خللٌ في تعليمنا الجامعي 2 د, عبدالله ناصر الفوزان |
حاول معالي وزير التعليم العالي في مقاله - مشكوراً- طمأنتنا بتأكيده ان تلك الفجوة التي ظلت ومازالت تتسع عندنا بين التعليم الجامعي والتعليم العام طبيعية، واستخدم لايضاح ذلك أسلوب المقارنة بين نسب المقبولين ونسب الخريجين عندنا وعند بعض الدول المتقدمة صناعياً، ولكن بدلاً من أن تكون مقارنة معاليه مركزة ومقتصرة على جملة من تقبلهم جامعاتنا الثماني تمشياً مع ما أكده في بداية مقاله حين قال: لن أتطرق إلا إلى قطاع الجامعات الذي يتبع وزارة التعليم العالي فإن معاليه قد جعل التعليم فوق الثانوي على إطلاقه فيما يظهر هو محل مقارناته، فقال إن نسبة من يتم قبولهم في الدراسة الجامعية لا تزيد في العادة عن 30% كحد أقصى في الدول المتقدمة صناعياً ثم قارن ذلك بالوضع عندنا فقال: ونحن في بلادنا نتجاوز هذه النسبة كثيراً ونقبل أكثر من ضعفها وحسب أقصى قدرة استيعابية لكل جامعة وقد توحي عبارة معاليه أنه يقصد الجامعات الثماني وحدها فهماً من كلمتي لكل جامعة الواردتين في نهاية العبارة، ولكن لأن هذا غير مستقيم البتة لكون استيعاب الجامعات الحالي لا يصل ولا لنصف النسبة التي قصدها، فلابد أن يكون قصد معاليه جملة قنوات تعليمنا فوق الثانوي وليس الجامعات الثماني وحدها.
وبالصورة التي أوضحها الدكتور خالد قد يبدو الأمر طبيعياً ويدعو للاطمئنان، ولكن لو أخذنا الصورة الأخرى الأصح والأسلم وهي نسبة استيعاب الجامعات الثماني من جملة خريجي وخريجات المراحل الثانوية، لبدا الأمر غير طبيعي ولا مطمئن، وهناك اعتبارات كثيرة تفرض هذا النوع من المقارنة أهمها نوعية التعليم الذي تقدمه بعض القنوات الأخرى غير الجامعات ومستواه، وحجم الدعم المادي الذي يحظى به كما سنوضح ذلك في حلقة قادمة,,,, وإذن فدعونا الآن نتأمل تلك الفجوة التي تتسع بين جامعاتنا الثماني وتعليمنا العام لنرى هل هي طبيعية ومطمئنة أم أنها مقلقة وتستدعي العناية والاهتمام والمعالجة.
تقول تلك البيانات الرقمية التي نشرها معالي وزير التعليم العالي مع مقاله إن خريجي الثانوية العامة من البنين والبنات عام 15/1416ه كانوا 98953 وأن جملة من تم استيعابهم منهم في الجامعات كان 41917 أي أن نسبة استيعاب الجامعات آنذاك 42%، أما عام 16/1417ه فكان عدد الخريجين فيه 113974 وعدد من قُبِل منهم في الجامعات 45922 أي أن نسبة الاستيعاب 40%، أما عام 17/1418ه فكان عدد الخريجين 136693 وعدد المستوعبين 47201 أي أن نسبة الاستيعاب أصبحت 35% أما عام 19/1420ه فكان عدد الخريجين 158655 وعدد المقبولين منهم في الجامعات 43856 أي أن نسبة الاستيعاب أصبحت 28%, أما العام الماضي 20/1421ه فيتضح من بيانات معالي الوزير أن جملة خريجي الثانوية العامة في الدور الأول وهو ما أوضحته البيانات 148337 وقد استوعبت الجامعات منهم خلال الفصل الدراسي القائم حالياً 23%,,,, وهكذا نجد أن نسبة استيعاب الجامعات تناقصت تدريجياً سنة بعد أخرى حيث كانت في السنة الأولى في البيانات 42% ثم انحدرت النسبة بشكل سريع حتى اصبحت في العام القائم 23%.
والمشكلة الكبرى ليس كون النسبة وصلت الى هذا المستوى بتلك السرعة بل في الطريق المنزلق الخطر الذي تسير فيه، فالجامعات كما يبدو واقفة مكانها منذ زمن بعيد تنتظر من الدولة زيادة بنودها المالية حتى تواصل سيرها وتواكب الزيادات في خريجي الثانوية العامة، في حين أننا نعرف أن زيادة البنود المالية للجامعات أو غيرها من الأجهزة التعليمية أمر ليس وارداً في المستقبل القريب على الأقل بسبب حالتنا الاقتصادية الراهنة، واذا ما استمرت الجامعات في موقفها وعلى حالتها الراهنة، فإن هذا يعني قطعاً استمرار انحدار نسبة ما تستوعبه من خريجي وخريجات الثانوية العامة إلى ما هو أقل من 23%، فقد تنحدر النسبة الى 20% ثم الى 15% وقد تصل الى 10% ولا أعتقد أن هناك حداً يمكن القول إنها ستقف عنده طالما أن الوضع سيبقى على ما هو عليه الآن,, فهل هذا مقبول,,؟؟؟
طبعاً لا,,, ولابد من حلٍّ,,, ولابد أن الحل موجود,, والدليل أن غيرنا من الجيران وغير الجيران لا ينفقون على التعليم مثلما ننفق أخذاً في الاعتبار عدد السكان وحجم الميزانيات المرصودة ومع ذلك فنمو الجامعات الحكومية عندهم لايزال يواكب نمو المتخرجين من الثانوية العامة فيما يظهر، بدليل أن تلك الجامعات تتسع لبعض طلبتنا الذين يقصدونها بغرض الدراسة، وبدليل أنها مازالت تتكرم علينا بإعارتنا بعض أعضاء هيئة التدريس فيها فنستفيد منهم شاكرين وممتنّين ومعبّرين بتعاقدنا معهم عن رضانا عن المستوى العلمي لتلك الجامعات ومنسوبيها,, نعم لابد من حلٍّ ولابد أنه موجود,, ولكنه يحتاج إلى بحثٍ ممن يملك صلاحية إصدار القرار.
|
|
|