ضوء على مشكلة إدارية,,. هل ينبغي على المدير أن يستقيل لمجرد تغيير منصبه ؟! لا تقدم على اتخاذ أي قرار وأنت في حالة غضب !! |
هل يمكن أن تكون العروض والوعود الشفهية للوظائف بديلاً عن وظيفة قائمة ؟ !!
كان دافيد كيللر ، نائب المدير الاداري لشؤون السلع الاستهلاكية في شركة هايتيكس انتر برايزيس يقلب النظر في بريده ذات صباح يوم جمعة عندما لفتت نظره مذكرة رسمية تتحدث عن عملية اعادة تنظيم واسعة يُعتزم اجراؤها في الشركة.
وقد جاء في المذكرة ، التي كانت بمثابة مفاجئة لكيللر ، بأن وارن جرين ، نائب المدير الاداري لشؤون التطبيقات الصناعية والبالغ من العمر الثالثة والستين قد قرر التقاعد قبل الاوان، وكان كيللر يعرف بأن جرين قد تعرض مؤخرا لضغط هائل من قبل دافيد جريمز بي مدير الشركة العام ومن مجلس ادارتها بسبب انخفاض مستوى ارباح الشركة, فقد شكا له جرين من شدة ذلك قائلا بأنه لا يرى مبررا لحملة النقد هذه التي يعتبرها تدخلا في اعماله.
ومما اثار دهشة كيللر انه بموجب عملية اعادة التنظيم اصبح رؤساء الاقسام الصناعية الثلاثة الذين كانوا مسؤولين تجاه جرين مسؤولين تجاه جريمز بي كما نصت العملية على أن يكون رؤساء الوحدات الثلاث الذين كانوا تابعين لكيللر مسؤولين مسؤولية مباشرة تجاه المدير العام للشركة في المستقبل, وجاء في المذكرة ان كيللر نفسه سيظل محتفظا بمنصبه كنائب للمدير العام ولكن لشؤون التخطيط والتطوير.
وثارت ثائرة كيللر فقام من مقعده واندفع نحو غرفة مكتب جريمز بي ليتحدت له في الامر ولكنه علم بأن هذا الاخير قد ذهب الى منزله ولن يعود إلا بعد عطلة نهاية الاسبوع كما اكتشف كيللر بأن جرين قد اخلى مكتبه وذهب الى منزله في مساء اليوم السابق بعد اجتماع طويل عقده مع اعضاء مجلس الادارة.
واتصل كيللر بزوجته ليعلمها بالامر فما كان منها الا ان اقترحت عليه ان يعود الى المنزل فورا ثم اتصلت هاتفيا بشقيقها وليم ولسون وهو محام يكن له كيللر كل حب واحترام واخبرته بما حدث فما كان منه الا ان حضر لمقابلة كيللر الذي بادره قائلا تصور انني عملت 15 عاما في الشركة وقمت بعملي خير قيام ومع ذلك فانهم لم يفكروا ولو من باب اللياقة ان يبحثوا الموضوع معي قبل اتخاذهم قرارهم هذا.
والتفت وليم الى كيللر وقال له ألا تعتقد ان الشركة ربما تكون تهدف بعملها هذا الى حملك على الاستقالة ؟ وعليه فان انت بادرت بالاستقالة تكون فعلا قد حققت ما يطمحون اليه فاجابه كيللر ربما كنت على صواب فيما تقول ولكنني في نفس الوقت لا استطيع ان اسمح لهم بمعاملتي بهذه الطريقة ان اول ما سافعله عند ذهابي الى العمل صباح يوم الاثنين هو التوجه فورا الى مكتب جريمز بي واعنفه تعنيفا شديدا هذا اذا وجد جريمز بي الجرأة ليحضر الى المكتب بعد كل ما حدث وبعد ذلك فاني سانقل الى نقابات العمل في الشركة والى السلطات الضريبية بعض المعلومات الهامة عن الطرق الملتوية التي تلجأ اليها الشركة في تحويل ارباحها الى شركتنا الفرعية في برمودة تهربا من دفع الضرائب غير ان وليم ولسون لفت نظره الى ان تصرفه هذا قد يحمل الشركة الى الاساءة الى سمعته في ميدان الصناعة والعمل وبالتالي تقليل فرص حصوله على عمل آخر,ورد عليه كيللر قائلا "اعتقد انه لا خوف علي من هذه الناحية فربما تتذكر بأن شركة دريكسيل برودكتس كانت عرضت علي وظيفة جيدة في وقت من الاوقات, وفي الواقع فانها كانت على استعداد لمنحي راتبا اعلى من راتبي في الشركة الحالية ".
