تطوير : نشرة دورية تصدرها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي يرأسها امير الرياض وعاشق الرياض حفظه الله ورعاه, نشرت تطوير في عددها الاخير دراسة احصائية تعنى بمدينة الرياض اشكر للقائمين عليها وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الامير سلمان حفظه الله جهودهم تلك, وما ابهجني حقا ان تلك الدراسة قد اتت في وقت نحن فيه بأمس الحاجة الى سن منهج يعتمد على (وينبثق من) احصاءات موثقة ومن الواقع مما يكفل بالتالي تحقيق مبدأ التخطيط السليم في المكان والزمان السليمين جدير بتحقيق نتائج سليمة .
اوضحت تلك الدراسة ان متوسط اعمار السعوديين يبلغ حوالي ال18 سنة,, وتلك المعلومة تنبئنا عن ظاهرة اجتماعية مردها تلك الطفرة الشبابية المتمثلة بصغر سن غالبية افراد مجتمعنا, ولذا فلابد من العمل على صياغة البرامج والمناهج المناسبة، وزيادة الطاقات الاستيعابية للمعاهد والجامعات، وتكثيف وسائل الترفيه، وخلق فرص العمل, وهنا، وحيث ان البطالة سمة من سمات المجتمعات (الشبابية) ورغم (جعجعة!) القطاع الخاص - الخاص فعلا فلا يزال هذا القطاع، ورغم كل المميزات المتاحة له من قبل الدولة، عازفا عن تفعيل دوره فيما يخص استيعاب المواطنين، حيث تشير تلك الدراسة الى ان القطاع الحكومي لا يزال هو الموظف الاكبر لليد السعودية العاملة حيث يعمل 87% من مجموع تلك القوى قياسا على ما يقوم به القطاع الخاص المتمثل ب13% فقط .
جاء في ثنايا هذه الدراسة الاحصائية اشارة الى انخفاض معدلات الوحدات السكنية (الشاغرة) في مدينة الرياض الى مستوى 5% عام 1417ه واتضح كذلك ان السنوات العشر الاخيرة قد شهدت تناميا ملحوظا تجاه السكن الفردي.
تلك الظاهرة (التنموية) المتمثلة بالاتجاه نحو الاستقلال الاجتماعي نتاج لعامل الاستقلال الاقتصادي والجلي بما ورد عن تلك الدراسة من ان دخول السعوديين قد ارتفعت خلال السنوات المنصرمة وهذا بالتالي نتاج لارتفاع المستوى التعليمي الذي - وحسب تلك الدراسة - قد لوحظ ارتفاع معدلاته، وعلى كل تتفق تلك النتائج مع ما هو سائد من حقائق في الدراسات المتعلقة بالتنمية والتغير الاجتماعي والتي تفيد بأنه كلما تقدم المجتمع زادت درجة استقلالية افراده, تلك النتائج الثلاث المتمثلة في ارتفاع مستوى التعليم ومن ثم زيادة الدخل واخيرا الاستقلال الاجتماعي تحمل بين طياتها كذلك اشارات اكيدة على تشكل وتبلور طبقة وسطى تتخذ معايير عالمية - وليست محلية - في صياغة مفهومها (كالتعليم والمهنة والدخل), وهذا امر ايجابي، حيث انه من المعلوم (علميا) انه كلما زادت اعداد الطبقة الوسطى في مجتمع ما كان ذلك دليلا على تحسن احوال افراده، ومن المعلوم (تاريخيا) كذلك ان الطبقات الوسطى تعمل على تأكيد التوازن المجتمعي وتجسد تواصل افراده - وان كان هذا التواصل - وبفعل عوامل التطور يتم عادة عن طريق المؤسسات المجتمعية وبوسائل غير مباشرة.
|