*بيتش، كوسوفو د, ب,أ
في احدى الخيام الصغيرة الخضراء اشعلت احدى العائلات المشردة موقدا خشبيا صغيرا يبث الدخان اكثر مما يبث الدفء، وفي الخيمة قطع اثاث صغيرة هي عبارة عن فراش بسيط وصناديق قدمتها وكالات الاغاثة الانسانية للاسرة المنكوبة.
وتقيم اسرة حاجيا المكونة من تسعة افراد في هذا المكان منذ اربعة اشهر اي منذ عودتهم الى كوسوفو من الجبل الاسود في يونيو الماضي في اعقاب سيطرة قوات كي فور الدولية لحفظ السلام على الاقليم.
ويقول ناصر: رب الاسرة: انها حياة شاقة جدا، ليس بالنسبة لي، اذ يمكنني الاحتمال، بل بالنسبة لاولادي، والآن وقد حل الشتاء فإنهم يشعرون بالبرد ويسعلون الليل كله, ان الصغيرتين قد اصابتهما الحمى,,وناصر هو الرجل الوحيد في الاسرة ويكاد يكون شبه اعمى، وعليه ان يعجل ببناء سقف يظلل ما بقي من منزله الذي يؤوي زوجته وبناته واختيه غير المتزوجتين وامه المريضة,
ويقول ناصر: لقد حصلت على بعض المساعدات لبناء السقف من جمعية كاريتاس النمساوية، كما انني استغل ما بقي من الجدران المهدمة من احد منازلي التي احرقها الصرب، غير ان الانتهاء من هذا العمل يستغرق وقتا, ولايدري ناصر متى سيتمكن من اكمال السقف.
ومع زحف الشتاء القارص في البلقان واقتراب درجات الحرارة من الصفر المئوي لايجد ناصر واسرته والالاف غيرهم سقفا يظللهم سوى سقف الخيمة, فقد احترقت تقريبا كافة منازل قريتي راكوس وبداليست القريبتين والبالغ عددها 130 منزلا, ونصبت الخيام وامتدت وغدا اهالي القريتين الذين اصبحوا خاليي الوفاض يؤكدون ان ما وعد به من مساعدات قد تأخر او لايسد الحاجة.
وتقول وكالات الاغاثة الاجنبية التي تعهدت باعادة بناء نحو 120,000 منزل من المنازل التي طالها الدمار في قرى كوسوفو انه لايمكن الانتهاء من عملية اعادة البناء قبل حلول العام المقبل,
لقد كانت التوقعات اكثر تفاؤلا في يونيو حينما كان الطقس مازال دافئا, واما الآن فتقول وكالات الاغاثة انها تسعى لتحقيق مهمة مستحيلة, فبعض الطرق قد سدت ويتوقع ان تسد الثلوج باقيها, ويصرح مكتب المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انه سيتم الاستعانة بالمروحيات غير انها لايمكن ان تفي بكافة الاحتياجات.
وتتلاشى آمال مايربو على خمسمائة الف نسمة في الحصول على ما وعدوا به من حجرة جافة في الشتاء في الوقت الذي يحث فيه العاملون بوكالات الاغاثة القرويين على وضع الاغطية البلاستيكية على الخيام والتحلي بروح التضامن, ويقول بيتر كسلر المتحدث بلسان المفوضية العليا للامم المتحدة للاجئين في المنطقة: ليس من السهل قضاء شتاء مثل هذا، ولكن على الاقل فقد انتهت الحرب، انه تحد للقرويين الذين ينبغي ان يتحلوا بروح التضامن فيما بينهم ومساعدة بعضهم البعض والبقاء بصحبة الاسر لحين انتهاء فصل الشتاء.
غير ان كسلر يضيف قائلا: في اقليم تعرضت فيه القرى للاحراق مرتين تتضاءل حقا فرص اعالة الاسر الالبانية الكبيرة لغيرها من الاسر ضخمة العدد, ويذرف محرم البالغ من العمر 68 عاما من البان كوسوفو دموع خيبة الامل قائلا: اين نذهب؟ واين نقيم؟ ان احدا منا لا يملك سقفا يظلل اسرته,
ويضيف محرم قائلا: ان اسرتي واسر اخوتي الاربعة ما تزال تنام في خيامها الاربعة, كنت آمل لو تمكنت من تجنيب الاطفال على الاقل تجشم المزيد من العناء.