الساحة التعبيرية ليست حكراً على احد والفكر الانساني المتجدد ابداً ليس وقفاً على اشخاص معينين لذلك فإن العطاء الفكري لاينطبع بدون مميز يحدده نفر من المفكرين المتخصصين او الذين يرون انفسهم متخصصين في مجال العمل التعبيري ونقده وتقويمه من جميع النواحي,, والساحة التعبيرية ملتقى المواهب الابداعية تتقبل مختلف العطاءات الخلاقة المتجددة من اي مفكر اوشاعر,, او كاتب مبدع,, والمعبرون يختلفون من حيث التفكير والسبر والتعبير وان اتفقت نظرة بعضهم مع بعض فلا يعد ذلك امرا حتمياً تتطلبه النظرة النقدية وبالمقابل فينبغي ألا يعد الاختلاف في الرؤية شذوذاً عن قاعدة معينة لان الذوق الفني له دوره الكبير في هذا المجال.
لناخذ نموذجاً مؤلفاً معينا لشاعر,, او كاتب معين ,, يتناوله كثير من النقاد رغم اختلاف رؤاهم وطريقة تناولهم وكان اتفاقهم على ايجابية هذا المؤلف وتقبله,, والاشادة بإبداع مؤلفه,, وروعته اسلوباً وفكراً وهدفاً,, وجاء معبر آخر (نقد) فتناول هذا المؤلف من نواح اخرى تختلف عن الجوانب التي تناولها به الآخرون تختلف رؤيته عن رؤيتهم,, مثلاً,, كان تناول هذا الناقد من جانب التعامل الحضري مع الكلمة او ركز على هذا الجانب بالذات وجاء ناقد آخر فيخالف نظرة النقاد الكلاسيكي في طريقة تناولهم ونقدهم فتناول الكتاب تناولاً شمولياً,, ابتداء من رسمة الغلاف وطريقة الاخراج ثم طريقة التناول والاسلوب والفكرة,, وتطرق للجوانب الانسانية,, الخ.
ماهو موقفنا من هذا الناقد الذي خرج بطريقة تناوله عن المفهوم السطحي وشذ به توقعات الاخرين وطريقتهم في كل المدائح والاشادة والتمجيد بالمؤلف وصاحبه بدافع من العاطفة والمجاملة,, او العكس من ذلك بعيداً عن ابسط معاني التعامل بامانة مع الحرف والكلمة,, هل نرفض هذا المعبر لانه اتى بجديد,, او خالف طريقتنا ورؤيتنا في التناول النقدي,,؟
في بداية طرح الاجابة على مثل هذه التساؤلات لابد لنا ان نثبت هنا ان الساحة الفكرية والتعبيرية في كياننا ومحيطنا ينبغي ان يكون التجرد والصدق والتعقل في مقدمات اسس التعامل المثالي مع الكلمة التعبيرية لذلك يجب ان يكون موقفنا من العطاءات الابداعية موقف المفكر المتجرد المتأني في الحكم ينبغي ان تكون نظرتنا الى العطاءات الجديدة المبدعة والمشاركات الواعدة اعمق بعداً,, وارحب افقاً,.
الرأي موقف,, ولكن اذا فوجئنا برأي مغاير فينبغي قبل اصدار الحكم عليه ان ندرسه ونتعامل معه برحابة وعمق وتجرد بعيداً عن المنزلقات والتشنجات العاطفية,, والذاتية.
ومادامت العطاءات والاراء الفكرية قابلة للتجديد فلماذا لايكون لدينا اقتناع بان اي موقف ادبي او رؤية فكرية اكثر عرضة وتقبلاً للتجديد,,؟
ابراهيم محمد الجبر- ثرمداء
**مازلنا نشيد بصديقنا المميز ابراهيم الجبر في كتاباته (المقالية) التي تتألق يوماً بعد يوم,.
وفي مقالته ( لماذا نرفض الرأي المغاير؟!) يطرح موضوعا سبق ان طرح عدة مرات من قبل كثير من الادباء والكتاب,, ولكن الجديد ان صديقنا استطاع ان يصوغ رأيه حول هذه المسألة بشكل مختلف وان كان يتفق مع كل الاراء الاخرى في ان اختلاف الرأي لايفسد للود قضية.