لو ان جهة حكومية او استشارية معنية بالشأن الاجتماعي، او مركز بحث علمي متخصص في العلوم الاجتماعية والانسانية، او احدى جامعاتنا العريقة أبدت رغبة في استقطاب كفاءة للاستعانة بها,, فمن ياترى يناسب هذه المهمة؟ وما هي المعطيات المطلوبة للفوز بالترشيح؟
لعل اقصى مايطمح له عند النظر في المرشحين اوالمتقدمين لن يتجاوز ان تكون تلك الشخصية المرغوبة ممن تحمل درجة جامعية، ويفضل من تكون لديها خبرات عملية، وانتهاء باجتياز المقابلة الشخصية رغبة في ان يكون المقاس مناسباً للباس, وستكون الجهة فخورة بحيازة هذه الشخصية المؤهلة ذات الابعاد الثلاثة, ولكن هذه النهاية السعيدة لرحلة البحث عن كفاءة اجتماعية مناسبة لا تبدو انها شاقة، فالشخصيات التي تتوفر فيها الشروط والمواصفات الورادة اعلاه عرضها اكثر من طلبها لاسباب لا تخفى على فطنة القارىء الكريم, ولكن ياترى ما مقدار فخر الجهة لو انها اصطادت من محارة صحراوية لؤلؤة اجتماعية توفرت على مواصفات وصفات ومؤهلات ومناقب موروثة ومكتسبة، وفي خلطة نادرة وعجيبة ومثيرة، وفوق هذه وتلك اجتمعت في شخصية نمت وترعرعت في هذا الوطن الكريم,, ولم تستنشق سوى هواءه، ولم تدلف الا على ترابه,, شخصية حازت المؤهل العلمي بجدارة، ولم تقتصر على التحصيل النظامي بل ان تثقيفها الذاتي يفوق بمراحل محصلة ما تشهد به ورقة فاخرة لا تتجاوز ابعادها 30 21 سم,, الامر الذي منحها نضج رأي، وسعة أفق، وفكراً موسوعياً, ووظفت بايجابية هذا الفكر عند ابداء الرأي، وعند معالجة القضايا الاجتماعية, كما يحسب لهذه الشخصية تلك الواقعية التي تكاد تلامس الارض نتج عنها درجة عالية من المصداقية والشفافية والشمولية في التصور والحكم، والعملية في النظر والمعالجة، واذا كان هناك فئات من البشر الذين حازوا هذه الصفات، وبلغوا تلك المكانات، وارتقوا تلك المنزلات اخذ عليهم نزعتهم نحو التعالي في الخطاب، والتعصب للرأي، والاستئثار بالعمل، وعدم الترحيب بأي منافس خشية ان يخلفه استغناء عنه,, فان مما يسجل لهذه الشخصية ميزة الترحيب بالقادم الجديد، والانفتاح على الآخر: فكراً وحواراً وتقبلاً، بل واطراح حتى بنات افكارها، وتبني افكار الآخرين ومقترحاتهم متى ماكانت منطقية وواقعية وفعالة, بل ان هذه الشخصية ترى ان الاقتيات والاجتزار المستمر للتطبيقات والافكار الاجتماعية دون وعي يعد نقيصة، لان الفكر والعمل والممارسة الاجتماعية - في نظرها- يقوم باستمرار على مبدأ التغيير والتجديد والتطوير، ومواكبة العصر والحدث، ومواجهة المتغيرات من حولنا بشجاعة، والنظر المستمر في البدائل، والا فقد العمل الاجتماعي اهم عناصر حيويته وفاعليته في خدمة المجتمع، ورعاية الجمهور المستهدف خدمته, واذا كان هذا السجل المشرف لهذه الشخصية لا يكفي فلك - ان شئت- ان تضيف اليه حسن الخلق، والقلب العامر بحب الناس، والتواضع والتوازن، والعزوف عن المظهرية، بل ان التعامل اليومي لهذه الشخصية مع من حولها، خاصة في محيط العمل، تمثل اروع صور وسلوكيات واخلاقيات الاخصائي الاجتماعي التي تفوق في مفرداتها مايسمى في العلوم الاجتماعية اخلاقيات المهنية: Code of ethics، فقد لعبت هذه الشخصية دور الاخصائي الاجتماعي المثالي عبر ثلاثة عقود خلت دون كلل او ملل او جمود متوجة خطواتها بانصع صفات العمل الاجتماعي: حضاريةً وانسانية ورقياً وقائماً على السرية والمبادرة والمبادأة، وعلى احترام مشاعر وكرامة الزميل اوالعميل,, فضلاً عن العفوية والتلقائية، والنظر الى الوظيفة الحكومية، خاصة في المجال الاجتماعي، باعتبارها رسالة قبل ان تكون وسيلة كسب عيش او مصدر دخل, واحسب ان هذه الشخصية اعطت الوظيفة - بشهادة من حولها- من جهدها ومالها ووقتها اكثر مما اخذت، لان نبراسها كان دائماً الرغبة في مساعدة الآخرين احتساباً للأجر والثواب ممن لا تضيع ودائعه.
وبعد ، الا تستحق هذه الشخصية ان تحظى بشرف لقب اول خبير اخصائي اجتماعي سعودي ؟ انا اجزم بذلك، ولا اخال القارىء الكريم إلا مثنياً.
ومضة اجتماعية:
فليس على الله بمستنكر ان يجمع العالم في واحد |
* بتصرف من عنوان كتاب لمعالي الاستاذ/ منصور الخريجي