د, نبيل ياسين معد ومقدم برنامج المقهى الثقافي في ANN : أغلب برامج الفضائيات تختار ضيوفها بارتجال |
حوار : صلاح مخارش
* مع تعدد القنوات الفضائية وانتشارها تعددت البرامج الحوارية الهوائية واصبح محل جدل وفي نفس الوقت كان منها ماهو جيد ومنها ما لا يصلح للبقاء!!
وللدكتور نبيل ياسين الشاعر والاعلامي برنامج المقهى الثقافي في قناة ANN التي تبث من لندن رأي واضح وصريح في هذا الموضوع وكذلك في برنامجه الذي يعنى بالثقافة ومشكلات المجتمع العربي فكان لنا معه في الفنية هذا الحوار:
* برنامجك المقهى الثقافي برنامج جديد, الا تعتقد ان البرامج الثقافية في القنوات الاخرى استهلكت العديد من المواضيع والافكار؟ كيف ستستنبط الجديد المرغوب؟
- المقهى الثقافي يطرح نفسه كبرنامج جديد من حيث الاسلوب والمحتوى, نعم, لقد استهلكت البرامج الثقافية نفسها لانها التزمت بمفهوم ان الثقافة كمفهوم واسع وشامل يخص الاطار الذي يعيش داخله المجتمع العربي, ولذلك فانه لا يسأل الشاعر ماذا كتب وبمن تأثر وماهو جديده؟ انه يطرح مشكلات المجتمع العربي ومشكلات المواطن العربي والمواطن لان الثقافة لا تصنع هوية الفرد والمجتمع فحسب وانما تساهم في الكشف عن العوامل التي تساهم في تقدم او تخلف المجتمع, فداخل اطار الثقافة يتم التعبير عن الذات وعن الهوية وداخل اطار الثقافة تمارس انماط السلوك والتفكير وطرق العيش واقامة العلاقات مع الآخر ومع العالم، ولذلك تناولنا في البرنامج موضوعات وليس اشخاصا, فناقشنا علاقة السياسة بالثقافة وتساءلنا ما اذا كان المواطن العربي بحاجة الى ثقافة مسيسة ام لا؟ بحثنا دور المثقف في تسييس المجتمع، كما ناقشنا علاقة الحرية بالثقافة وما اذا كانت الحاجة الى الحرية السياسية هي نفسها الحاجة الى الحرية الثقافية, فضلا عن ذلك ناقشنا مستقبل الثقافة والكتاب في عصر التلفزيون والانترنيت والعولمة وموقع المجتمع العربي والمواطن في هذا الشأن وكيف يصنع التلفزيون اليوم ثقافة العائلة والفرد, هل هو حقيقة ام ادعاء, والثقافة والاعلام, وهل هناك فكر عربي ام ان الفكر العربي تنويع وتقاسيم على الفكر الغربي وغيرها من موضوعات تتعلق بوضع المجتمع ومعاناته.
الجديد اذن هو ملامسة حاجات الناس والكشف عما يعانونه ثقافيا, واعتقد بتواضع ان الحلقات الاولى من البرنامج قد وضعت هذا الاساس الذي كشف عنه اقبال المشاهدين على مشاهدة البرنامج.
* لم نر خطا واضحا للبرنامج, هل هو مختص بالادب بأنواعه ام بالقضايا الاجتماعية؟
- خط البرنامج واضح, سواء كما عرضت حلقاته او كما بينته قبل قليل في السؤال السابق, خط البرنامج يقوم على اساس ان الثقافة تشمل قطاعات واتجاهات متعددة في المجتمع وليست هي الادب والفن وحدهما, الا تعتقد ان المعمار واختيار الناس الذوقي لانماط معمارية يقوم على اساس ثقافي؟ والا تعتقد ان الجدل اليومي الذي يدور بين الناس حول السياسة سواء في البيت او المقهى او محل العمل او المؤتمرات لا يخلو من اساس ثقافي؟ كذلك الا تعتقد ان الاسرة التي تجلس امام التلفزيون او تقدم لاطفالها كتبا وترعى تعليمهم الابتدائي والثانوي والجامعي تعاني من مشكلة ثقافية؟ وغير ذلك كثير بالطبع, اذن بهذا المفهوم فان المقهى الثقافي برنامج ثقافي شامل يقوم على رؤية واسعة لمشكلات المجتمع وهذه المشكلات تقوم على اساس ثقافي.
* تواجد اكثر من ضيف في الاستديو وعلى الهاتف خلال خمسين دقيقة، هل الوقت يكفي لكل هؤلاء الضيوف مع تعدد المواضيع في الحلقة الواحدة؟
- ابدأ من آخر السؤال, هناك فقرات متعددة في البرنامج وليس تعددا في المواضيع هناك مثلا فقرة قراءة في كتاب حيث يقوم ناقد او كاتب او باحث بعرض لكتاب يختاره هو ويعرف المشاهدين بموضوعه ومحتواه, وهذه تستغرق عادة ما بين ثلاث الى خمس دقائق, وهناك احيانا فقرة لتقديم ريبورتاج لخمس او سبع دقائق عن شاعر او رسام او معماري او كاتب او حدث ثقافي, مثلا قدمنا ريبورتاجا قصيرا عن اغلاق المكتبات وعلاقة ذلك بالكتاب وتدهور الوضع الثقافي، كما قدمنا ريبورتاجا عن اهمية وسائل حفظ المخطوطات وغير ذلك.
