عزيزتي الجزيرة:
اقدم هذه السطور مداخلة لما طالعتنا به صحيفتكم الموقرة في يوم السبت 29/6/1420ه عدد 9872 بصفحة عزيزتي الجزيرة من مقال للاخت ليلى المقبل بعنوان جحود الرجال طبيعة متأصلة، ام حالات فردية .
ولي مع بالغ التقدير للاخت الكاتبة هذه المداخلات:
الاولى: الاخت ليلى كاتبة مؤثرة بمقالاتها وترمي -كما نحسبها- الى الاصلاح الاجتماعي، بقلم سيال بالمعاني الفاضلة والكلمات الهادفة وكاتبة كهذه تستحق تقدير القراء والكتاب، شريطة ان تلتزم منهج الحياد والانصاف في المعالجات لتكون بعيدة عن تعريض نفسها للاسلاك الشائكة التي غالباً ما تعيق من ضل الطريق، والاخت في مقالها آنف الذكر، غير مؤاخذة بكل ما تقول لانها تتحدث عن نفسها -اي عن بنات جنسها- وهي لا شك تصطلي بحرقة المهاتفات والمصارحات من اللائي ضربت بهن الامثلة الخمسة,, ولاشك ان اقل مشاركة لاولئك الاخوات من الاخت ليلى هي اثارة مثل هذه القضية والسعي لعلاجها باسلوب فاعل,, والذي اكاد اجزم به انها لا تدري شيئاً عما يدور في اوساط الرجال عن قضايا شبيهة بما ذكرت لكن على العكس.
الثانية: عنوان الكلمة مدان شرعاً وواقعاً وعقلاً, حيث تقول الاخت ليلى ان قلوب الرجال غير مأمونة على الثبات, اين الكاتبة من قوله صلى الله عليه وسلم عن النساء انكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير هذا في مقابل الاحسان طول الدهر، ينتهي بغضبة ويتلاشى عند ادنى قشة، اما واقعاً فان المعروف عبر تاريخ القرون ان الثبات في المواقف والاستقرار على المبادىء والمنافحة عنها ان نصيبه الاوفر من حظ الرجال وان كمل من النساء قليل ونحن الان بصدد الكلام عن العالم الاسلامي فلسنا بحاجة الى الاستشهاد بكلام اوسكار وايلد فان الحديث عن مجتمع ذلك الذكر وبيئته التي ينطلق منها يحوجنا الى ازعاج مسامع القراء بقصص بشعة من الخيانات التي حظي بها الرجل والمرأة على حد سواء، ونصيب المرأة منها اكبر حيث لا قيد من شرع ولا رادع من قانون وفطرة وعقل,, لا لا، لن اتحدث عنهم فنحن شىء آخر باسلامنا بمصادر التلقي عندنا بتجربتنا العليا لمفاهيم وقيم امتنا الاسلامية,, اختي الكريمة ليلى انت تعالجين قضية اسلامية لها ضوابط وشروط ومعالجتها ضمن هذه اللوائح، فلا داعي لاستيراد حلول من الخارج او افتعال معركة في مواجهة النص,, فان الذي شرع حكيم عليم وما من داء الا وله دواء, وما فرط الله تعالى في الكتاب من شىء, فتعالي نحل مشاكلنا ضمن الاطر والاهداف السامية التي تجمع ولا تفرق وتنشد الوفاق والاتفاق وليس الشماتة والاثارة والتشويه.
الثالثة: بعد النماذج الخمسة التي ذكرت لدي نماذج من رجال معذبين وبطريقة مماثلة وحتى لا اقع فيما وقعت فيه فانني لن اذكرها ولئلا ازعج الجمهور بنماذج شاذة لا يقاس عليها ولا تعد ظاهرة تعالج علانية.
الرابعة: دعوى نكوص بعض الفتيات عن الموافقة على الزواج ممن معه اخرى خشية ان تقع في ظلم الزوجة السابقة, هذا تفسير خطير للرفض لانه لا احد يقول ان الشارع يؤثّم الزوجة الثانية فهي ليست ظالمة مادام الامر جائزاً شرعاً, فيكف يجيز الشارع شيئاً يؤثّم فاعله، ان هذا مغالطة ارجو ألا تقع فيها مثل الاخت المسلمة التي تتصدى للدفاع عن الاسلام ومعانيه العظام.
