1/1
* أجد نفسي في مصائب العالم، وأتعرف على نفسي في عذاب الأبرياء,,, .
الطاهر بن جلُّون
* * *
1/2
* إن قوة كل نصٍّ هي في حجبه ومخاتلته، لا في إفصاحه وبيانه، في اشتباهه والتباسه لا في أحكامه أو إحكامه، في تباينه واختلافه لا في وحدته وتجانسه,,, .
علي حرب
* * *
1/3
** إن شئتَ أن تروي حكايات المساء المرِّ
فانتبذِ السليقة ,.
أو رُمتَ أن تصل المسافة بين ما قد قاله من ذاق أهوال الحقيقة
وبين من سئم الطريقة ,,!
** فدعِ الهوى
وانسَ الجوى
واغنم مفارقةَ العشيقه !
مات الذين توهموا
في الليل أسراراً دقيقه ,,!
لا ضوءَ يطفئُه النوى
والفجرُ لا ينسى شروقه,,!
وأخو الجمال مولّعٌ
بالغرسِ في عُمقِ الحديقه ,.
غَنِّ الورى، وسلِ الثرى
معنى الحبيبة والصديقه ,.
إ,ع,ت
* * *
2
** عِش كما شئت,.
* حاول ان تقول شيئاً,.
* اسعَ لأن تعمل شيئاً,.
* ثمّ
امضِ في الفضاء,.
لتزداد سعةُ الأرض,,!
** هكذا نشاء، أو هكذا هي رواية الحياة حين تحكي سيرةَ الأحياء ,,!
** جيلٌ يُفَتِّشُ عن نفسِه ، وجيلٌ يُفَتِّشُ عن جيلٍ سبقه، ويؤسِّسُ لجيلٍ سيلحقُه,,!
* خفِّف الوطء,, !
** هل ترى قدميك أم تلحظ هام الأوالي ,,؟!
** هنا فقط يتماثل الأعلى بالأدنى وتلتصق القمّة بالقاع ,,!.
** وإذ ننسى نأسى لمن توهمَ فاهتمّ وظنّ فضنّ ، وهوى فتهاوى ,,!.
** لا شِعرَ بدون مشاعر ، ولا حكايةَ بغير حكواتي ، ولا ناس بلا أساس ,,!
* أين نحنُ من هم ؟ وأين نحن من نحن ؟ وأين الموصول من الاشارة ؟ والمتصل من المنفصل ؟.
** الاستفهاماتُ غير عابرة,,!
** أما الاجاباتُ فعابرةٌ عاثرة ,,! تتحدى من يستطيع أخذ العلامة الكاملة,,!
** وإذن فهي أربعاوية سؤالٍ في زمنٍ لا يُجيب، ولا يستجيب,,!
** فلتكن له إرادتُه ,,!
** ولتبقَ لنا دوائرُنا المغلقةُ المستغلقة !.
* * *
3
** تظل ذاكرةُ المدن أقوى من ذاكرة ساكنيها ,,! ورائحة الطين أنفذَ من رائحة البدن ، وتبقى معالمُ التغيير شاخصةً في الطلل ممسوحةً في الإنسان ,,,!
* نبني كما كانوا,,,!
* ونفنى مثلما فنَوا,,,!
* ويأسرُنا إيقاعُ الفرح فيأسو ملحَ الجراح ,,!
** مَن يوقظُ اغفاءة الحُلم حين تتلاشى كُلُّ الأحلام ,,؟
** ومَن يقصُّ ملحمةَ العشق إذ تندثر معاني الجوى ,,؟
** ومن يقولُ الحقيقةَ في ركام الدجل ,,؟
** عناوينُ جديدةٌ لأسئلةٍ لم تبتدىء بعد,,!
***
4
** استطاع محمد شكري أن يقود قافلة من المقلِّدين الذين بهرهم سياقُ البوحِ العاري المنطلق من الداخل إلى الداخل دون أن يعنيَه - في شيء - مساراتُ الخارج !.
