Friday 5th November, 1999 G No. 9899جريدة الجزيرة الجمعة 27 ,رجب 1420 العدد 9899


ليلة خرافية

كانت تنظر إلى نفسها في المرآة كل لحظة,, لترى ان زينتها كاملة,, وان لا شيء ينقصها الفستان الابيض الحالم,, التسريحة المميزة,, المكياج,, كل شيء بالتمام,, هكذا رددت بينها وبين نفسها,, وأطلقت تنهيدة حارة,, خرجت من صدرها وأخرجت معها كل هموم الايام وعذابات السنين الماضية,, وأخيراً وجدت سعادتي,, وأخيرا تحقق الحلم الذي طالما تمنيته ها نحن الآن سندخل القفص الذهبي كما يسمونه,, سندخله بكل ذرة حب من احاسيسنا,, سندخله ونحيله إلى جنة خضراء ترتع فيها كل طيور السعادة والفرح,, سندخله وكلنا شوق لدخوله,, ولن نخرج منه أبداً,, أبداً,, سنصبح قريبين من بعضنا اكثر مما مضى,, سأفعل كل ما بوسعي لارضائه واسعاده,, سامنع كل من يحاول أن يضايقه او يؤذيه حتى لو كان الريح الهارب,, سأحتويه تحت جناحي وأغدق عليه من فيض حبي وحناني,, كيف لا وهو الفارس المنتظر,, كيف لا وهو الحبيب الذي انتشلني من بحور الضياع والألم كيف لا وهو الذي حطم كل القيود وتجاوز كل العقبات من اجل الفوز بي,, كيف لا وهو الذي ابكى الحي كله ببكائه ودموعه التي انهالت كالسيل الجارف عندما رفضه والدي أول مرة,.
لن أنسى ذلك اليوم أبدا ما حييت,, و,, ليلى,, ليلى,, هل ما زلت هنا.
استيقظت ليلى على صوت اختها الكبرى منى وهي تناديها,, ليلى ما بك,, هيا بنا حان وقت الزفة,, حسنا حسنا,, ها أنا جاهزة وسأخرج حالا,,, هكذا قالت لها ليلى,.
وبدأت الزفة وامتطت العروس ذراع عريسها الحبيب,, ليلة خرافية,, الزينات منتشرة في كل مكان,, وأضواء العقود تملأ اركان الحي,, والمشروبات والحلويات توزع على الضيوف,, انها ليلة العمر المنتظرة,, استمرت السهرة إلى ما قبيل الفجر,, ثم ذهب كل واحد إلى بيته,, يا لها من ليلة,, قال أحمد,, انها اسعد ليلة في حياتي كلها,, رددت ليلى سنجعل من زواجنا اسطورة بل اغنية يترنم بها الناس,, سنكون اسعد زوجين على هذه الارض,, سننثر ورود الحب في ارجاء بيتنا الصغير,, ونملأ الوجود عطفا وحنانا,, امسك أحمد بيدها وقال: نعم هكذا سنكون وهكذا سنبقى طوال العمر بإذن الله,, انتهى,.
يا لها من رواية جميلة ردد خالد,,, وأغلق الكتاب واحتضنه بين ذراعيه,, أغمض عينيه وسرح بفكره بعيداً,, كان يتمنى ان يحدث له مثلما حدث للبطل والبطلة,, وان تنتهي قصة حبه بهذا الرباط السعيد,, والنهاية السعيدة ولكن آه من لكن ماذا يفعل وحبيبته هي التي لا ترضى به لا تريده ولا تتمنى حبه ابدا,, حاول معها بكل الوسائل,, وسلك جميع السبل فكان الرفض حليفه في كل مرة,, لماذا؟ لماذا لا تقبل حبي لها؟ إنني رجل ناضج ولست مراهقاً,, ألعب بمشاعر الفتيات,, انني احبها بكل ذرة في كياني,, حبها يعصف بقلبي وجوارحي,, فما الذي يجعلها ترفض ما هو السبب,, ما هو؟! وانخرط في بكاء طويل مُر,, ثم رفع رأسه أخيراً ومسح دموعه التي بللت وجهه ولحيته,, واخذ ينظر الى القمر المنير الذي شهد مولد حبه وشهد عذابه ودموعه وسهره,, انه الوحيد الذي يعرف مأساته ومأساة العاشقين مثله ولكن ماذا بوسعه ان يفعل,, لقد تعب كثيرا,, فهو يريدها وهي لا تريده,, هو يذوب كل ليلة من التفكير بها وهي لا يخطر لها على بال,, آه يا إلهي,, ساعدني.
حسنا سأكتم حبي,, هكذا قال,, نعم سأكتم حبي عن كل الانام,, سأحتفظ به داخل صدري سأسقيه واعتني به وانقحه ليشب ويترعرع في داخلي,, ويظل معي حتى آخر لحظة من عمري وعندما أموت,, سيموت معي وندفن في قبر واحد,, ولن يعلم بسره احد,.
فتاة الجنوب

رجوعأعلى الصفحة
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
الثقافية
أفاق اسلامية
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved