عندما اجلس مع جدتي لأستمع الى اساطيرها وخرافات العجائز اجد في نفسي لذة واندهاشا، جدتي مثل اي عجوز لديها كنوز من الاساطير والخرافات التي يتحدث بها اهالي قريتنا, ولكن احياناً اجد عندها فلسفات سارتر، ونيتشة وكانظ وهيغل، تقول في بداية حياتها تأثرت بالامام الغزالي في (تهافت الفلاسفة) ثم وبعد ان كبرت تأثرت بابن رشد، والغريب انها تحب قصص (تشيخوف) تقول عندما تخرجت من (الكتّاب) درست في جامعة (السوربون).
عندما قرب موعد زواجي اتيت الى جدتي قبلت رأسها، اجلستني بجنبها اخرجت لي (حلاوة).
قلت لها : كبرت ياجدتي على هذه الامور، قريباً سأتزوج، قبلتني وضمتني الى صدرها.
سألتها: جدتي ماهو الحب؟ ماحقيقته؟
تنهدت واعتدلت في جلستها قالت: يا ولدي الحب هو سر الحياة، وضعت يدها على كتفي، هل تعرف ان الفلاسفة يسمون الحب الكيمياء آه أنا اكره مادة الكيمياء ياجدتي، ولكن لماذا يسمونه الكيمياء قالت لي متفلسفة ومخرفة: ان الذهب النقي لانحصل عليه الا بعد ان يتعرض للنار، كذلك قلب الحبيب حتى ينقى لابد ان يحترق بنار الفراق، من اجل ذلك ياولدي نمنع الرجل ان يرى خطيبته الا في ليلة الزفاف.
اقتربت منها,, جدتي اعطيني حكاية من حكاياتكم عن الحب.
كانت في داخلي سخرية ونشوة ان استمع الى خرافة من خرافاتهم (الاسطورية).
قالت، يقولون انه كانت هناك فتاتان في غاية الجمال، وهما توأمتان كانتا تعيشان بسعادة في هذا الفضاء، وهما لا ينفصلان عن بعضهما وهما الآنستان (H2) نتيروجين، في احد الايام صادفتا شابا في غاية الوسامة والثراء، الجميع يعيش من خير هذا الشاب، تصور يا ولدي لو مات هذا الشاب لم يعش احد في الكون، وهو تعلق قلبه بهما تقدم الشاب (اوكسجين O) للزواج منهما ولفرط حبه لهما وحبهما له قرر ان يتزوج الاثنتين ,,في ليلة واحدة تم الزواج وزادت علاقتهم العاطفية وترابطت جزئيات قلوبهم، وازدادت سرعة نواة مشاعرهم،والكترونات حبهم، حتى تحولوا الى عنصر واحد اطلقوا عليه (H2O)اكسيد الحياة وسر الوجود (الماء).
ابتسمت جدتي اذا اردت ياولدي ان تتذوق طعم الحب اشرب الماء وانت في ذروة العطش هذا هو لذة الحب, نظرت اليها ولماذا ياجدتي الماء؟؟ سأتزوج قريباً واكون اكسيد الحياة مع زوجتي.
ابتسمت بسخرية، ولم تنطق بأي كلمة.
سألتها
جدتي: وهل كان جدي هو السيد (اوكسجين O) الذي بحثت عنه.
قالت بكل برود: جدك وأي زوج لم يكن سوى (ثاني اكسيد الكربون CO2) رحمه الله.
ضحكت من كلام هذه الجدة الفيلسوفة المخرفة وبعد ان تزوجت عرفت ايضاً ان زوجتي وأي زوجة (ثاني اكسيد الكربون CO2).
هاني الحجي
***
**سنتجاوز مع صديقنا هاني الحجي ونسمي ماكتبه قصة قصيرة رغم انه اقرب للخاطرة الوجدانية،وقد تعودنا من صديقنا هاني كتابة قصصية جذابة وممتعة.
اما بالنسبة لمن فلسفات جدتي فيتضح من العنوان انها حوارية مع الجدة التي ترمز الى التاريخ والتراث والتجربة المتراكمة عبر السنين,, وقد وفق صديقنا في ادارة الحوار مع الجدة ليصل في النهاية الى قناعة تامة حول الحب والزوجة؟!!