** في مكاشفاته الممتدة من مفرق الشَّعر الى مهوى ألأحذية تمكن هذا البوهيميُّ المبدع أن يمضي في دربٍ لم تطأها أرجل المكتشفين ممن هاموا ولم يَهمُوا ، فكانت كتاباتُهم قفراً بلقعاً يمتلىءُ بالسراب ليزيدَ الصدى ,,!.
** كان شكري صِدَامياً حين عرّى الذاتَ أمام الذاتِ فلم يحتمل ذلك من اعتاد التكهفُ خلفَ الأقنعة وبقيت تجربتُه فريدةً أضاءت وأعتمت، ثم أضحت نموذجاً اقتفاه مَن سعى إلى شهرة أو أغراه انتشار ,,!
** لا شكَّ أن المؤرخَ سيجدُ كثيراً مما أهمله التاريخ في روايات شكري أو في مجموع سيرته الذاتية التي استهلّها خبزُه الحافي ثم شُطّاره أو زمن أخطائه وتواصلاً مع كُلِّ إبداعاته اللاحقة,,!.
** والفرق بين الطيِّب صالح في موسم الهجرة ونجيب محفوظ في ثلاثيّته وبين صعلكة شكري أن الأولين قد حكيا مسيرةَ جيلٍ وسيرةَ مدن ، بينما توجّه صاحبُنا إلى نفسه وأعتقها من خداع الإعجاب وتسجيل البطولات الصادقة والكاذبة، فانتقل من التطبيل الى المكاشفة ومن الرمز الى التجريد ,,!
** وإذا كانت هناك محاولاتٌ أخرى في السيرة الذاتية لطه حسين والعقاد واحمد أمين وزكي نجيب محمود وغيرهم فإنها لم ترقَ لمستوى تجليّاتِ شكري في القرن العشرين المتكئةِ على اعترافات جان جاك روسو في القرن الثامن عشر ,,!.
** وإذن فقد كان له الفضلُ كما أن عليه الوزر إذ سبق وتقدّم وسار على منواله القادر والعاجز ، فكان فيهم ذو بيان وبنان وجنان وفيهم المتردية والنطيحة وما أكل السبع والضبع فاختلط الحابل بالنابل وضلّت الرؤية والرويّة ,,!
* * *
5
** أضحت الرواية، السيرةُ الذاتية متصدرةً كل نتاجٍ إبداعي ليتخلف الشعر والقصة والمقالة والطرحُ الفكري إلى المقعد العاشر والعشرين والمئة,,!
** حاولوا ثم حوّروا، ولم يعد الشعرُ ديوانَ العرب بل الرواية ولهم أن يفترضوا كما لنا أن نرفض دون أن ينقصَ موقفُنا من ذيوعهم !.
** هجر الشاعرُ قصيدته، والمفكّرُ صومعته، والكاتبُ أدواتِه، وبدأ هؤلاء في تحرير مخالفاتهم على الملأ فعرفنا في وجوههم وقرأنا من أفواههم أماراتِ التجاوز لكل سائد وتمثلت - أمام متابعيهم - رحلةٌ مترفةٌ ممتلئةٌ بمغامراتِ الليلِ والنساءِ والوتر والسهر ,,!
** هل هي روايات,,؟ بدون شك,,! حين يكون المعيار كميّاً مجرداً,,! ولكنها سردٌ متكلَّفٌ دونجواني لحكايات غاب عنها ضوء البصر ومنطق البصيرة ,,!
** المجال لن يفسح الحديث عن أمثلةٍ محددة، فقد يحين الوقتُ قريباً أو بعيداً، ويبقى أمامنا ألا نُسرفَ في التصفيق للرواية ، فالقارىء كماالكاتب يشتركان في الفرجة على تظاهرةٍ فضائحيةٍ تكشف ما خبأته الأبواب المغلقة داخل عُلب الليل او خلف ستائر الزيغ .
** سيظلُّ الشعر وستمتدُّ الروايةُ وسيطول البحث عن السيرة الذاتية التي لا تبحث عن الإثارة ولا يروِّج لها قلمُ الرقيب !.
***
6
في زوايا التاريخ الشفهي مكانٌ لقياس نقاط التقاطع والتعامد وإحداثيات التوازن والتباين ، وفيها مجالٌ للتحليق في السماء، والهبوط على الأرض ، وحين لا تُروى - بصدق - فإن القيمة الفعلية لناتج العمليات التاريخية ستكون أصفاراً سالبة,,!
