هنيئاً لكَ البيتُ والمِصحفُ
شهيدانِ، أنّكَ ممن وَفوا
يحدَّثك القومُ عن ذي الدُّنا
وأنتَ بأمرِ الدُّنا أعرفُ
تجاوزت في فعلِكَ القائلينَ
وما زلتَ تجري، وقد وقّفوا
ولو أنّهم أسهبوا دهرَهم
بوصفِ صنيعِكَ لم يُسرفوا
تطيعُ اليراعةُ ما أطنبوا
وتجري إليكَ بها الأحرفُ
ألا كلُّ فضلٍ لهُ ناعتٌ
وفضلكَ - مولاي- لا يُوصَفُ
وللمجدِ بابٌ عصيُّ المرامِ
ومجدُكَ من بابهِ أشرفُ
أوجهَ الحضارةِ في زَهوِها
بوجهِكَ يزهو بها الموقِفُ
سَناؤكَ فيضُ سَنا السالفينَ
وبِرُّكَ مِن بِرِّ مَن أسلفوا
يُعيدُ بكَ المجدُ آلاءَهم
وتزهو الدُّهورُ بمن خلَّفوا
كذا، قَد مَضت سُنّةُ الأولينَ
وسَارَ بها في الورى مُنصفُ
صَرفتَ الجلالةَ، لا جاهلاً
وأنتَ الذي عنها لا يُصرفُ
عليكَ من اللّهِ فيضُ الهدى
يلوحُ، فصرتَ بهِ تُعرفُ
يُقاسمُك السيفُ حِلماً أبى
فأنتَ المهلَّبُ، والأحنفُ
اذا زُلزلَ الكونُ عن فتنةٍ
سَيعلمُ مَن زُلزلَ المرجفُ
كمالُكَ، في الضدِّ إذ جُزتَهُ
كميٌّ، وأرحمُ من يَعطِفُ
فحالاكَ، كالصخرِ، لا ناطِحٌ
وكالبحرِ، أعجزَ من يَغرِفُ
قرأتَ الزمانَ، فلا عازبٌ
لديكَ الغياثُ، ولا المخلِفُ
اذا ذُكرَ السيفُ في موقفٍ
فأنتَ بهِ حدُّهُ المرهَفُ
يزولُ به اللَّبسُ إن ألبسوا
ويُفصحُ عندكَ، إن صحَّفوا
تسيرُ بكَ الشمسُ في سَمتِها
وتَضوِي لضوئِكَ، إذ تُكسَفُ
تَشيبُ الليالي وما أدركت
غبارَ الذي أنت مُستهدِفُ
تميسُ بكَ الأرضُ، إذ جئتَها
فيزهرُ من جودِكَ النفنفُ
وتلثمُ منكَ شذا الخالدينَ:
يمينُك، والسيفُ والمِصحفُ