جاء في كتاب ]تهذيب الكمال في أسماء الرجال[ للإمام الحافظ المتقن/ جمال الدين المزي/ في الجزء الأول من المقدمة العلمية المشهورة جاء قوله: ]فإن للصحابي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن غيره ابتدأت بذكر روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت روايته عن غيره راقماً على ما يحتاج من ذلك الى رقم، وإن كان الراوي ممن روى عنه هؤلاء الأئمة الستة أو بعضهم بغيرواسطة ابتدأت بذكر روايتهم أو رواية من روى منهم عنه، ثم ذكرت من روى عنه من غيرهم على الترتيب المذكور، وان كان فيهم من روى عنه بغير واسطة، ثم روى عنه بواسطة ابتدأت بذكر روايته عنه بغير واسطة ثم رقمت على اسم من روى عنه بغير واسطة وبعضهم قد روى عنه بواسطة ابتدأت بذكر من روى عنه منهم بغير واسطة، كما تقدم, ثم ذكرت من روى عنه منهم بواسطة في آخر الترجمة قائلاً:
وروى له فلان، او فلان وفلان إن كان أكثر من واحد.
وقال الإمام المزي في ص 153/154/ من ]تهذيب الكمال في اسماء الرجال[ ط4 1406ه قال: ]وقد اشتمل هذا الكتاب على ذكر عامة رواة العلم وحملة الآثار وأئمة الدين، وأهل الفتوى، والزهد والورع والنسك، وعامة المشهورين من كل طائفة من طوائف أهل العلم المشار إليهم من أهل هذه: الطبقات ولم يخرج عنه منهم الا القليل فمن أراد زيادة اطلاع ذلك فعليه بعد هذه الكتب الاربعة بكتاب: الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد كاتب الواقدي، وكتاب: التاريخ لأبي بكر احمد بن ابي خيثمة زهير بن حرب وكتاب: الثقات لأبي حاتم محمد بن حبان البستي، وكتاب: تاريخ مصر، لأبي سعيد عبد الرحمن بن احمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي، وكتاب: تاريخ نيسابور، للحاكم: ابي عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ، وكتاب: تاريخ أصبهان، لأبي نعيم احمد بن عبد الله بن احمد الاصبهاني الحافظ: فهذه الكتب العشرة أمهات الكتب المصنفة في هذا الفن[.
فهل يصح في نظر العقول المستقيمة السليمة والفطر الناصعة ترك مثل: تهذيب الكمال عند ذكر رواية أو خبر أو اثر دع عنك يا صاح: الحديث وأين ذاك المتفرغ للاشيء الا لنقل ما هب ودب من آثار السلف من كتب لا يعول عليها الا خالي الوفاض.
ومشكلة: الفراغ العقلي أي مشكلة هي انها تولد كثرة الحركة وصولة الهر والتمزق بصورة توحي للآخرين العقلاء أنه مسكين باروني المسار فيركب سبيل الطرح الفكري بصيغ متعددة جريئة وهذه الجرأة بحد ذاتها هي ما تدفع الآخر للتطبيل والاعجاب والا فهم يدركون انهم وإياه في فراغ بسببه يحسون بلذة العذاب النفسي ويظنون أنهم ينتشون عبق التجديد والطرح الفكري الجريء، تابع هذه النوعية أيها المطلع خلال سنين تجدهم في شحوب واجترار وألم واسقاطات متعددة وهم يدركون هذا لكنهم يتعامون تلذذاً به على حال: معبد الجهني/ وابن سبعين والحلاج/ وواصل بن عطاء/ والجهم بن صفوان.
وقال في ص 155: ]وقد رتبنا أسماء الرواة من الرجال في كتابنا هذا على ترتيب حروف المعجم في هذه البلاد ]بلاد المشرق[ المحقق, مبتدئين بالأول فالأول منها ثم رتبنا آباءهم واجدادهم على نحو ذلك الا اننا ابتدأنا في حرف الالف بمن اسمه احمد وفي حرف الميم بمن اسمه محمد لشرف هذا الاسم على غيره، ثم ذكرنا باقي الأسماء على الترتيب المذكور، فإذا انقضت الاسماء ذكرنا المشهورين بالكنى على نحو ذلك، فإن كان في اصحاب الكنى من اسمه معروف من غير اختلاف فيه ذكرناه في الاسماء ثم نبهنا عليه في الكنى، وان كان فيهم من لا يعرف اسمه، أو من اختلف في اسمه ذكرناه في الكنى خاصة، ونبهنا على ما في اسمه من الاختلاف في ترجمته، ثم ذكرنا أسماء النساء على نحو ذلك، وربما كان بعض الأسماء يدخل في ترجمته، أو اكثر فنذكره في اولى التراجم به، ثم ننبه عليه في الترجمة الاخرى وقد ذكرنا في أواخر الكتاب فصولاً أربعة مهمة[.
وقال في ص 156 يبين هذه الفصول الأربعة المهمة:
]وهي:
فصل فيمن اشتهر في النسبة الى ابيه اوجده أو أمه أو عمه أو نحو ذلك مثل: ابن أبجر، وابن الأجلح، وابن أشوع وابن جريج وابن علية، وغيرهم، وفصل فيمن اشتهر بالنسبة الى قبيلة او بلدة او صناعة او نحو ذلك مثل: الأنباري، والانصاري، والأوزاعي، والزهري، والشافعي، والعدني والمقابري والصيرفي، والفلاس وغيرهم.
وفصل فيمن اشتهر بلقب أو نحوه مثل: الأعرج والأعمش، وبندار، وغندر وغيرهم، ونذكر: فيهم وفيمن قبلهم نحو ما ذكرنا في الكنى.