** وإذ أحسنت بعض الجهات الرسميّة في محاولاتٍ جيدة لتوثيق التاريخ الشفهي الذي قد يستفيد منه الباحثون ، فإن مبدعينا مطالبون أكثر بتحقيق هذا التاريخ شخوصاً حية يتجسدُ فيها حضور الغائب وعملقة الصغير كما اختفاءُ الحاضر وتقزُّم المتورم ,,!
** هنا فقط يمكن للروايةِ السيرة ان تهزم النصَّ / القصيدة وهو ما لا يلوح في الأفق رغم غياب الشعراء وتواري الشعور !.
* * *
7
** روى التبريزيُّ عن أبي العلاء المعرّي أنه قرأ عليه كتباً كثيرة من كتب اللغة وشيئاً من تصانيفه ولاحظ عليه عدم رضاه عن شعره الذي قاله في صباه المجموع في ديوانه سقط الزند وكان يغيِّر المفردةَ والبيت والقصيدة ,,!
* مدح نفسه فكره سماعه!
** هكذا برّر رهين المحابس الثلاثة موقفه من شعره وهو موقفٌ لا يعرفه الهائمون بأنواتهم ممن يظنُّون أن الكون يدور في أفلاك كلماتهم !.
** والرواية/ السيرة الذاتية أقلُّ شأناً في رصد العملية الإبداعية من القصيدة وإن اتفقت معها في قراءة المرحلية التفكيرية التي تتبدل تبعاً للتغيير المتوقع في صباح العمر، وظهره ومسائه !.
**وإذن فما الذي يمنع كُتّاب السيرة/ الرواية/ التاريخ من إعادة قراءة أعمالهم بعقلٍ فاحصٍ يبحث عن الحقيقة !.
** مشكلة الرواية/ السيرة أنها ستؤخذ شاهداً على العصر ومتى حادت عن طريق حياة الزمن الذي توثِّقه فإنها قد تعطي علاماتٍ مضلّلة، وهي ستشبه - شئنا أم أبينا - الجناية التي قام بها جرجي زيدان في رواياته التاريخية التي خلط فيها عملاً صالحاً وأعمالاً سيئة!.
** ولتدركوا حجم الخلل فلكم أن تسألوا الجيل الذي تابع تلك الروايات مصدقاً ما فيها، معرضاً عن الحقائق الواردة في التاريخ الموثّق,,,!.
** ولأن الرواية/ السيرة تتحدث عن أمكنة حقيقية، وأزمنة محددة، وأشخاصٍ بعينهم - وإن بدّلت في أسمائهم - فإن إمكان الاقتناع بها مصدراً تاريخياً أمرٌ وارد,,!
** ليس فينا من لم يَرُدّ أو يُرَدُّ عليه فهل نعودَ إلى أنفسنا وأقلامنا وقراطيسنا ثانيةً وثالثة وعاشرة مراجعين وربما متراجعين ,,؟!.
* * *
8
** لعلّنا نقترب - الآن - من غاية هذه المقالة، التي تدور في فلك التاريخ الشفهي المهمل الذي غاب عن يراع المؤرخ ويقظة الراصد ,,!.
** مشكلة التاريخ أنه يحتفي بالمتون ومأساته أنه يتجاهل الهوامش ورُبَّ متنٍ لا يستحق ان يكون هامشاً ورُبَّ هامشٍ فاق أمتن المتون ,,؟.
** هذه هي المعضلة الحقة، وهنا تختفي مفاتح الحل ، فالسيرة الذاتية كما سيرةُ المدن والدول مطالبةٌ بالبحث في الشوارع الخلفية لتقرأَ ما لم يقله القَبل !
** لقد كان بإمكان روائيي السيرة أن يتوجهوا إلى الانسان البسيط فينقلوا عنه ما نسيه أو تناساه الإنسان المتفوق أو المؤرخ الرسمي ، ولكنهم آثروا رواج البضاعة ولو حرم الثمن ,,!.
|