*القدس المحتلة الفرنسية: كريستيان شيز
تدخل المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية غدا الاثنين في مدينة رام الله بالضفة الغربية مرحلة تعد اكثر المراحل التي قطعتها حساسية اذ يفترض ان تؤدي ولو نظريا من الآن وحتى ايلول/ سبتمبر المقبل الى تسوية نهائية للمسألة الفلسطينية.
فبعد القمة التي جمعت الثلاثاء الماضي في اوسلو الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك في حضور الرئيس الامريكي بيل كلينتون، سيدخل الطرفان هذه المرة في صلب الموضوع.
وفي رام الله سيبدأ المفاوضون الاسرائيليون بقيادة اوديد عيران الدبلوماسي، والفلسطينيون بقيادة وزير الاعلام ياسر عبد ربه، في مناقشة مسائل جوهرية تشكل في الحقيقة لب هذا الصراع المستمر منذ عقود طويلة.
وتتميز هذه المسائل بالصعوبة والتعقيد وهي تتناول وضع القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين مرورا باقامة دولة فلسطينية محتملة مع ترسيم حدودها وسلطاتها وصولا الى مصير حوالي 150 مستوطنة يهودية قائمة منذ 1967على الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ويأمل الفلسطينيون والاسرائيليون في التوصل بداية في اواسط شباط/ فبراير الى اتفاق اطار مؤقت يحدد الخطوط العريضة للتسوية النهائية.
وكما كان متوقعاً لم تفض قمة اوسلو الى نتيجة ملموسة لكن ذلك لم يكن في الحقيقة هدفها المنشود.
وفي صددها قال نبيل ابو ردينة مستشار عرفات لاذاعة صوت فلسطين ان اوسلو لم تكن جلسة مفاوضات بل مناقشة عامة حول سبل دفع عملية السلام.
وانطلاقا من وجهة النظر هذه حقق كلينتون على مايبدو الهدف الذي كان يصبو اليه وهو توفير مناخ مواتٍ لاجراء مفاوضات جدية.
وقد شدد بعد لقائه عرفات وباراك على ان الطرفين تعهدا بالامتناع عن الادلاء بأي تصريح او عمل من شأنه ان يقوض عملية السلام .
ولدى عودته من اوسلو الاربعاء اعطى باراك في اليوم نفسه الفلسطينيين ما يشكل في الواقع دليلا مزدوجا على حسن نيته,فقد صدق بادىء ذي بدء على انسحاب عسكري اسرائيلي جديد من 5% من الضفة الغربية من المفترض بحسب مذكرة شرم الشيخ ان يدخل حيز التنفيذ في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي,, وسيطرح هذا الانسحاب على الحكومة الاسرائيلية الاحد للموافقة عليه.
وقام علاوة على ذلك بتوجيه انذار الى مجموعة من المستوطنين اليهود المتطرفين الذين يرفضون مغادرة خمس من عشر نقاط استيطان عشوائية تعهدت كبرى منظمات المستوطنين بإخلائها، وهددهم باللجوء الى القوة في حال لم ينصاعوا للامر.
لكن وادراكا منه بان اي تدخل للجيش لطرد المستوطنين اليهود من قطعة من ارض اسرائيل (الكبرى) لن يكون مسألة سهلة، عاد باراك الجمعة عن قراره واعطى مهلة اضافية من اربع وعشرين ساعة لهؤلاء المستوطنين، اي الى يوم الاثنين لتنفيذ قراره.
وفي هذا الخصوص قال باراك للاذاعة الاسرائيلية الرسمية اذا لزم الامر 24 او 36 ساعة اخرى للقيام بإخلاء (المستوطنات) فان ذلك لن يغير شيئا ، مؤكدا ان المهم هوان ينظم المستوطنون بانفسهم عملية الاخلاء واذا لم يتم ذلك فان الحكومة ستتصرف .
وفي كل الاحوال فإن اخلاء بعض نقاط الاستيطان العشوائية لن يشكل سوى نقطة ايجابية بسيطة بالنسبة للفلسطينيين الذين يأخذون على باراك تشريعه 32 مستوطنة اخرى انشئت قبل عام, لكنها ستساهم على الارجح في توفير ظروف مشجعة للمفاوضات المرتقبة في رام الله.
اما في الجانب الفلسطيني فقد امتنع عبد ربه في الايام الاخيرة عن شن هجمات كلامية على باراك الامر الذي سبق وحمل رئيس الوزراء الاسرائيلي على ان يطلب من عرفات استبداله.
يذكران عبد ربه وعيران عقدا في 29 تشرين الاول/ اكتوبر الماضي اول اجتماع منفرد بينهما في القدس.
|