الموضوع الذي يكون له صدى عند القارىء, هو الذي يسعى للكاتب على قدمين قويتين وما على الكاتب المتمكن إلا تحضير أدوات الزينة,, وهي الكلمات والحروف,, وكيفية تنسيقها,, وإبرازها بمظهر جذاب وآسر,, ولذلك وجد في كل الاشياء ما يسمى بالمتضادات,, وجد الجيد والرديء, القوي والضعيف,, الذكي والغبي الثقيل والخفيف,, وقس على هذا.
وفي الكتابة, يوجد العابثون, والجادون,, وقد يرزق العابثون أكثر مما يرزقه الجادون, لأن الأرزاق لاتجري على العقول وقوتها,, ولو كان ذلك كذلك لهلكت البهائم.
والموضوع المعتسف يأتي ثقيل الصورة,, بليد الصدى في عيني القارىء وأذنيه,, وحتى لدى كاتبه,, فلا يولد إلا مسخاً, أو خداجاً, لانه قد جر لمكانه في المطبوعة بحبل من حديد,, والصحافة اليومية إما خبر يطلعك على أحداث الدنيا البعيدة عنك أو قصة فيها ألم أو عبرة, أو مقالة تحكي وضعاً علمياً جديداً, أو ظاهرة شاذة جديدة في هذا العالم, وما أكثر الظواهر الشاذة في عالمنا هذا.
ولو أنك نقلت لهم صورة من الواقع لحفار القبور البسيط القوي القلب لاستهزأوا بك ولنفروا منك, ولو أنك تحدثت إليهم عن قدرة الجزار وولعه بالغش لاحتقروك, ولو أنك بينت لهم تأفف الناس من طول مدة الانتظار للحصول على قرض لبناء منزل, لاتهموك بالعجلة,, ولو أنك عزيت الدكتور الفوزان في مقالاته الثمانية عن سوء القبول في الجامعات لقالوا إنك متشائم وعد ولا تقل اني عجزت, فما بقى أكثر مما راح, والفهم والوعي المدعوم بالصدق والاعتدال واحترام الدين ,, لن يولد لدينا إلا بعد ردح من الزمان ولذلك فإن الموضوع الذي يسعى للكاتب على قدمين قويتين هو الموضوع ذو الصدى المجلجل والمؤثر, أما الذي يسحب بالحبل فهو الذي يولد باهتاً ميتاً وقد يكون قد صحب معه كفنه.
استطيع أن أكتب لكم شيئاً لم تألفوه, ولم تعرفوه, لكني, ككاتب يجب ان امسك بعدل الميزان, فلا أضر نفسي ولا أضر الآخرين, حتى لو كان ذلك فيه نصح ومنفعة, فقد تستعمل المضرة وتشجع من أجل جلب المنفعة لكن انصح الكتاب أن يحاولوا ان يضعوا أقلامهم على الورق حتى تقدح الفكرة اللماحة الجيدة في أذهانهم,.