اما الضيوف فتواجد اكثر من ضيفين امر يتعلق بموضوع الحلقة.
ينطلق البرنامج من اهمية الموضوع ويختار ضيوفه على اساس علاقة الضيف بالموضوع, وأود ان اشير الى ان البرنامج ابتعد كثيرا عن القوائم المعدة لدى بعض البرامج خاصة السياسية حيث يتكرر الضيوف الذين يتحدثون في كل موضوع وفي كل حدث, المقهى الثقافي يأخذ بنظر الاعتيار تعدد الاجيال الثقافية وتنوع المواقف والتيارات والاتجاهات وهو حيادي ازاء الظواهر والاسماء والتيارات ولا يستبعد احدا, فهو معني بالكلاسيكية والحداثة معا, وهو معني بالاسم اللامع والاسم الذي لم تتوفر له فرص الضيوف والتعبير عن الذات, والبرنامج ينظر الى خارطة ثقافية واسعة تتواجد فيها كل البلدان وكل الاسماء, ووجود مثقف على الهاتف مع ضيوف الاسماء اضافة نوعية وليست كمية, فمن لا يتواجد في لندن لا يخسر حقه في التعبير عن مواقفه وآرائه ولا نخسر نحن مشاركته الجادة في مشكلات امته وشعبه ومجتمعه.
اعتقد اننا قدمنا ضيوفا معنيين بالهم الثقافي الاجتماعي بشكل مباشر, اذكر منهم على سبيل المثال عبدالرحمن الراشد رئيس تحرير الشرق الاوسط وتركي السديري رئيس تحرير الرياض وسمير سرحان رئيس الهيئة العامة للكتاب والناقد ابراهيم العريس والشاعر محمد علي شمس الدين وشوقي عبدالامير المشرف على مشروع كتاب في جريدة والمفكرة الاسلامي حسن حنفي والدكتور محمد الرميحي رئيس تحرير العربي والكاتب علي الصراف والصحفي خالد القشطيني وغيرهم.
اما الوقت فعلينا استغلاله وتقسيمه بعدالة قدر الامكان بين الضيوف,
ومطلوب من المثقف طبعا التركيز والتعبير عن الرأي بوضوح وكثافة, فالمشاهد في نهاية المطاف غير مستعد باستمرار لسماع شروح واستطالات كلامية واعتقد ان خمسين دقيقة وقت طويل لقول اشياء كثيرة, وأود ان اقول ان قناة ANN قدمت مبادرة رائدة حين خصصت خمسين دقيقة لبرنامج ثقافي من هذا النمط.
* ضيوف البرنامج هل يتحدثون في اختصاصاتهم ام انك تعتمد على المثقف في طرق مواضيع مختلفة؟
- هذا السؤال مهم جدا من وجهة نظري، لا كمعد ومقدم برنامج ثقافي فحسب وانما لكوني من العاملين في الوسط الثقافي من خلال كوني شاعراً وكاتبا ايضا, مع الاسف هناك سهولة وارتجال في اختيار الضيوف في اغلب برامج الفضائيات, وهناك تكرار سببه قوائم معدة سلفا يدعى المسجلون فيها للحديث عن اي موضوع دون اختصاص او فهم احيانا, وبالطبع هناك ابعاد او الغاء للآخرين, وهناك ضيوف يتنقلون من قناة الى اخرى يتحدثون في كل شيء من السياسة الى الدين الى حقوق الانسان الى التعددية والمجتمع المدني وحتى صناعة الاثاث اذا دعوا الى ذلك.
فيما يتعلق بضيوف المقهى الثقافي هناك اسس اراعيها شخصيا, من جهة، القناة تركت لي حرية اختيار الضيف ومن جهة اخرى احاول رسم معالم الشخصية المناسبة للموضوع, اضافة الى ذلك هناك مثقفون كثيرون يصلحون للحديث لم يسلط عليهم الضوء ومن حقهم التعبير عن مواقفهم وآرائهم, وانا اعتقد ان بعض المثقفين يصلحون للحديث في مواضيع مختلفة بسبب تنوع اختصاصاتهم وشمولية ثقافتهم ومع هذا اتجنب التكرار حتى الان, ويساعد على ذلك ان هؤلاء المثقفين يلمسون المشكلات التي يطرحها البرنامج.
* قراءة او تقديم الاصدارات الجديدة ماتزال قراءات للكتب الثقافية فقط, ألم يقتنع المثقف العربي ان الكتب العلمية اصبحت قاسما مشتركا مع الثقافة؟
- لا اعتقد ان الكتب العلمية يمكن ان تكون موضوعا للقراءة والتقديم في البرنامج.
نحن نأخذ الثقافة بمفهومها الشامل من التاريخ والفكر السياسي والفكر الاجتماعي والادب والعمل الاكاديمي وعلاقة ذلك بالمجتمع والمواطنين, صحيح ان العلم مظهر المعرفة المادي الملموس ولكن الجانب الثقافي للمعرفة اوسع واشمل, التكنولوجيا تدخل في الثقافة حين تجلب ثقافتها معها ومنها ثقافة الاستخدام والاستهلاك, اذا وجد اصدار يتعلق بهذا الجانب فنعم, علينا ان نعتبره قاسما مشتركا مع الثقافة, اما اذا كان يتعلق بالمكائن والرياضيات فمن الصعب ادراجه فيما هو ثقافي اجتماعي وروحي, و مع هذا ناقشنا التلفزيون والكمبيوتر والانترنيت ومستقبل الثقافة.
|
|
|