نطالع بين الحين والآخر عبر الصحافة الشعبية الكثير من القصائد والمقالات التي تتذمر من حال الشعر الشعبي وما وصل إليه ولكن الحقيقة أننا ننظر للشعر من الجهة الصغيرة المعتمة ونتجاهل الجهات المضيئة الأخرى، ولكن لو أعدنا حسابنا ونظرنا نظرة متفحصة في حال الشعر لوجدنا أنه بخير، وكل ما في الأمر أن الصحافة هذه النافذة التي نطل من خلالها على نتاج الشعراء لا يرى من خلالها إلا الكثير من الشعر الضعيف، ولو ضربنا مثالاً بحال الشعراء والصحافة لقلنا إن الشعراء كأنهم بغرفة مغلقة ليس لها إلا نافذة واحدة هذه النافذة هي الصحافة والإعلام عموماً، فلو فرضنا أن هناك مائة شاعر في هذه الغرفة خمسة وتسعون منهم شعراء حقيقيون وخمسة فقط مستشعرون ولكن هؤلاء الخمسة هم الواقفون على النافذة فقط، فإن من يمر على هذه الغرفة سيظن أن هؤلاء الخمسة يمثلون كل من في الغرفة وسوف يتذمر من حال الشعر من خلال ما رآه، ولكن من يعرف الشعراء الحقيقيين من خلال معرفته لهم واحتكاكه بهم سيدرك أن الشعر بخير.
الأمر الذي نطالب به: لماذا لا يزاحم الشعراء الحقيقيون هؤلاء القلة المستشعرين وذلك من خلال تكثيف مشاركاتهم في النشر، فعندما ينشرون قصائدهم سوف يتضح لنا المثل القائل (الضد يظهر حسنه الضد) وسوف يكون هناك وعي لدى القارىء بالشعر الجيد ليكون ناقماً على المستشعرين الذين سيخجلون من وضعهم بين الشعراء الحقيقيين وينسحبون منهزمين, هذه الفائدة الأولى من نشر كبار الشعراء لقصائدهم.
الفائدة الثانية: أن الشاعر المبتدىء عندما يرى قصائد هؤلاء الشعراء سوف يتأثر بهم وتصبح لديه غيرة فيجتهد ويحاول أن يقترب من مستواهم، فالشاعر المبتدىء الذي يقرأ القصائد الجيدة بكثافة لن يرضى عن قصيدته ولن يعتبرها شيئا حتى تقترب من مستوى تلك القصائد الجيدة.
نحن في هذا العصر لدينا عدد هائل من الشعراء الحقيقيين نشكو من غيابهم عن النشر مما فتح المجال أمام المستشعرين ليسرحوا ويمرحوا في الساحة الشعبية كيف شاءوا.
إنني ومن خلال صفحة مدارات شعبية أوجه نداءً صادقاً لكل شاعر حقيقي بأن يحرص على نشر قصائده لسد الفراغ أمام المنتسبين عنوة للشعر لا أن يفسحوا المجال لهم ثم يتذمرون من حال الشعر وهم السبب في ذلك.
النداء الثاني أوجهه للمحررين لفتح المجال أمام أولئك الشعراء وحضهم على النشر وهذا ما نتمناه منهم لنعرف فعلاً أن الشعر بخير ولا داعي لهذا التذمر.
محمد سعود البيضاني
عطي