أشارت بأطراف البنان وسافرت
وفي النفس منها حيرة ما تفسرت
طوت صفحة الماضي وأيامه التي
بها تعبق الذكرى وتحلو بما جرت
فما كان إلا نظرة ثم عبرة
على إثرها من جفن عيني تحدرت
ولو أنها قد خبرتني تكرماً
إلى أين أو أي البلاد تخيرت
لما بتّ محتاراً ويممت نحوها
وهاجرت مختاراً إلى حيث هاجرت
ولكنها شاءت فما أسرع النوى
إذا صادفت صفواً من الدهر كدّرت
فما زلت أرعى طيفها في مرابع
أراها خلت من بعدها ثم أقفرت
أغارت عليها الريح من كل وجهة
فوارت حصاها والمراعي تغيرت
على وجهها التغيير أنى أتيتها
وأنى تراءت لي رباها وأظهرت
بها مثل ما بي من شجون وحيرة
ولو شمسها ظلت بها ما تحيرت
سيبقى هواها ساكناً بين أضلعي
لينساب شعراً كلما العين ناظرت
مساءً جميلاً بدره في سمائه
منيرٌ يحاكي وجهها يوم أسفرت
وأبقى على العهد الذي كان بيننا
وفياً لها مهما تناست وأنكرت
أقول إذا ما شامت العين بارقاً
له مزنة غراء فاضت فأمطرت
سقى الله أرضاً خيمت في ربوعها
سحاباً إذا ما لامس البيد أزهرت
إلى ساحة الأمجاد سارت ركائبي
وفي ساعة البشرى التي قد تقررت
إلى خير من سارت إليه ووجهت
ونالت به فخراً كبيراً ففاخرت
سعود ابن عبدالمحسن السيد الذي
به كل أرض ازهرت ثم أنورت
إذا حل في أرضٍ تباهت بنفسها
ولولا سناه زارها ما تبخترت
أتى يحمل التكريم حباً ويحتفي
بأشعارنا لما تنامت وأثمرت
فجاءت إليه من بعيد قوافل
دعاها الأمير الشهم حتى تكاثرت
دعاها كريم فاستجابت لجوده
إلى (طائف) عنها الخطى ما تقاصرت
أمير كريم الأصل تلفي حياضه
جموع وأخرى قد تروت وغادرت
حريص على مصيافنا كلما رأى
أموراً إلى تطويرها قد تيسرت
سعى جاهداً يبني ويعلي مرافقاً
ويرعى جهوداً في رُباها تضافرت
ومن لم يثمن دور (فهدٍ) فإنه
كمن عينه للنور ما قطُّ أبصرت
أمين على هذا الربوع وفضله
أحاطت به تلك الذرى ثم أجهرت
متى ما دعته فكرة في خيالها
أجابت لها هماته ثم باشرت
فأكرم به يا سامعي من حفظٍ
له همة نحو العلا ما تعثرت
وما فاتني من صاغ طرساً مذهباً
وسماه (شوقا) هز نفساً فعبرت
حوى قول من جادوا وقالوا فأبدعوا
واثروا مصيفاً بالثريا فأبهرت
فلن يُنتسى جهد ل(حماد) إنه
أديبٌ لبيب من أناس تنورت
ومن كان ذا عقل وعلم وفطنة
يرى في بلاد الحق دنيا تطورت
لنا دولة عزت وسادت بدينها
ونالت وسام المجد لما تأمرت
لها خادم البيتين راعي وقائد
وحامي حماها كلما الحرب سعرت
أطلت علينا فاستبقنا إلى العلا
وخضنا بحور العلم مهما تبحرت
سُعدنا بها سعدا عظيما فإنها
دؤوبا ترى عن ساعد الجد شمرت
وما أمة قد كرمت في رحابها
سوى شاهد من أهلها حين بادرت