وقال وليم ولسون "نعم ، اتذكر ذلك ولكن هذا العرض كان قبل ثلاث سنوات وكما اذكر فقد كانت لديك عدة تحفظات ضد شركة دريكسيل برودكتس آنذاك ",ورد كيللر قائلا "هذا صحيح والواقع فاني اكاد اجزم بأن دريكسيل برود كتس انما عرضت على ذلك المنصب لانها كانت تريد الحصول على بعض المعلومات السرية عن منتجات شركة هايتكيس ولكن في وضعي الحالي فانه اذا كان هذا ما ترغب دريكسيل برودكتس به فليس احب على نفسي من تقديمه ".
فما هي النصيحة التي يستطيع وليم ولسون إعطاءها لصهره ؟.
يبدو ان دافيد كيللر الذي اعمى حب الانتقام بصيرته فاته ان يذكر الحكمة القائلة "لا تتخذ اي قرار او تقدم على اي تصرف وانت في حالة غضب "واسوأ ما في الامر ان الاستراتيجية التي اختارها لنفسه تقوم على 9 افتراضات خاطئة وهي:
* ان طول الخدمة يمكن ان يكون مبررا لانخفاض مستوى الاداء.
* ان الصراخ في وجه الرئيس هو افضل وسيلة للانتقام.
* ان تخلى المرء عن وظيفته فجأة يضر حقا بالشركة.
* ان الخيانة يمكن ان تفيد الخائن.
* ان الانتقام اقوى مفعولا في حقل الاعمال منه في غيرها.
* ان عروض الوظائف الشفهية يمكن ان تكون بديلا للعروض الكتابية الحقيقية.
* ان الاوضاع السيئة يمكن ان تتحسن بمجرد التمني.
* ان فقدان وظيفة هو كفقدان باص - سرعان ما سيأتي باص آخر.
* ان دنيا العمل هي عادة دنيا عدالة وانصاف في المقام الاول.
ان الخيارات المفتوحة امام كيللر كلها صعبة فما الذي عليه عمله يا ترى ؟ قد يكون الاستماع الى نصائح صهره وليم ولسون خير ما يفعله، في بادىء الامر على الاقل، فوليم هادىء الاعصاب وواقعي ويزن الامور بميزان صحيح فضلا عن ان مصلحة صهره تهمه كثيرا ولكن قبل كل شيء على كيللر ان يهدىء من ثورة نفسه بأخذ الامور بروية اثناء عطلة نهاية الاسبوع وبعد ذلك عليه ان يلح على طلب مقابلة دافيد جريمز بي المدير الاداري في صباح يوم الاثنين.
وعليه ان يسيطر على اعصابه اثناء هذه المقابلة والا عرّض وظيفته واية فرص للحصول على وظيفة اخرى في المستقبل للخطر, ولكن عليه ان يحاول معرفة ما تعنيه هذه التغييرات حقاً؟ فاذا كانت مجرد وسيلة لحمله على الاستقالة فعليه عندها ان يسأل جريمز بي عن الثمن الذي تكون الشركة مستعدة لدفعه في حالة تركه العمل فيها طواعية وعن طيب خاطر ، فقد يكون ذلك الثمن مغريا وسخيا وباستطاعة صهره المحامي طبعا ان يساعده في تقييم مثل هذا العرض.
اما اذا كان التغيير في منصبه ناجما عن اعتقاد راسخ مخلص لدى جريمز بي بان كيللر يمكن ان يكون اكثر فائدة في منصبه الجديد فان عليه ان يمحص التفكير في الموقف حتى اذا ما اقتنع به ان يبادر الى قبوله, ومن يدري, فقد ينتهي الامر به الى النجاح.
ولكن حتى اذا ما بدت وظيفته الجديدة غير مغرية فان عليه قبولها لأنه بهذه الطريقة فقط يستطيع ضمان دخل ما ، ريثما يعثر على وظيفة في شركة اخرى.
واخيرا فان قبول كيللر لمنصبه الجديد سينقذ عائلته من دوامة الخوف والقلق التي لابد وان تحل بهم بسبب تركه للعمل في الشركة بهذه الصورة المفاجئة ثم ان فضحه للشركة لدى نقابات العمال والسلطات الضريبية لن يرفع من قدره واحترامه لنفسه ولن يخدم اي غرض اذ لا يعقل ان تقوم النقابات او السلطات الضريبية باعطائه عمولة مكافأة له على افشاء اسرار الشركة ثم اية شركة ستقدم على تعيين موظف سبق له ان افشى اسرار شركته.
وخلاصة القول فانه قلما يكون من الحكمة بالنسبة لرجل ذي اعباء ومسئوليات كبيرة ان يستقيل طواعية من منصب جيد قبل ان يكون عثر على منصب جيد آخر.
|
|
|