وفصل في المبهمات مثل فلان عن أبيه أو عن جده أو عن أمه أو عن خاله أو عن رجل أو عن امرأة ونحو ذلك، وننبه على اسم من عرفنا اسمه منهم[.
ثم قال: ]وينبغي للناظر في كتابنا هذا أن يكون قد حصل طرفاً صالحا من علم العربية، نحوها ولغتها، وتصريفها ومن علم الأصول والفروع ومن علم الحديث والتواريخ، وايام الناس، فإنه اذا كان كذلك كثر انتفاعه به وتمكن من معرفة صحيح الحديث وضعيفه، وذلك خصوصية المحدث التي من نالها وقام بشرائطها ساد أهل زمانه في هذا العلم، وحشر يوم القيامة تحت اللواء المحمدي، ان شاء الله تعالى[ 156.
وهنا لست أظن أحداً بناج من اللوم وهو يرى مثل هذا الكتاب تهذيب الكمال في أسماء الرجال فلا يعود اليه عند ترجمة صحابي أو ترجمة تابعي او لنظر حال أثر من: الآثار، ومن يظن نفسه ناجياً من اللوم فذاك ليس بذاك اذ لو احترم نفسه وقدرها واحترم عقول من يقرأون له في مثل ما ذكرت لعول على التهذيب لا يرده راد ولا يعوقه عائق بحال ما من الأحوال هذا الكتاب سيد في مقامه، ومهم في بابه، به يقف العلماء والباحثون والمؤرخون وأهل الأدب والنقد يقفون على صحة السند بمعرفة حال الرواة الذين ورد ذكرهم في سند أو أسانيد الآثار والتراجم فهل يبقى بعد هذا من عذر أو يبقى من حجة لا جرم: لا.
وتهذيب الكمال هو: تهذيب الكمال ولهذا لما تركه مؤلف العبقريات وقع تجاوز الله تعالى عني وعنه في خلل لم يسلم بسببه من اللوم خاصة في ثوابت وقع فيها فأخطأ الخطأ الذي لا يعذر له فيه، وما وقع فيه فقد قرر بعض الاحكام كالجهاد فأخطأ والكعبة فأخطأ، وزل هناك في حق الصحابة: معاوية وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة وغير هذا، وان كنت أعذره لجهل حاصل غير مقصود فلست أعذره بجانب حماية هذا الدين بالذب عن الثلاثة خاصة وأنه لم يؤصل البحث على مثال يقوم معه النص الصحيح ولا يزول، لكن ما بالك لو: سأل، أو نظر اصول كتب السنة، أو أصول كتب: الجرح والتعديل لا جرم تنكص حال الطرح عنده على عقبيها خاسئة حسيرة لا تدوم.
ولعلي علمت من منهج ]مؤلف العبقريات[ أنه منصف ولهذا ألوم ولا ألوم, لكن اللوم على من يتوسد العظمة فهو واقع فيه ولعله يتدثر بمرض يخفيه عن نفسه فيصدق انه شخص سوي فيسير هكذا: يقنن ويعلك الفضلات ولا يتورع من مس الثوابت بجرأة يحسبها جرأة وهي قذارة مرض خبيث ولو أدركه فيه لتناساه وسط التهليل والمباركة والاحتفاء وما درى أنه يمثل دوراً أراده له غيره وهو عالم به ويستفيد منه حساً ومعنى، والا من يتطاول على ثابت ويستمر فليس ذاك الا من حبه لا لفكره إن كان له فكر ولكن حبه للحياة وفق تصور مريض ولو طبل له المطبلون.
ومن كتب أو يكتب في طريق غير صائب وهو يتكبر على الحق الفطري، فإنما يقوم ما يقوم به لخبث دفين قبله اذ جاءه أو أقبل عليه إذ رآه.
ونصوص الشريعة: عبادتها معاملاتها وما حصل من: سير وتراجم, وغزوات وسفر كل هذا مرقوم يقوم لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد.
اقرأ بتأن وتمعن ما قاله محقق كتاب: ]التهذيب[ للإمام المزي ص 38/39 يقول: ]أما نطاق الكتاب ومنهجه فيمكن تلخيصه بما يأتي:
1 اجتهد أن يستوعب جميع هذه الكتب غاية الإمكان لكنه قال: ]غير انه لا يمكن دعوى الاحاطة بجميع ما فيها لاختلاف النسخ، وقد يشذ عن الانسان بعد إمعان النظر وكثرة التتبع ما لا يدخل في وسعه[.
2 بين أحوال هؤلاء الرجال حسب طاقته ومبلغ جهده، وحذف كثيراً من الأقوال والأسانيد طلباً للاختصار إذ لو استوعبنا ذلك لكان الكتاب من جملة التواريخ الكبار .
3 استعمل عبارات دالة على وجود الرجل في الكتب الستة او في بعضها فكان يقول: روى له الجماعة اذا كان في الكتب الستة ونحو قوله: اتفقا عليه اتفقا عليه أو: متفق عليه إذا كان الراوي ممن اتفق على إخراج حديثه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأما الباقي فسماه تسمية.
4 ابتدأ كتابه بترجمة قصيرة للرسول صلى الله عليه وسلم، أخذها بسنده من كتاب السيرة لابن هشام استغرقت صفحة واحدة فقط، وقال في نهايتها:
وقد أفردنا لأحواله صلى الله عليه وسلم مختصراً لا يستغني عنه طالب الحديث ولا غيره من المسلمين عن مثله وأتبع ذلك بفصل من أقوال الائمة في احوال الرواة والنقلة أورده بالأسانيد المتصلة اليه استغرق ثماني أوراق .
|