الخامسة: اجابتك على التساؤلات الحمراء بأن قلب الرجل غير مأمون على الثبات,, اقول عدم الثبات مضى في المقدمة ما يدل على ان الاضطراب لدى المرأة اكثر من الرجل وتحكم العاطفة عندها اظهر منها عند الرجل, ولكن المغالطة الاخرىالتي وقعت فيها الاخت هي ايجاب هذا التلازم بين الزواج من اخرى وعدم الثبات على محبة الاولى, من قال هذا؟, فان قلب الرجل يتسع لاربع كما خلقه الشارع وشرع له اربع,, ومن الحكمة ان يسع الجميع لاتمام حقوق الاربع بقدر الاستطاعة، ثم ان هذا ليس للمرأة لانه يجب ألا يسع قلبها الا واحداً، فالتعددية لدى المرأة في هذا الشأن ممنوعة شرعاً ومن ثم منتفية عقلاً وفطرة، بل من تمام السعادة ألا ترى غيره,, فان الرجل لو احس ولو من طرف خفي ميل زوجته الى الغير لتهدمت الاسرة بكاملها، وهل الاخت ليلى المسلمة- منشرحة الصدر لعبارتها ان التعدد يعني عدم الثبات الوفاء مع الزوجة وهي تتذكر زواج الرسول صلى الله عليه وسلم ونصوص الشرع في ذلك، ارجو ان تراجع الاخت المصطلحات اللغوية ودلالاتهاقبل ادراجها حججاً في مقابلة النصوص.
السادسة: حصر دوافع الزواج يجب ان يتم عبر دراسة مستفيضة واستبيان يكتبه الرجال عن انفسهم ودوافعهم بكل واقعية وتجرد وليس بعجالة فائقة ومن زاوية حادة اضافة على ان الكاتبة في هذا الشأن الذي يفسره الرجال - امرأة، ولا اظن عقلاء الرجال يقدمون على الزواج بمحض الدوافع التي ذكرت الاخت ليلى، وان صدرت من فئة فهي لا تمثل الخط الذي سلكه من شرع الله لهم التعدد بضوابطه، وهناك فرق بين علاج الخطأ وسوء التنفيذ ومناقشة نصوص من يعلم احوال عباده ومصالحهم في العاجل والآجل.
السابعة: لا يرضى عقلاء الرجال ان يكون توفيق الحكيم ولا غيره من هذا الصنف متحدثاً عنهم:
ومن يك ذا فم مر مريض يذق مراً به الماء الزلالا |
فليس تخريف الحكيم او القصص الشعبية التي نالت اعجاب الاخت فيصلاً في القضايا المشتركة والمحسومة سلفاً والتي يمكن دراستها وعلاجها في جو من الود والصفاء والهدوء لئلا نغرر باخواتنا الفتيات من خلال طلاسم الاساطير او نسج الحكايات الناقمة التي للخيال والموقف الشخصي الحاد دور كبير في اخراجها، وما عبر به الحكيم او زكريا ابراهيم لا يعدو الا ان يكون تعبيراً عن نفسه والشاذ لا يقاس عليه ولا يعمم حكمه، ثم ان لذعة الهيموجلوبين فيها بذاء لا يناسب المقام فالكل يدرك ان القضية مشتركة وربما ان حظهن اكبر منهم فلا داعي لادخال كلمات ناشزة في عمق العلاج لئلانئد مفعوله باسفاف مخل.
الثامنة: اجابة على طلب الاخت حين سألت ولكنها لم تصبر حتى يجيب القارىء حين قالت فهل ثمة مسؤول يا عزيزتي الجزيرة عن تشويه صورة التعدد غير الرجال انفسهم، وكأن الاخت ليلى لا تنشد الحقيقة في هذا السؤال فهي قطعت الطريق على المجيب وكأنها تفرض وصايتها على عزيزتي الجزيرة بأن لا تسمع لاحد بهذا الشأن سوى ليلى, واقول اذا كان ثمة مشكلة وفيها اطراف متعددة فلابد من التحاكم الى النصوص واستماع حجة كل طرف بوضوح واستخراج الحق من الظالم ورده الى المظلوم, وكون ليلى كتمت الصوت الآخر بوقف المسؤولية على الرجال، فهذه نتيجة مسلوقة لا تحل مشكلة وسوف يبقى التهويش بين الفريقين متعة الشامتين ومما يزيد الموضوع تأزماً, فهذا المقال الذي شاركت فيه الاخت اسقاط يرمي الى الخروج من المأزق ويساهم في تعقيد الموضوع فهو لم يقدم حلاً ولو ان كل عضو من الجسد او جهاز اداري او شركة ما عولج بأسلوب البتر ابتداء قبل محاولات تلافي المشكلة لكان مطلبها صعباً, فكم هي الاشياء التي عليها ملاحظات ولابد من بقائها, وباختصار مطارحتها لاتقدم وانما تؤخر حل المشكلة، الا ان تفتح عزيزتي الجزيرة قلبها لمناقشة القضية وتحري النصف في الطرح ونشدان الحق.
والله تعالى لا يضيع اجر من احسن عملاً, كما انه لا يصلح عمل المفسدين, مع بالغ الشكر للجزيرة حين تنشر هذا المقال.
صالح بن عبدالعزيز التويخري
بريدة