيش لفترات متواصلة طويلة في المدن ضمن اطر الروتين اليومي الممل والتعامل مع الآلات والاجهزة الحديثة التي اخذت تحل مكان الانسان وامست المدن تثقل كاهل سكانها من كثرة الصخب والضجيج وتلوث الجو، فالانسان كي يستمر عطاؤه لابد له من الراحة والاسترخاء، بعيداً عن المدن وهو بطبعه ميول للحياة الطبيعية ولهدوئها,.
وفي اعتقادي ان منطقة القصيم تستطيع ان تشبع هذا الجانب لما تتمتع به من طبيعة خلابة، فالرمال الذهبية المترامية الاطراف تعانق اشجار النخيل في مزارعها التي تشكل واحات جميلة يندر وجودها في العالم، وليلها الممتد من الخريف للربيع مغر لعشاق الصحاري، فالماء صافية والنجوم في اوج تلألؤها وشعاع الليالي المقمرة تزيدها رونقاً وجمالاً وترسم على زموم الاطعاس امواجاً يخيل لرائيها انه على ضفاف نهر حالم هادىء,.
ان الاستمتاع في هذه الطبيعة الخلابة كافية بالقضاء على الترهل الجسدي والجمود الذهني والضيق والضجر الذي تسببه ضوضاء المدن، ويشكل مغريات جذابة لعشاق الهدوء والاستجمام بجمال الطبيعة.
ان السياحة البيئية اخذت تلعب دوراً مهماً في هذا العصر، فهي الى جانب كونها مجالا خصبا للترفيه والاسترخاء، فهي ايضا تقوم بالمحافظة على البيئة واحياء وتكاثر الحيوانات والطيور التي اخذت تنقرض بسبب زحف القرى والمدن على الصحاري وتوغل الطرق السريعة والصيد الفوضوي الجائر وهي تحافظ على النباتات البرية التي يأخذ بعضها يختفي من جراء سوء الاستخدام الآدامي.
ان السياحة البيئية تسعى ايضاً لتطوير الجوانب الحياتية والاجتماعية للسكان وهي بالاساس مصدر هام للدخل القومي، وتنعش القطاع الخاص بكل شرائحه اذا استغل بشكل علمي مدروس، فنحن ولله الحمد نملك الاسس التي وهبنا اياها الرحمن الوهاب من طبيعة ومناخ معتدل يمتد من الخريف حتى اواخر فصل الربيع ونستطيع ان نوظف هذا العطاء بشكل ايجابي مثل عمل واحات سياحية تشيد فيها شاليهات متنقلة او ثابتة يقضي السواح فيها اياماً لن تنسى، حيث التمتع بجمال الصحاري مع احياء رياضة المشي على الكثبان الرملية ورياضة ركوب الخيل وتنظيم سباقاتها، ورياضة التزحلق على الرمال، وتنظيم رحلات على الجمال تجمع بين اصالة الماضي وحداثة الحاضر وتقديم خدمات مبتكرة جديدة وباسعار معتدلة للعائلات للتمتع بجمال الربيع في شاليهات صحراوية فيها جميع الخدمات والمستلزمات التي يحتاجها السواح تكون مع الايام بديلاً لمخيمات الربيع التي اخذ بعضها يشوه منظر الصحراء ويقضي على الكثير من النباتات والشجيرات البرية، وايضا توفر هذه المرافق السياحية على العائلات الكبيرة تكاليف شراء المستلزمات الاولية المطلوبة للرحلات البرية.
ان وضع الافكار في قوالب التنفيذ في الوقت المناسب حري ان يختصر الطريق ويقلل تكاليف البنية الاساسية ويخلق لدينا سياحة بيئية.
وهنا لا يفوتنا ان نشير للاستفادة من انتقاء تجارب الآخرين في هذا المجال مع التنبه للاحتفاظ بروح التقاليد والعادات والمورثات التي يتمسك بها سكان منطقة القصيم والتي يفتخرون ويعتزون بها في ظل ديننا الحنيف وسنة خاتم الانبياء والمرسلين,ان امام اللجنة الوطنية للسياحة التي تضم نخبة من رجال الاعمال المهتمين في الجانب السياحي شوطا طويلا والطريق لايزال في اوله ورغم الصعاب الا اني من المتفائلين بمستقبل واعد زاهر لما لمسته من رئيس واعضاء اللجنة من تصميم والتزام ادبي قوي على السير حتى النهاية.
|