Thursday 11th November, 1999 G No. 9905جريدة الجزيرة الخميس 3 ,شعبان 1420 العدد 9905


رأي الجزيرة
جدل باراك البيزنطي حول القرار 242

يوم الأحد الماضي ومع بدء مفاوضات الحل النهائي بين المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين تعمد ايهودا باراك أن يصب ما هو أكثر من مجرد دش بارد على رؤوس أعضاء الوفد الفلسطيني ليطفىء حماسهم وتفاؤلهم ببداية هذه المرحلة الحاسمة من عملية السلام وذلك عندما أعلن أمام مجلس وزرائه أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم (242) الصادر في نوفمبر 1967م عقب وقف اطلاق النار في عدوان يونيو 1967م لا ينطبق على الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين,,!!
وبالرغم من الاختلاف الشكلي في الصياغتين الفرنسية والإنجليزية لنص القرار الدولي إلا أن ذلك لم يعن قط أن القرار لم يدعُ لانسحاب إسرائيل انسحاباً كليّاً من الأراضي كما في النص الفرنسي أو من أراضٍ كما في النص الإنجليزي، التي احتلتها عسكرياً بعدوان 5 يونيو 1967م.
فالحقيقة الجوهرية في مضمون القرار هي الإنسحاب وهو ما يعني أن تعود القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت ترابط فيها حتى يوم 4 يونيو 1967م.
وليس في هذا أي تضحية أو مجرد تنازل من جانب إسرائيل من أجل السلام مع الفلسطينيين لأن الذي يضحي أو يتنازل إنما يضحي بماله ويتنازل عمّا يملك امتلاكاً بحكم التاريخ والقانون، وليس بحكم الاحتلال عن طريق العدوان بالقوة العسكرية ويتجاهل باراك متعمداً حقيقة أن الضفة الغربية كانت خاضعة لسلطة المملكة الأردنية الهاشمية عندما احتلتها القوات الإسرائيلية، كما أن القطاع كان يخضع للسلطة المصرية قبل احتلاله,, وكلتا الدولتين مصر والأردن دولتان متكاملتان وذواتا سيادة وطنية.
وهذه الحقيقة تجاهلها باراك لأنها تتعارض مع تشبثه الباطل بالأراضي المحتلة عندما حاول أن يفسر فحوى القرار (242) بأنه ينطبق على دول ذات سيادة وليس على أراضٍ محتلة!
إنه نفس المنطق اليهودي الذي يذكّرنا بمنطق وحجج شايلوك تاجر البندقية في قصة شكسبير المعروفة!
ولو فكر باراك قليلا لاكتشف أن نفس المنطق والحجج التي انسحبت بها إسرائيل من صحراء سيناء المصرية وبموجب أحكام القرار 242 الذي تمت على أساسه اتفاقية السلام المصرية/ الإسرائيلية، ينطبقان المنطق والحجج على قطاع غزة، كما ينطبقان على الضفة الغربية وأيضا ينطبقان على هضبة الجولان السورية، وعلى جنوب لبنان.
ولكن باراك يساوم بما ليس له، لأنه يريد إذا تعذر الحصول على استسلام فلسطيني/ سوري/ لبناني، للتطبيع بشروطه يريد أن يحصل على سلام بأبهظ ثمن يدفعه الفلسطينيون واللبنانيون والسوريون، لأنه حقيقةً وواقعاً وككل إسرائيلي لا يريد السلام إلا إرادة اضطرار ولهذا فهو يبحث عن مخارج يتنصل بها من القرار (242) كمرجعية أساسية لعملية السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.
ومن الواضح أن باراك ومَن نحا نحوه من المسؤولين في حكومته مثل المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية افيف شيرون طبقا لأ,ف,ب لا يريدون عودة حدود إسرائيل إلى حدود ما قبل 5 يونيو 1967م ومع الاحتفاظ بمعظم المستوطنات اليهودية التي نشرت بخريطة مدروسة بعناية تبين بما يجعل الدولة الفلسطينية المرجوة شراكة بين أصحابها والمستوطنين اليهود إذا تعذر منع قيامها!
ولهذا فإن باراك يثير جدلاً بيزنطياً حول القرار (242).
الجزيرة

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
فنون تشكيلية
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved